عندما يخطىء شخص ما ويعود عن خطئه ويعتذر يُقال عن هذا الشخص إنه إنسان ذو حياء أخلاقي وإنه شخص شجاع لأنه اعترف بخطئه·
أما إذا كان هناك شخص يخطىء ولا يتوب عن هذا الخطأ ويكابر ويجاهر بالخطيئة فيقال عنه شخص قليل الحياء، لأن قليل الحياء لا يتورع عن الكذب والنفاق لتبرير أفعاله المشينة التي لا يقبلها الشخص السوي، لكن أن تقوم جماعة بالكذب على الناس والتبرير لمشروع أو مقولة معينة صدرت عن أحد أتباع هذه الجماعة فهذا يسمى وقاحة لإصرارهم على الكذب اتباعا لمقولة وزير الإعلام الألماني غوبلر (اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس)· وخير دليل على ما أقوله ما سأذكره من مواضيع تعبر عن قلة الحياء:
أولها هو ما نشر في الأسبوع الماضي بالصحف، إعلان شكر (شكراً للسلطتين) وكان موقعا من عدة جمعيات إسلامية تشكر فيه السلطتين لإقرارها قانون الزكاة 1% وإعادة إحياء هذا الركن من أركان الإسلام، وبدوري تساءلت بالمقال السابق من أي فقه أو مرجع أتيتم بهذه النسبة للزكاة؟ أم أنكم بهذا الإعلان تريدون الكذب، وهذه الحقيقة، على الناس بأن قانون الزكاة سيطبق على الشركات وأن البلد سيزدهر من جراء جبايتكم لأموال ما يسمى بالزكاة؟
أما الموضوع الثاني فهو خبر قد سمعته بإذاعة (البي· بي· سي) بأن هناك مرشحة بحرينية للمجلس النيابي البحريني تقدمت بشكوى ضد مرشح آخر قام وبمساعدة أحد الأشخاص من الكويت بتحريض الناس على عدم التصويت لهذه المرأة والنساء الأخريات بحجة أن ذلك يخالف تعاليم الإسلام، وأن نزول المرأة للانتخابات حرام ولا يجوز شرعا، وقام هذا الشخص بتوزيع الفتاوى والأشرطة التي جلبها معه من الكويت على الناس لتدعيم موقفه بأقوال شيوخ دين حتى لا يحاسبه أحد لأن ما يقوله هو عبارة عن رأي الدين، وسؤالي لهذا الشخص ماعلاقتك بانتخابات برلمان البحرين حتى تذهب الى هناك ولمرشح معين لتوزيع أشرطة وفتاوى على الناس ضد نزول المرأة للانتخابات؟ وطبعا باركت للأشخاص الذين قاموا بتكسير لوحات هذه المرشحة لأنهم يقومون بإزالة المنكر من على الطريق، وللأسف هذا الشخص معروف بالكويت باستخدامه للمنبر يوم الجمعة ضد أي مرشح ليس على هوى وتيار هذا الإمام الملقوف فقرر نقل نشاطه للدول المجاورة·
أما الموضوع الثالث والأخير عن قلة الحياء· فهو إعلان نشر بالصحف والشوارع عن حملة لتعزيز الوسطية بالإسلام تحت شعار (حاضرين) وهذه الحملة استمرار لحملات أخرى كانت بالسابق تحت شعار (إلا صلاتي) و(يعجبني حياؤك) واقترحت أنا شعار (إلا عباتي) لكنهم لم يأخذوا به لا أعلم لماذا؟! المهم هذه الحملة المكلفة والتي تقدر بمئات الألوف من الدنانير تحث الناس على الوسطية في الإسلام والرقي في التعامل مع الآخرين وعدم الرد على الإساءة إلا بالإحسان·· إلى آخر ذلك من شعارات لا تعد ولا تحصى باسم الوسطية· لكن عند النظر للأشخاص الذين يقومون ويشرفون على الحملة تراهم يلغون الآخر من المسلمين الذين ليسوا على سنتهم ويحرمون السلام الوطني بالمدارس ويحرمون السلام وإلقاء التحية على أهل الكتاب ويحرمون تهنئتهم بأعيادهم حتى أنهم الى هذا اليوم لم يدينوا الاعتداءات التي حصلت بأمريكا ولندن وإسبانيا، بالعكس يباركون ويفرحون لما حل بهذه الدول من تدمير وقتل للنفس وترويع للأشخاص الآمنين تحت حجة أن من قام بهذه الأفعال هو شخص مجاهد في سبيل الله وشهيد، لأنه رفع راية الإسلام ولم يحسب للدنيا ومتاعها أي حساب، ناهيك عن شماتتهم عندما تحل بهذه الدول الكوارث الطبيعية ويسوّقون لها تحت شعار (غضب إلهي)·
هذه الأمثلة الثلاثة هي غيض من فيض صدرت عن تيارات وأشخاص يدعون أنهم أهل فضيلة وتقوى، لكن بالمقابل نراهم يستعملون الكذب وبكل وقاحة لتبرير أفعالهم تارة تحت شعار إحياء أركان وشعائر الإسلام، وكأننا نعيش بدولة حديثة العهد بالإسلام أو من باب درء المفاسد، لذلك ترى الإمام وغيره يذهبون للدول المجاورة لفرض آرائهم على الناس·
أما ثالثة الأثافي في هو تسويقهم لشعار الوسطية وهم بعيدون كل البعد عن الوسطية والمضحك أنهم أقاموا مؤتمراً بأمريكا للتعريف بالإسلام ووسطيته! لكن أقول للحكومة الأمريكية لا تصدقي هؤلاء الأشخاص والدليل ارجعي لتصريحاتهم ومقالتهم السابقة وسترين العجب العجاب عن إحلال سفك الدماء والترويع وغيرها من الأمور البعيدة عن الموضوع الذي ذهبوا إليه· والله كريم· |