يظهر عزيزي القارىء أن شهر سبتمبر شهر السخونة العالمية بين الأمم والخروج بمظاهرات حاشدة بالشوارع وحرق الأعلام والدمى، فقد كان شهر سبتمبر في العام الماضي البداية لهذه الاحتجاجات والصراخ من أدنى الأرض إلى أقصاها، وذلك كان بسبب الرسوم المسىئة للرسول (ص) بالدنمارك واتهام الدنمارك بأنها تريد النيل من الإسلام والمسلمين إلخ· أما هذه السنة فقد صرح بابا الفاتيكان في إحدى الجامعات في ألمانيا أن الإسلام جاء بالسيف لا العقل، وأنه دين إرهاب وترويع للنفس البشرية من خلال عقيدة الجهاد· وكان البابا ينقل كلاما على لسان أحد قياصرة بيزنطة إلى عالم مسلم فارسي، وكانت نتيجة هذه التصريحات اشتعال حرب البيانات والتنديد والشجب والاستنكار من المسلمين ولهم الحق في ذلك ما دام أن البابا أخطأ من وجهة نظرهم، لكن لأقل شيء قد يكون بالصميم، ماذا فعلنا نحن المسلمين للمسيحيين حتى يقول البابا ومن قبله، راسم الكاريكاتير بتصوير الرسول (ص) والمسلمين بأنهم إرهاربيون وسفاكو دماء؟ وما سبب تخوف المسيحيين سواء مسيحيي المشرق أو المغرب من المسلمين وعدم الأمان لهم؟ ونظرتهم لنا بأننا شعب يحب القتال على الدوام وسلب الأراضي؟ لماذا؟ الجواب بسيط جدا، لأننا أعطينا هذا العذر وهذا التخوف للمسيحيين وأصحاب الديانات الأخرى بسبب تصريحات رجال الدين المسلمين أنفسهم، قد يقول أو يتساءل القارئ كيف؟ وأقول إن رجال الدين عندنا بعد كل صلاة جمعة يقوم الإمام بالدعاء على أتباع الديانات الأخرى بالهلاك والفناء وحرق نسلهم وتشتيت شملهم·
ويقوم رجل دين آخر بإصدار الفتاوى بأن اليهود والمسيحيين كفار لا يجوز موالاتهم ولا صداقتهم بل يجب على المسلمين قتالهم حتى ترتفع راية الإسلام عاليا، وآخر يصرح لوسائل الإعلام بأنه يجب أن يعتنق الكفار ويشمل بذلك المسيحيين الإسلام وإلا يكون جزاؤهم الطرد من ديار الإسلام أو دفع الجزية وهم صاغرون، أما عند حدوث كارثة طبيعية كإعصار أو زلزال في أوروبا أو أمريكا فنرى ونسمع العجب العجاب من رجال الدين من خلال تصريحات مملوءة بالشماتة والتشفي على ضحايا هذه الكارثة ووصفهم بأنهم السبب الرئيسي لهذا الغضب الرباني· ناهيك عن الأعمال الإرهابية التي قام بها مجموعة من المسلمين في أوروبا وأمريكا أو أي مكان يتواجدون فيه بحجة الجهاد، حتى أن أحدهم ابتكر طريقة جديدة للذبح من خلال الذبح بالسكين كما تُذبح الشاة ليقول عن هذه الطريقة المبتكرة بأنها من السنن الحميدة وعرضها على شاشات التلفاز لإيقاع الرعب في قلوب المشركين، إلى أن تم قتل هذا السفاح وهو بالمناسبة (الزرقاوي) سيئ الذكر·
بعد هذه الأمثلة البسيطة عزيزي القارىء وهي نقطة من محيط، ماذا تريد لصورة الإسلام أن تكون لدى الغرب؟! ولماذا تريد من المسيحي أن يتقبل المسلم وهو يرى ويسمع ماذا نقول عنه؟ والشيء الآخر وهو نتيجة طبيعية لهذه الصورة المرعبة عن المسلمين هو بروز تيارات متشددة عند المسيحيين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى بالعمل على تحقير وسب الرسول (ص) والمسلمين والمطالبة بعدم دخولهم لأراضيهم والقيام بالاعتداء عليهم، لأن كل رجل دين يخاف على دينه من الهجوم عليه وإصدار فتوى تجيز قتله، فيقوم هو بإصدار فتوى أخرى مضادة يجيز إيذاء المسلمين ليضمن البقاء هو وأصحابه وهذا من فطرة الإنسان·
وأخيرا لابد أن نعي وندرك جيدا أن هناك صراعاً بين الأديان في وقتنا الحاضر وهو امتداد لصراع قديم جدا هدفه السيادة على البشرية وأنهم أصحاب الحق المطلق أو لنسمهم: (السائرون على طريق الحق المنزل من السماء) ليمتد هذا الصراع الى ما شاء الله ويستخدم فيه جميع الوسائل لفرض وجهة نظر الآخر وإن كانت بالقوة· والله كريم· |