"إنكم تبتهجون حين تسنوون القوانين، ولكنكم تبتهجون أكثر حين تخرجون عليها، إنكم كالصبية يلعبون على شاطىء البحر"·
جبران خليل جبران
لعل مخاض ولادة التشكيل الوزاري الجديد بات طويلا وعسيرا·· آملين ألا يضطر القيّم على التشكيل إلى اللجوء إلى الولادة القيصرية التي لا يخرج فيها المولود إلا بشق الأنفس·· وشق البطن!
ويبدو لي أن تعسر الولادة يكمن في تردد الكثيرين من الذين يتمزجون بشأن التوزير وخشيتهم "المرضية" من التكليف المضمر بالاستجواب وطرح الثقة! فثمة رهاب حاد من الاستجواب لدى أغلب الوزراء الجدد! لأن كل وزير في شرع مجلس الأمة هو: مشروع استجواب حتى يثبت العكس! نعم الاستجواب حق لا مراء فيه، لكن الخشية من أن يكون حقاً يراد به باطل وغرضاً ومصلحة شخصية وحزبية وما إلى ذلك! وإذا كان صحيحا القول: بأن هناك وزراء تأزيم، فإنه صحيح أيضابأن هناك نواب تأزيم! فنحن إزاء حالة تأزيم حاضرة في صفوف النواب والوزراء على حد سواء! لكن مجلس الأمة الراشد يزعم أن التأزيم طبع في الوزراء وسلوك قاصر عليهم فحسب! من هنا تجد مجلس الأمة يشهر "سلاح" الاستجواب بالحق حينا·· وبالباطل حينا آخر!
وبسبب كثرة وتواتر الاستجوابات في السنوات البرلمانية الأخيرة ظهر في حياتنا السياسية: مرض نفسي ابتلي به الوزراء اسمه: رهاب الاستجواب أوالاستجوابفوبيا! ولعل رهاب الاستجواب هو أحد أهم أسباب المخاض العسير لولادة الوزارة الجديدة! لاسيما أن بعض النواب يهددون الوزراء الجدد بالثبور وعظائم الأمور قبل أن يداوموا في الوزارة! زد على ذلك سابقة استجواب الوزير بأثر رجعي يحمله تبعة أخطاء وخطايا الوزراء الذين سبقوه·· وربما الذين سيعقبوه! وهكذا رأينا الديرة نهمر عليها زخات استجوابات لم تفض إلى طائل لسوء حظ البلد·· وربما أدت إلى طل!
نعم الاستجواب حق·· لكن استخدام هذا الحق بمنأى عن الأدلة والبراهين يعد باطلاً بداهة، مثلما هو باطل "زواج فؤادة" إياها! |