رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 26 محرم 1425هـ - 17 مارس 2004
العدد 1619

العراق···العلماني؟(2)
نزار حيدر
nazarhaidar@hotmail.com

هم يخوضون في قضايا الدين، كل الدين، لدرجة أن أحدهم نصب نفسه إماما وفقيها ومؤرخا ومفسرا (ما شاء الله)، وهو الذي لم يدرس ألف باء الطهارة، وراح يفتي بما لم ينزله الله من سلطان، ومن دون أي دليل أو حجة، فحمل الدين من البدع والخرافات الشيء الكثير، وفسر آيات القرآن الكريم بلا علم ولا هدى ولا كتاب منير، وأبدى رأيا في آيات القصاص، ما لم نسمع بمثله حتى أيام زمن الطاغية الذليل، ثم يختم مقالته بقوله، وكأنه استنتج رأيا فريدا يستحق أن يمنح عليه شهادة براءة الاختراع، فيقول (ولكل ذلك لا نريد للدين أن يتدخل في السياسة، ولا نريد لرجل الدين أن يتدخل في السياسة)·

إن مثله يشبه إلى حد بعيد، مثل ذلك الذي سأله صاحبه، إن كان يصلي أم لا؟، فأجابه بالنفي، ولما سأله عن السبب؟ رد عليه بقوله، عملا بأمر الله عز وجل، فاستغرب زميله وسأله، وأين قرأت هذا الأمر الإلهي الخطير، والذي لم تنتبه له كل الرسل والأنبياء والصالحين والشهداء من قبل؟ فأجابه، قرأته بقول الله عز وجل في كتابه العزيز (ولا تقربوا الصلاة)·

ضحك زميله ضحكة كادت أن تكون القاضية، قائلا له؛ ولكن للآية تكملة، لعلك نسيتها؟ تقول؛ (وأنتم سكارى)؟ أجاب الرجل بكل ثقة المكتشف المتيقن ؛ أنا أعشق هذا الجزء من الآية، وأنا حر، ولذلك أطبقه حرفيا من دون زيادة أو نقصان، ولك أن تختار من الآية ما تحب وتهوى·

هو يحب أن لا يتدخل الدين بالسياسة، ويكره أن يتعاطى (رجل الدين) بالشأن العام، ومن أجل أن يدلل على رأيه، ويضفي الدليل الشرعي المزعوم، تراه يتصفح سور وآيات القرآن الكريم، وأحيانا بعض كتب التفسير المشبوهة، بحثا عن كل (نصف آية) تخدم هدفه، بطريقة انتقائية ظالمة ومتعجرفة، حتى إذا لزم الأمر، زاد عليها أو أنقص منها شيئا·

نعم هو حر بطريقة تفكيره المنحرفة والمخادعة هذه، ولكنه، بالتأكيد، ليس حرا في تحميل الدين خزعبلاته، والنتائج المنحرفة التي يصل إليها بهذه الطريقة من التفكير·

حقا إنهم تلاميذ معلمهم الطاغية الذليل، فهم الصورة المصغرة لتلك الحقبة التي مرت على العراق، فأرته الويل والثبور·

أجزم، لو حكم أمثال هؤلاء، العراق الجديد، لأعادوا عقارب الزمن إلى عهد نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي، فسيروا، أولا، المظاهرات الشعبية - وإن سماها بعضهم بالملايين الأمية لأنها لم ترفع صور الزعيم العمالي المحبوب، أو تردد شعار الطبقة العاملة - وهي تتوعد (الرجعية السوداء) بالويل والثبور، والقاضي المسكين، بالغرق حتى الموت، ليشرب من ماء البحر، وهي تردد؛ (بس هالشهر، ماكو مهر، والقاضي نذب بالنهر)، - أي الزواج على الطريقة الديمقراطية -·

أي عراق جديد يريد أن يبني لنا هؤلاء(الصداميون الجدد)؟ و (الظلاميون الديمقراطيون ؟ وأي مجتمع يريد هؤلاء؟·

لا أحد يعترض على كل ما يقولونه، فهو يدخل في إطار إحترام الرأي والرأي الآخر، شريطة ألا يحملوا الدين كل ما هو منه براء، وعليهم أن يأتوا بالدليل العلمي المقنع، لنشعر أنهم بالفعل، حريصون على تبني كل كلمة يقولونها، وكل رأي يدلون به، أما أن يطيروا الكلام على عواهنه، ويوزعوا التهم والافتراءات يمينا وشمالا، ويحاولوا فرض آرائهم قسرا وبالإكراه، لدرجة التوسل بالكذب والتزوير والغش والخداع وطريقة الانتقاء السيئة، فإن كل ذلك مرفوض جملة وتفصيلا، لا أحد يقبل أن يعود إلى أجواء العراق الجديد أبدا·

كذلك، فكما أن من حقهم أن يقولوا رأيهم في كل الأمور التي يعلمون بها ولا يجهلونها، فإن للآخرين كذلك كامل الحق في إبداء آرائهم بكل ما يريدون، لا فرق في ذلك بين من يلبس الجبة والعمامة، أو من يلبس الكوفية والعقال العربي، أو من يلبس ربطة العنق ويضع على رأسه السيدارة الإفرنجية، أو من يلبس الزي الوطني الكردي أو التركماني أو الآشوري أو أي زي آخر، فليس المهم من الذي يقول، وما هو اسمه أو زيه أو رسمه، أو انتماؤه، وإنما المهم، ما الذي يقوله؟ وكيف يقوله؟، وفيما إذا كان صحيحا مقنعا، أم خطأ مرفوضا لا يقنع الآخرين·

إن ما يؤسف له حقا، هو أن بعض فلول جيل الديناصورات المنقرضة، كشف عن وجهه الحقيقي وأماط اللثام عن قلبه الأسود المملوء حقدا وضغينة، ضد كل ما يمس الدين وأهله من قريب أو بعيد، فيحاول أن يعيد للعراق أجواء عهد الخمسينيات والستينيات، أيام المد الأحمر سيىء الصيت، الذي رفع وقتها راية العداء للدين وقيمه وأخلاقه، لدرجة اضطرت وقتها المرجعية الدينية العليا آنذاك، السيد محسن الحكيم، لإصدار الفتوى الدينية التاريخية المشهورة التي تقول (الشيوعية كفر وإلحاد)، والتي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير الأحمر·

ترى، متى كان الدين سببا لمشاكل العراق الحديث؟ لتطالب هذه الفلول بالنظام العلماني المعادي للدين؟، بل متى كان النظام في العراق دينيا، حتى يطالبون اليوم بنظام علماني؟·

ألم تحكم العلمانية، العراق الحديث منذ تأسيسه مطلع القرن الماضي وحتى سقوط الطاغية الذليل ؟·

ألم ترتكب كل الجرائم التي شهدها العراق خلال القرن الماضي من الزمن، باسم العلمانية ؟·

ألم يقتل الشيوعيون باسم، العلمانية ؟·

ألم يقتل الإسلاميون، باسم العلمانية ؟·

ألم يقتل الرجل والمرأة، الصغير والكبير، باسم العلمانية؟، ألم يقتل رجل الدين الشيعي، وأخوه السني، وأخيه المسيحي، وكل رجال الدين في العراق، باسم العلمانية؟·

ألم تقصف مدينة حلبجة، باسم العلمانية؟·

ألم يمتلئ العراق بالمقابر الجماعية، باسم العلماني ؟، ألم يقتل الأبرياء في عمليات الأنفال، باسم العلمانية؟، ألم تستباح الأعراض، ويغتصب الشرف، باسم العلمانية؟، ألم تشن الحروب ضد الكرد في الشمال، وضد الجارة إيران، والأخرى الكويت، باسم العلمانية؟·

�����
   

اتفاقية القضاء على أشكال التمييز هل أصبحت حبراً على ورق؟:
فيصل العلاطي
المندوب:
المحامي نايف بدر العتيبي
خيارات ما بعد الاستجواب:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
نظرية برزنسكي!!:
سعاد المعجل
إشكالية توليفة الحداثة والتخلف(2-3):
بدر عبدالمـلـك*
يوميات محمد في المحكمة(2)
القضاء يسجن من يؤمن بأقوال الرسول:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
آه·· لو كنتم تذكرون:
عبدالخالق ملا جمعة
الفساد:
يحيى الربيعان
إصلاحات الشرق الأوسط!:
عامر ذياب التميمي
معارضو الإصلاحات الأمريكية:
د. محمد حسين اليوسفي
العراق···العلماني؟(2):
نزار حيدر
"فرانكيشتاين" العراق الموقت:
خالد عايد الجنفاوي
سياسة "إسرائيل" التفاوضية مع الفلسطينيين(2/2):
د. جلال محمد آل رشيد
عرضت فيلم المقابر الجماعية
الفضائية العراقية فضائية الحرية والسلام:
حميد المالكي
وجهــــــــان لعملة واحدة:
عبدالله عيسى الموسوي
من وراء العمليات الإرهابية في "عاشوراء"؟!:
رضي السماك