رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 6 رمضان 1424هـ - 1 نوفمبر 2003
العدد 1601

إلى الصدر ··· مع التحية
نزار حيدر
nazarhaidar@hotmail.com

رائعة جدا، كانت ردود الفعل التي جاءت على لسان عدد من قادة وزعماء الأحزاب السياسية العراقية، إزاء آراء ومواقف ومبادرات السيد مقتدى الصدر الأخيرة، والتي أثارت الكثير من اللغط والانقسام في الموقف منها، وأروع ما فيها قول السيد عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، أن العراق الجديد يستوعب كل الآراء·

أقول، إنه الأروع لاعتبارات عدة:

الأول، ما يصفه البعض بالتنافس التقليدي وأحيانا التاريخي بين العائلتين ـ الصدر والحكيم ـ والذي ظن الكثيرون أن الحكيم سيوظفه للانتقام من الصدر والإجهاز عليه، خاصة وأن أغلب ردود الفعل على تصرفاته الأخيرة جاءت سلبية بعكس ما كان يتوقع، ما يشجع المتربص به استغلالها وتوظيفها لتصفية حسابات قديمة ومستمرة، ومحاصرته مثلا أو على الأقل التشهير به·

الثاني، أن الحكيم هو من أكثر العراقيين تضررا من التحريض على العنف واستخدامه كأداة لتصفية الخصم·

فبالرغم من أن الكثيرين فسروا تصريحات ومواقف الصدر الأخيرة بأنها نوع من أنواع التحريض على العنف، إلا أن الحكيم بالذات لم يذهب مع هذا التفسير أو يتبناه، بل إنه اعتبرها وجهة نظر ورأي في الأحداث التي تشهدها الساحة العراقية ، يحق لكل مواطن عراقي أن يدلي بها كيف يشاء ومتى يشاء، مازالت في الإطار السلمي والأسلوب الحضاري، بعيدا عن العنف والإرهاب·

إنها الحكمة العراقية المعهودة التي ترفض التصيد بالماء العكر واستغلال كبوة الفارس، للتشهير والتسقيط، إنه الموقف المسؤول الذي يقدم المصلحة العليا على كل المصالح الشخصية والحزبية والعائلية والعشائرية الضيقة·

يخطئ من يفسرها بأنها مواقف تنطلق من موقع الضعف، أو أنها صورة من صور المداراة والمحاباة، أبدا، فعند الحكيم الكثير من الأسلحة التي بإمكانه ـ لو قرر أن يخرج عن طوره ورزانته ولا يتصرف بحكمة ـ أن يوظفها لتحطيم خصمه أو التشهير بمنافسه·

نعم، إن العراق الجديد يستوعب كل الآراء، إنها كلمة حق أريد بها الحق أولا وأخيرا، فليس في العراق الجديد، طبقية سياسية ، واحدة حاكمة، لها مطلق الحق والحرية في أن تقول ما تشاء وتعمل ما يحلو لها من دون رقابة أو مساءلة، وأخرى محكومة، لا يحق لها ذلك، فصوتها مقموع، ورأيها محجور عليه، وقولها متهم، وأمرها مشكوك فيه، أبدا، ليس في العراق الجديد كل هذا، فالكل سواسية، وإن مبدأ تكافؤ الفرص معروض أمام الجميع، ولكل مواطن الحق في أن يتمتع بحقوقه السياسية كاملة غير منقوصة، فليس في العراق الجديد سجناء رأي أو سجناء عقيدة أبدا، إنه عراق حر ديمقراطي، يستوعب آراء ومواقف الجميع، ما زالت لا تتعرض لحقوق الآخرين وكرامتهم، وما زالت لا تحرض على العنف والإرهاب والقتل والكراهية والبغضاء والإثارات الجاهلية البغيضة التي تهدد البلاد والعباد·

···

أنا ممن دافع عن منهجية الشهيد الصدر الثاني، يشهد بذلك كل من يعرفني أو يتتبع مقالاتي وكتاباتي وأحاديثي الإذاعية والتلفزيونية، وللتأكد أكثر، يمكن العودة إلى مقالتي المنشورة في العدد ـ 55 ـ من مجلة الرأي الآخر اللندنية والصادر بتاريخ ـ 26 كانون الثاني من عام 2001 ـ، المقال الذي اعتبره الصدريون وقتها بأنه الأفضل من بين كل المقالات التي كتبت عن الشهيد ونهجه ـ راجع العدد 23 للسنة الثانية من جريدة الجمعة والصادر بتاريخ آذار 2001 وهي تعبر عن رأي الصدريين ـ فيما هددني خصومه بإصدار فتوى دينية تتهمني بالزندقة والتجديف، ولذلك فعندما أكتب إليك ـ عزيزي السيد مقتدى الصدر ـ فمن منطلق الحرص على توظيف دم الشهيد الصدر الثاني بشكل صحيح وسليم، من أجل بناء عراق جديد، لذلك أكتب إليك راجيا أن تسمح لي بأن أنبهك إلى الملاحظات التالية، فلقد أصغيت إليك مدة  طويلة، وحان الوقت الآن لأتحدث إليك متمنيا عليك أن تصغي إلي ·

أولا: يفترض بك أن تظهر لنا أقصى درجات الحيطة والحذر والمسؤولية، عندما تقول وتتحدث وتدلي برأي أو تتخذ موقف أو تتقدم بمشروع، لأنك تحت الأضواء، فلا يجوز لك أن تنطق قبل أن تفكر جيدا، ولا يحق لك أن تدحرج الكلمات على عواهنها قبل أن تحسب تأثيرها وردود الفعل المحتملة، حتى لا يستغل الأعداء قولك، ولا يحتج المتربصون بفعلك، ولا يوظف ضد العراق وشعبه رأيك·

لقد شاءت الأقدار أن تكون المعبر عن تيار الصدر الثاني، أو هكذا يفهمك الآخرون على الأقل، فالله الله في سمعته، فلا تقل ما يشوهه، ولا تفعل ما يخدشه، ولا تتصرف بما يضره، فإنه والله تيار جهادي صادق، عزيز على العراقيين، محبوب إلى قلوبهم، عظيم شأنه عندهم، فلا تستعجل فتورطهم، ولا تتسرع الأمور فتحرجهم، دعني أقسم عليك بجدك وأبيك وأمك وأخيك ألا ترتكب غلطة العمر، وكما قيل فإن غلطة الشاطر بألف، فاحذرها·

لا يحق لأحد أن يسكت صوتك ويصادر رأيك ويقمع تصورك للأمور، ولكن في الوقت نفسه، فإنه ليس من حقك أن تستفز الآخرين، أو أن تضع نفسك في موضع التهمة والغيبة، وليس من حقك أن تتهجم أو تقلل من إنجازات الآخرين، وليس من حقك أن ترعب قلوب المؤمنين، وليس من حقك أن تحرض على العنف ولو بالإشارة أو بالتلميح، فإن التلميح أحيانا أبلغ أثرا من التصريح، وأنا أعلم أنك أبعد ما تكون عن كل ذلك، وأنك لا تبغي أن تعرف عندما تخالف، ولكن احذر أن تقدم للمتربصين مادة دسمة على طبق من ذهب، فكلي ثقة بأنك تلتجئ إلى ركن الحكمة الحصين الذي ورثته عن والدك الشهيد، الذي كانت مصلحة العراق بالنسبة إليه فوق أي مصلحة أخرى، حتى أريق دمه الطاهر في سبيلها، فالحذر الحذر من مغبة الخطأ في القول والعمل·

رحمة بالعراق وشعبه، ورحمة بالإسلام وأهله، ورحمة بالتشيع وأنصاره، ورحمة بالعلم ورجاله، ورحمة بالحوزة وروادها، ورحمة بالمرجعية وفقهائها، ورحمة بالمستقبل وأجياله، فسمعتهم بين يديك، وأحلامهم على طرف لسانك، وآمالهم تتراقص بين أناملك، فاحذر أن تضغط على الزر الخطأ في التوقيت الخطأ، فلا تورطهم فيما يكرهون، ولا تجبرهم على فعل ما لا يرغبون، فإن التاريخ لا يرحم أحدا، فهو لا يمازح، إنه يلعن كل من يخطئ بحق الآخرين، بغض النظر عن اسمه أو رسمه أو زيه أو انتمائه أو عشيرته، فلقد لعن التاريخ شمرا ذا الجبهة السوداء من كثرة السجود، ولذلك جاء في الآية المباركة، "وقفوهم إنهم مسؤولون"، من دون تحديد لاسم أو هوية·

قل ما بدا لك، ولكن بالحكمة والموعظة الحسنة، وافعل ما بدا لك، ولكن تذكر بأن المسلم من سلم الناس من يده ولسانه، وصرح بما بدا لك من آراء ، ولكن تذكر بأن الحكمة ضالة المؤمن، وعبر عما شئت وكيف شئت وأنى شئت، ولكن تذكر بأن الفرصة غصة، وأنها تمر مر السحاب·

ثانيا: احذر المتسللين إلى صفوف تيارك المتدين الطيب، فاحذر البعثيين والقتلة والسراق وأصحاب السوابق واللصوص والجهلة والأميين الذين يسعون إلى استغلال طيبة قلبك وبساطة حديثك وترابية تصرفاتك ، للتسلل إلى داخل التيار وتحميلك من المواقف ما لا تطيق، واطرد وافضح من يتقول عليك أو يدعي ما ليس له أو فيه أو من ينتسب إليك كذبا وزورا، واضرب بيد من حديد كل من يدفعك ويجبرك على التغريد خارج السرب بطرق ووسائل عنيفة ومتشنجة، أو أن تخرج من الجماعة وتنفصل عنها وتشرد منها فإن الشاردة للذئب كما تعلم·

لا نريد أن نخسرك، ولا نريدك أن تخسر الشارع الذي ورثته عن أبيك الذي صنعه بأغلى الأثمان، فاحذر أن تحرجنا، واحذر أن تخسر تأييدنا، واحذر أن تحصرنا في الزاوية الحرجة·

تصرف بحكمة وتحدث بحكمة وقل رأيك وعبر عنه بحكمة، فإن من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، ولك منا كل المحبة والتقدير، وعلينا كل النصرة وبجميع أشكالها·

 تأكد من أن ما تقوله اليوم سوف لا تندم عليه غدا، وأن ما تفعله اليوم سوف لا تخجل منه غدا، بل ستفتخر به أنت وشيعتك، وإن ما تدلي به اليوم  من آراء سوف لا تعتذر عنها غدا، فتحاول مثلا التهرب منها أو التنصل عنها ·

اعرف جيدا، أن ما تقوله وتدلي به وتعلنه من آراء ومشاريع، هي من بنات أفكارك لا يمليها عليك أحد، ولكن، احذر أن تتسرب إليك آراء المغرضين والطامعين والمتربصين بالعراق الدوائر، فتنطلق على لسانك فتبدو وكأنك تنطق بلسان غيرك وتفكر بذهنية الآخرين وتتبنى مشاريعهم، أو إنك مجرد جسر يعبر عليه الآخرون ثم ينسفونه في اليم نسفا·

نريدك رمزا لكل العراق، نريدك مثلا للحكماء، والله هو الموفق والمستعان·

nazarhaidar@hotmail.com

�����
   

التوبة في شهر الصيام:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
للفساد رأس وأقدام !!!:
سعاد المعجل
الحب في اليمن!:
إسحق الشيخ يعقوب
أين كنا وكيف أصبحنا؟:
يحيى الربيعان
الأحزاب وتحدياتها!:
عامر ذياب التميمي
أين العرب ؟!:
د. محمد حسين اليوسفي
التغيير قادم لا محالة:
صلاح الفضلي
العلماني كافر!!!:
عبدالله الحمد
حادث حافلة الشرطة·· أبعاده وتداعيات المواقف السياسية حوله:
عبدالمنعم محمد الشيراوي
حقيقة اتفاق جنيف:
عبدالله عيسى الموسوي
الجدار·· اعتراف صهيوني بعدم مجانستهم للمنطقة!!:
د. جلال محمد آل رشيد
ظاهرة "اللامعارضة" في الخطاب الإعلامي العراقي:
حميد المالكي
إلى الصدر ··· مع التحية:
نزار حيدر
إلى معالي الشيخ صباح الأحمد··:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم