رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 نوفمبر 2006
العدد 1752

قلب المفاهيم وتحريف المصطلحات
د· منى البحر

انطلقت يوم 22 نوفمبر الحالي فعاليات مؤتمر قيادات العالم 2006 في العاصمة أبوظبي وشارك فيه ما يقارب الـ2000 شخص من سياسيين وسفراء ورجال أعمال وإعلاميين وغيرهم· من الشخصيات التي شاركت في هذا المؤتمر كان الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب، والذي كانت جلسته من الجلسات التي أثارت الكثير من التساؤلات والتكهنات وردود الأفعال· لم أتوقع الكثير وأنا أقرأ كلمة بوش الأب التي استعرضتها معظم الصحف المحلية، إلا أن كلمته جعلتني أصل إلى اليقين  أن بوش الابن لا يختلف كثيراً في رؤاه وطريقة تفكيره عن أبيه، وأنه ينطبق عليه تماما المثل العربي القائل "هذا الشبل من ذاك الأسد"، فهو لم يخرج كثيرا من جلباب أبيه، بل هو بالأحرى مازال يتحرك في مساحة ذاك الجلباب الضيق الذي لا يسمح لدخول الهواء والضوء إليه إلا من جهة واحدة هي جهة معتقداته الشخصية· أما التيارات الأخرى القادمة من الاتجاهات المختلفة فغير مسموح لها بدخول ذاك الجلباب "البوشي"، مما يجعل قاطنه لا يرى، ولا يشم ولا يختبر إلا ما يدخل إلى الجلباب من جهة اليمين المتطرف· والدليل على ذلك واضح في كلمة الرئيس السابق· ففي الوقت الذي تبدو فيه الولايات المتحدة الأمريكية اليوم بسياساتها الخارجية غير العادلة، المحرك الأول للتطرف والإرهاب في العالم، يتكلم الأب بوش عن السلام ويصرح في كلمته التي ألقاها في المؤتمر على أنهم، قادة أمريكا، "لن يسمحوا لأصوات التطرف المنحرف أن تقف عائقا في طريق تحقيق أهداف وطموحات السلام التي يسعون إليها"، وكأن بوش بعيد وغير مطلع على ما يحدث حوله أو في العالم، أو كأنه لا يريد التصديق أو الاعتراف بما تقود إليه السياسة الخارجية لابنه وحزبه من المحافظين من تدمير وقتل وتخريب في حياة الآلاف من الشعب العراقي والفلسطيني واللبناني والأفغاني، والذين ربما التحق بهم  الشعب الإيراني أيضا، في حال ما أصرت تلك المجموعة الحاكمة للبيت الأبيض على تنفيذ ضربتها العسكرية لإيران في بداية 2007· فضلا عن ذلك، يتشابه الاثنان أيضا، الأب والابن، في تحريف معنى المصطلحات وفي تسمية الأشياء بغير مسمياتها المتعارف عليها· فالقتل والتخريب الذي يعيشه ويراه البشر بأم عيونهم، يسمى "سلام" في قاموس آل بوش وغيرهم من المحافظين، فهما كما يبدو، لديهما معجم خاص بهم غير ذلك المتعارف عليه بين بقية البشر· والدليل على ذلك ما قاله بوش الأب في رده على تعليق أحد طالباتنا بعد خطابه على ما يرتكبه ابنه من جرائم ضد شعوبنا العربية والإسلامية، حيث  أصرا على تسمية الخراب "سلام" وقال  "ابني شريف ويعمل باجتهاد من أجل السلام العالمي"· أية "خراب" (أو كما يسميه الرئيس السابق سلام عالمي) هذا الذي يعمل من أجله الرئيس بوش الابن؟ من منا اليوم، وحتى أكثر الناس جهلا وبعدا عن الحياة السياسية، يستطيع أن يصدق أو حتى يجاري مثل هذا الطرح غير المنطقي، أو بالأحرى الكاذب؟ وما هو حال العراق اليوم بعد غزوها واحتلالها؟ هل هي في حال أفضل؟ ألا يرى بوش الأب أن الآلاف من أبناء الشعب العربي  يموتون جوعا ومهانة وقتلا باسم "السلام" ،على الطريقة الأمريكية! أم أنه، وبحكم أن جلبابه لا يسمح للرؤية الشمولية، يرى أن مشاريعهم، بدءا "بالنموذج العراقي للديمقراطية"، أو ما سمي بعد ذلك "الفوضى الخلاقة"، ومن ثم مشروع "الشرق الأوسط الجديد" تتحقق وتنتصر·

العراق اليوم، على سبيل المثال، وبكل المقاييس، دولة منكوبة وتعيش كارثة، والخروج والتخلص مما تمر به ليس بالأمر اليسير؛ فبعد ثلاثة سنوات وما يقارب النصف من الغزو والاحتلال أصبح العراق أكثر خطرا، أكثر فوضى وقتلا، لا بل إنه على مشارف حرب أهلية طائفية، قاتلة لكل قيم التسامح والمحبة التي كان يعيش ويتزاوج بها العراقيون، سنة كانوا أم شيعه· فأين هي الحياة الحرة التي وعدوا بها؟ وأين الخدمات الأساسية،  والتي كان يتمتع بها الشعب العراقي قبل الغزو؟ أين فرص التوظيف، والفرص الاقتصادية والحياة الكريمة التي كانت متوفرة نوعا ما على الأقل للعراقي؟ أين هي الديمقراطية التي وعد بها العراقيون؟ أين  هي، حتى لو كانت رثة! لا شيء اليوم من هذا، لا يتوفر اليوم غير الموت، فهو أكثر البضائع وفرة ورواجا·

 من جانب آخر، وبالرغم من أن ثلاثة أرباع العراقيين، بناء على استبيان طبقته وزارة الخارجية الأمريكية الشهر الحالي، يقولون أنهم سيكونون أكثر أمنا إذا تركت قوات التحالف العراق، وما يقارب%65  منهم يفضلون الخروج الحالي والسريع للقوات الأجنبية، وأكثر من%70  من الجنود الأمريكيين يعتقدون أنهم يجب أن يغادروا العراق في غضون سنة، إلا أنه ما زال الرئيس الأمريكي بوش يصرح بأنه يحقق أهداف الديمقراطية في العراق، وبأن الشعب العراقي أصبح أكثر حرية ورفاهية، ومازال الرئيس بوش  يصرح، في أخر مؤتمر صحفي له قائلا: "بكل تأكيد نحن نحقق انتصارات في العراق"· والسؤال الملح علينا هنا هو ما الذي يعرفه أو يراه الرئيس الأمريكي ولا يراه أهل العراق أو العالم المتابع للأحداث العراقية؟ لا توجد إجابة على هذا السؤال، والواقع أن السيد الرئيس لا يرى إلا ما تحققه شركات النفط الأمريكية من أرباح من خلال استغلالها لموارد النفط العراقي، وخاصة بعد إقرار قانون المحروقات الجديد الذي أعلن  وزير الطاقة العراقي من قريب بأنه سيتم العمل به هذه السنة؛  ذلك القانون الذي ليس  إلا انعكاس لخطة سابقة وضعتها وزارة الخارجية الأمريكية ملخصها السماح لشركات أجنبية خاصة، أغلبها طبعا أميركية، بالعمل على  الاستثمار في صناعة البترول الوطنية العراقية· إضافة إلى ذلك، ليس لهذا القانون سابقة ولا مثيل، لا في الدول العربية النفطية ولا في الدول الأخرى الغنية بالنفط، إذ ليس هناك من دولة غنية بالنفط تعطي الصلاحية الكاملة لشركات أجنبية خاصة بالتحكم في أهم ثروة لها وتتنازل عن مصلحة شعبها، في مقابل تحقيق مصالح هذه الشركات الأجنبية الخاصة التي لا تهدف إلا لتحقيق الربح واستغلال ما يمكن استغلاله· بناء عليه، إذا كان السيد بوش يفكر في ذلك، فهو فعلا قد حقق انتصارا غير مسبوق، ولعل هذا ما يغريه بتكرار التجربة في إيران، والتي تمتلك ثالث أكبر احتياطي للنفط في العالم·

جامعة الإمارات

�����
   

"عروس المطر" وكيمياء التواصل!:
سليمان صالح الفهد
الإدارة الأمريكية في أضعف حالاتها:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الدم اللبناني الشهيد:
سعاد المعجل
متى سيحدث التعديل؟!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
أثر الحوار الطيب وثقافة الاندماج والتسامح :
محمد بو شهري
الفراعنة:
على محمود خاجه
"الباب اللي يجيك منه ريح سده واستريح":
المهندس محمد فهد الظفيري
المحافظة على حلم جميل !!!:
د. محمد عبدالله المطوع
يمكن يكون حسد:
المحامي نايف بدر العتيبي
بين العلاج العام والعلاج الخاص:
د. محمد حسين اليوسفي
إسقاط القروض والمواطن غير الصالح..:
محمد جوهر حيات
غباء جيش النخبة:
عبدالله عيسى الموسوي
قلب المفاهيم وتحريف المصطلحات:
د· منى البحر
شيفرة دافنتشي للتدريب المهني :
ياسر سعيد حارب
ثوابت ومتغيّرات:
د. لطيفة النجار
قلة حياء:
يوسف الكندري
حتى المعارضة ورقة بيد الحكومة!:
عبدالخالق ملا جمعة