|
دوي الأفكار |
الشعب الملهم |
فيصل عبدالله عبدالنبي |
machaki@taleea.com |
يقول الله عز وجل: "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين" الشعوب عبر التاريخ تواجه تحديات داخلية وخارجية، تحديات على مستويات مختلفة، وكل أمة أعطاها الله الحرية في اختيار نوع الاستجابة لهذه التحديات، والعوامل التي تجعل استجابة شعب أو فرد أفضل من غيره ترجع لأمور أربعة يذكرها المفكر الأمريكي ستفين كوفي وهي: إدراك الذات والضمير والإرادة المستقلة والخيال المبدع· فالشعب اللبناني سر صموده أنه أدرك ذاته وراجعها بتمعن واستوعب إيجابياته وطورها، وأدرك سلبياته وعمل على التخلص منها ومن أبرزها التفكك والصراع الداخلي الذي حاولوا معالجته من خلال الحوار، وكذلك رفضهم أن يكونوا أداة لصراعات خارجية لا ناقة لهم بها ولا جمل، وأيضا فهمهم أن الأمة التي تريد فرض احترامها أمام الآخرين لابد أن تكون عزيزة وكريمة لا تقبل الذل والظلم وسلب حقوقها حتى لو من أقوى جيش في المنطقة كالجيش الصهيوني، وقد استطاع الشعب اللبناني الصامد وراء مقاومته الباسلة أن يميز الصحيح من الخطأ في كل الجوانب من خلال الضمير الذي هو عبارة عن بوصلة تجعل الإنسان من خلالها يميز الغث من السمين، وكيف يتخذ مواقف سليمة وشجاعة وليست متخاذلة كما تفعل بعض الأنظمة العربية، واستطاع الشعب اللبناني ومقاومته أن يتخذوا مواقفهم ويبرمجوها كأعمال على أرض الواقع من خلال الإرادة المستقلة التي من خلالها تكون لك الحرية في تنفيذ كل ما عرفته واتخذته من قرارات وأفكار واستراتيجيات عن طريقة الضمير وإدراك الذات، فالمشكلة أن بعض الشعوب تعرف أين الخلل وما هو العلاج، ولكنها لا تملك إرادة مستقلة تتيح لها تغيير واقعها وتطبيق ما توصلت إليه، ونلاحظ أن الانتصارات التي يحققها حزب الله اللبناني ضد القوات الإسرائيلية، وكذلك الانتصارات المعنوية التي حققها الشعب اللبناني من خلال صموده ومعنوياته المرتفعة، من أبرز أسبابها هو الخيال المبدع لديهم إذ يتطلعون الى مستقبل مشرق لوطنهم، مستقبل يتضمن العزة والكرامة والحرية والاستقلال الحقيقي دون تهديد ودون تدخل خارجي ودون فرض وصايا من هنا وهناك ولذلك هم صامدون لثقتهم بمقاومتهم وثقتهم بأن الله وعدهم بالانتصار ولأنهم قاموا بكل ما يتوجب عليهم والباقي على الله، فالشعب الملهم والصامد والعزيز يقوم بعمل كل ما ينطبق مع السنن الكونية لتحقيق الانتصار والله سوف ينصرهم لأنهم أرادوا أن يكونوا شعباً كريماً لأن الله كرم بني آدم، وسوف يكون مستقبلهم وقصص صمودهم نموذجاً تتعلم منه بقية الشعوب المهزومة نفسيا وواقعيا، وما عليك سوى الاطلاع على تاريخ تحرك الشعوب نحو النهضة والتطور وسوف تجد العوامل الأربعة سابقة الذكر واضحة في سبب الاستجابة الإيجابية للتحديات التي واجهتهم حتى استطاعت التطور والنهوض ورسم مستقبل زاهر لهم ولأجيالهم، فتحية للشعب اللبناني الذي عرف سنن وقوانين التطور والنهوض والعزة والازدهار وقام بتطبيقها لحصد النتائج ولو أن طريق الجنة مليء بالشوك لأن الحياة الدنيا هي عبارة عن صراع كي يتبين الطيب من الخبيث في هذا الصراع وكي يتبين الصابر من المتذمر والخانع والذي لا يأبه بتغيير واقعه للأفضل، فالأمة العربية والإسلامية تفتخر أن نموذجاً مثل الشعب اللبناني الصامد هو جزء من هذه الأمة ولا بد لهذا الجزء أن يؤثر إيجابيا في بقية الأجزاء التي تشكل جسم الأمة كي تغير واقعها لمستقبل أفضل، فكما استطاع الشعب الفرنسي من خلال ثورته والمبادىء التي حملها التأثير في بقية الشعوب الأوروبية، وأصبحت أوروبا ما نراه اليوم، سوف يؤثر انتصار وصمود الشعب اللبناني في بقية شعوب المنطقة كي تنهض وتنتزع حقوقها من فم الدكتاتوريات ومن يدعمهم من أنظمة دولية داعمة لأصنام الطغيان·
machaki@taleea.com |
����� |
|
|
|
|
|
|
|