لا شك أن لفيفا من الناس قد شاهد عبر شاشات التلفاز أو قرأ من خلال صفحاتنا المحلية اللقاء الذي جمع صاحب السمو أمير البلاد مع الحكومة الكويتية الجديدة برئاسة سمو الشيخ ناصر المحمد، المتابع لذلك الاجتماع وجد صاحب السمو مطالبا أعضاء الحكومة الجديدة بتطبيق القانون على الكل· يقول السياسي الإغريقي بوبليليونس سيروس: "يكون الشعب قوميا عندما تكون للقوانين قوة)·
لا يختلف اثنان على أنه في السنوات الأخيرة أضحت بلدنا في غاية الفوضى واللاقانون ومرتعا للمفسدين والفساد بجميع أشكاله المقززة، مما انعكس ذلك بالسلبية على نفسية الكثيرين، وأضحى هذا الخطب يشهد له الوافد قبل المواطن، إن مسألة التراخي في تطبيق القوانين وبحزم تجاه الكل بلا استثناء جعل البعض من أرباب النفوس المريضة تتمادى في غيها وانتهاكها المتكرر للنظم والقوانين بل تبجح بذلك للأسف، ربما لأنها مسنودة أو لأنها مطمئنة بالتمليص من العقاب، ثمة مثل إيطالي يقول: (كلما استنبط قانون جديد استنبطت طريقة للتخلص منه)، وعليه ينبغي تعميم ثقافة مكافحة المفسدين والاهتمام بذلك الخطب من قبل الجمهور في كويتنا الحبيبة·
قبل أسبوعين تقريبا قرأت في إحدى صحفنا المحلية خبر ذلك المواطن الحريص والشجاع في مجابهته ولوحده لثلاثة من الجنسية البنغالية وإبلاغ الجهات الأمنية حينما اكتشف أن هؤلاء يقومون بتقطيع كيبلات الكهرباء لسرقتها·
(نسأل الله أن يكثر من أمثال ذلك المواطن الجسور في حفاظه على ثروات البلد)، الأديب المصري سلامة موسى يروي في كتاب مذكراته: إنه في يوم من الأيام قد عزم الأمر على كشف حقيقة تفوق الشعب الياباني، ولذلك قام بالسفر إلى طوكيو، وفي أثناء تواجده في الفندق استيقظ في أحد الليالي عند الفجر فراح ينظر من نافذة غرفته إلى الشارع ولدقائق فوجد رجل النظافة يقوم بكنس الشارع على أحسن وجه ومن دون أن يكون حسيب أو رقيب على رأسه! وعندها قال الروائي إنني عرفت الآن سبب عظمة تلك الأمة· في الواقع أن ازدهار تلك الشعوب ورفاهيتها تأتي من خلال التزامهم الذاتي بالقانون وجدية العمل وإيمان أنظمتهم بالقانون والعدالة الاجتماعية من حيث حفظ حقوق الجميع وضمان العيش الكريم لهم·
أختم هذا المقال بمقولة لرئيس أركان الحرب الصهيوني موشي ديان في زمن حكومة المقبورة غولد مائير: عندما تلتزم الشعوب العربية بالقانون وطابور الانتظار وحسن الإنصات للطرف الآخر، وقتئذ يمكنهم أن ينتصروا علينا· من المؤسف حقا أن أعداءنا عرفوا مواضع القصور والخلل عندنا وذلك منذ ستينيات القرن الماضي، فهل يعقل أن نتأخر في الحد من تلك الآفات المعرقلة لمسيرة الإصلاح والتنمية في أوطاننا؟ كلنا تفاؤل وأمل على مستوى بلدنا الحبيب ألا تتأخر السلطتان التنفيذية والتشريعية بالتعاون في تطبيقهم للقانون وسيادته من أجل الوثب ببلدنا إلى مصاف الدول المتقدمة، وأيضا مؤسسات المجتمع المدني وكل فرد منا مسؤول ومطالب بدعم كل توجه إصلاحي تنشده الأمة·
freedom_2002_33@hotmail.com |