بعد أن أسدل الستار على محاكمة طاغية العصر بصدور حكم الإعدام وتنفيذه شنقا في أول أيام العيد·· خرجت بعض النقابات والجمعيات المهنية في مصر والأردن واليمن منددة ومستنكرة وشاجبة عملية القصاص تلك وملأ القائمون على تلك الجمعيات والنقابات الدنيا صراخاً وعويلاً ونباحاً معتبرين أن ذلك المجرم هو شهيد للأمة العربية!! كيف ولماذا لا نعلم، أستغرب أن يكون هؤلاء محامين وأطباء ومهندسين ومن المفروض وأن لديهم الحد الأدنى من العلم والثقافة والاطلاع·· ألا يعلم هؤلاء المرتزقة أفعال وأعمال ذلك المقبور من قتل وذبح وغزو ودمار ومقابر جماعية لآلاف البشر الذين ذبحوا دون أن تتوافر لهم أدنى مقومات المحاكمة العادلة والإنسانية·
لا أفهم كيف يدافع بعض محامي مصر ورئيس نقابتهم عن مجرم ودكتاتور حكم شعبه طوال تلك السنين بالحديد والنار الى أن أبادهم بالكيماوي وبلا رحمة أو شفقة أو إنسانية وهل يوجد حاكم قد فعل ما فعله ذلك السفاح في العصر الحديث·
أين محامو مصر والأردن واليمن من تلك الجرائم؟ ولماذا لم يتدخلوا أو يترافعوا عن أهالي هؤلاء الضحايا الأبرياء كمدعين بالحق المدني مشاركين الادعاء العام بالمطالبة بتوقيع أقصى العقوبات على ذلك المقبور؟!
هؤلاء المحامون يا إخوة ينطبق عليهم المثل المصري "سابو الحمار ومسكوا البردعة" وقد اختلفوا واستنكروا منددين بإعدامه في يوم عيد، وأقول وهل فرق المجرم في قتله لضحاياه بين يوم وآخر؟! وهل كان المجرم يعرف أي معنى للعيد؟!
كم كنت أتمنى أن يكون هؤلاء قد عاشوا وجربوا أفعال صدام وزبانيتة لأرى كيف يمكن يا ترى أن يكون موقف رئيس نقابة مصر الذي هو رئيس اتحاد المحامين العرب وكيف يكون موقف رئيس نقابة الأردن أو اليمن لو أن أشقاءهم أو أبناءهم أو آباءهم قد أبادهم صدام دون محاكمة أو قد ذبحهم أمام أعينهم وألقى بجثثهم أمام منازلهم؟!
لقد ابتلينا يا إخوة بمجموعة من الجهلاء مع الأسف يطلق عليهم الشارع العربي·
ولا أستطيع أن أفهم كيف يترحم الشارع على قاتل مجرم سفاح؟! وهل تعودوا مع ذلك الشارع على من يدوسهم ويكويهم بالحديد والنار؟! وهل هؤلاء قد أعجبوا بصدام لأنه أذاقهم الذل والويل؟! ما هذه الثقافة الغريبة أو المعادلة العجيبة؟! من يدسنا ويذبحنا نعتبره قائداً ومن يعطنا الديمقراطية والحرية نسبه ونحتقره، هكذا بنظر ذلك الشارع المغلوب على أمره ياللأسف·
أين مثقفو ومحامو وأطباء ومهندسو مصر والأردن واليمن وليبيا من أبو الديمقراطية الشيخ عبد الله السالم؟! وأين هم من الرئيس السوداني عبد الرحمن سوار الذهب الذي ترك كرسي الحكم غير مأسوف عليه؟! أين هم من هؤلاء الخالدين الذين سجل لهم التاريخ بأحرف من ذهب مواقفهم مع شعوبهم وكيفية تعاملهم مع الحكم؟!
فيجب في تقديري أن تدّرس مواقف هؤلاء في كل مدارس وكليات الدول العربية ليعلم الشعب كله أن لديه حكاماً نشروا الحرية والديمقراطية وتخلوا عن الكرسي بدلاً مما هو راسخ من أذهان الغالبية أن بعض الحكام إن لم أقل أغلبهم قد جلبوا لشعوبهم الويل والدمار· |