أثناء حرب إسرائيل على لبنان في الصيف الماضي كتبت مقالة عن تلك الحرب وبينت في المقالة يومها أن الخاسر الأكبر من هذه الحرب هو الشعب اللبناني وكان يومها هناك أكثر من ألف قتيل وأكثر من مليون مواطن لبناني نزح عن دياره بحثا عن الأمان في دولة منهكة اقتصاديا وسياسيا، وبعد انتهاء الحرب قام حزب الله ومعه مثقفون من أصقاع الوطن العربي بالإشادة والتبريك لشعب لبنان خاصة وللشعوب العربية عامة على الانتصار الإلهي المزعوم على دولة إسرائيل ولم تتبق لا قناة فضائية ولا محطة إذاعية إلا وبينت أن العرب قد كسروا أنف اسرائيل ومرغوه بالتراب·
وقام حزب الله بعمل احتفال كبير وحاشد بمناسبة النصر الإلهي! لكن الأيام التالية أتت حبلى بالمفاجآت غير السارة للشعب اللبناني·
فقد قام حزب الله ومعه بعض الأحزاب اللبنانية بالدخول في صراع الكراسي الوزارية بحجة أن الحكومة لا تمثل الأغلبية وأن الحكومة مدعومة من الشيطان الأكبر أمريكا، وأن هناك زعماء احزاب وطوائف لبنانية كانوا يريدون القضاء على حزب الله بأي طريقة والقضاء على المقاومة الباسلة بهدف التقرب من إسرائيل وأمريكا·
وبالفعل قام الوزراء التابعون لحزب الله وحركة أمل بالاستقالة من مناصبهم بحجة أن رئيس الحكومة غير قادر على إدارة دولة وأن له مصالح مع أمريكا وخير دليل سلامه ومصافتحه وزيرة خارجية أمريكا كوندليزا رايس وتبعوها بخطوة ثانية تصعيدية من خلال النزول الى الشارع والاعتصام حتى يحققوا الهدف من الاعتصام وهو استقالة رئيس الحكومة مع باقي الوزراء وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهذا ما رفضه رئيس الوزراء اللبناني قائلاً: إن السبيل للخروج من هذه الأزمة هو الجلوس مرة أخرى على طاولة الحوار لحل المشكلات العالقة لا النزول الى الشارع وفرض آراء الشارع على باقي الشعب، وللأسف من الشهر الماضي الى اليوم، والمعتصمون في الشارع، يرفعون شعار إما الاستقالة أو الاعتصام لأننا الأغلبية والفريق الآخر يرفع شعار لا لفوضى الشارع والتدخلات الخارجية ونحن الأغلبية، لتستمر الحرب الكلامية بين الفريقين، هذا للأسف ما يحدث في لبنان أما في فلسطين فالحال أسوأ لأن هناك قتالاً ما بين حركة حماس الدينية وحركة فتح، وسبب هذا القتال هو أن حركة حماس تريد أن توسع صلاحياتها مخالفة بذلك الدستور وتريد أن توسع العمليات القتالية ضد إسرائيل ولا تريد الاعتراف باتفاقية السلام الموقعة بين إسرائيل وفلسطين مما خلق نوعاً من الحنق الشعبي على حكومة حماس والتذمر من عدم دفع الرواتب للفلسطينيين لأكثر من ثمانية أشهر وسبب كل هذا القتال هو دعوة الرئيس الفلسطيني لإجراء انتخابات نيابية مبكرة وهذا ما اعتبره رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية تدخلاً سافراً ووقحاً بأعمال الحكومة معتبراً أن الحكومة قد تم انتخابها بمشيئة إلهية وأن الله يريد لهذه الحكومة أن تستمر حتى تحرير التراب الفلسطيني من الاحتلال لكن ما يحدث اليوم من قتال الشوارع بين أنصار حركة حماس وحركة فتح ينفي نفيا قاطعاً أن حماس وفتح تريد تحرير فلسطين وما يقال عن التحرير ما هو إلا مجرد شعارات غوغائية فارغة للاستهلاك الشعبي، وبالنهاية قد يتساءل البعض ما دخل عنوان المقالة بما يحدث من أحداث داخلية في لبنان وفلسطين·
وجوابي هو: بعد كل هذه الأحداث والاعتصام ولغة التخوين ما بين الفرقاء في لبنان وبين ما يحدث في فلسطين من قتال شوارع وقتل الأطفال والاعتداء على البيوت وحرق للسيارات·· الخ، من هذه الأعمال يخرج علينا بالقنوات الفضائية بالإذاعات ناس يدعون الثقافة ويقولون أن كل هذا القتال وكل أسباب عدم استقرار لبنان وانهياره اقتصاديا وسياسيا هو بسبب مخطط إسرائيلي·· والله كريم· |