· قالوا قديماً: لا تخف إن قلت، واصمت لا تقل إن خفت· لكني أقول: الخوف قواد·· فحاذر أن تخاف· قل ما تريد لمن تريد، متى تريد·· لو بعدها الطوفان قلها في الوجوه بلا وجل·
"نجيب سرور"
· قل للمهرجين المجانين: لقد ضاعت أرزاق أهل الفكاهة والمجون·· ضاعت لأن أهل العقل أنفسهم قد أصبحوا من المجانين·· خلطوا في تصرفاتهم وارتكبوا الأعمال الشاذة فأضحكوا الناس جميعاً·
"المهرج في مسرحية الملك لير شكسبير"
· إن حياة "نجيب سرور" الوجودية خصبة تتوافر فيها مقومات "التراجيديا" بأعمق معانيها ودلالاتها، وحياته يمكنك قراءتها في شعره المتطابق تماما مع سلوكه اليومي ومواقفه السياسية والاجتماعية التي يلعلع بها جهاراً نهاراً دون أن يخشى في الوطن لومة لائم·
كان مسكونا بهموم وقضايا وطنه وأمته فتراه يحذر مراراً وتكراراً من غدر الصهاينة وخيانتهم وعربدتهم التي لن توفر أحداً من العرب والمسلمين الذين يناهضونهم ولو شئت لي اختصار "نجيب سرور" في جملة مفيدة تجسده باختزال أرجو أن لا يكون مخلا لقلت: إنه العناق الملتحم بين شرف الكلمة وصدق الفعل يتبديان في أصدق وأبلغ تجلياتهما· من هنا أحسب أن الصياغة الدرامية للعرض المسرحي المتمحور حول السيرة الذاتية والإبداعية للشاعر "مسبع الكارات" الأستاذ "نجيب سرور" قد تمكنت من مسرحة المفاتيح الأساسية لشخصيته إنسانا ومبدعا في كل واحد يجسد وجهي العملة كما شعرت بذلك بحق، وأنا أشاهد بروفات العرض المسرحي، مرات عدة متباعدة قليلا، دون أن ينتابني إحساس بالملل البتة راجيا أن يكون الشعور متبادلا مع المبدعين "من الجنسين والأطفال" الذين شخصوا المسرحية بحب وتفان يليقان بالشاعر الفارس والإنسان الوطني الصادق الذي مات واقفا كنخلة سامقة شيماء في بر مصر المحروسة أقول ذلك: لأن العبد لله كان كما اللزقة الأمريكاني إياها!
وها هو العرض المسرحي الغنائي المردوف بالتعبير الحركي يبدأ بهذه الغنائية الدرامية التي أبدعها الشاعر الفنان الممثل·· "سامح العلي" والذي نوهت الأسبوع الماضي بشاعريته الجميلة الخارجة من رحم هوية "سرور" وسيرته الإبداعية والذاتية والمتناغمة مع جوهر الشاعر وشعره·
· من عاش يعطي للوطن
لن يمرمرور عابري السبيل
من عاش لم يقبض ثمن "كأوزوريس"
يحيا في الوادي الجميل
وأقول عليه شاعر
وأقول عليه خيّال
* * *
نوّح يا طير الغنا علي راح مني
أبكي عليه الليالي والظلمة مش راحمني
وأقول عليه الشجيع···
وأقول عليه المنيع
وأطوف مقامه الرفيع
يا عمنا يا نجيب منك
صبح مني·
إن خواطري المنداحة على الورق: تتداعى بحبر المريد للشاعر الصديق لا بمداد الناقد المنهجي الذي لا أملك علمه ولا عدته! حسبي في هذا السياق: تدبيج انفعالي بالعرض واستجابتي له بالدهشة وغيرها من المشاعر والملاحظات الذاتية ليس إلا!
وقد أدهشني في العرض أداء الأطفال المشاركين به، بخاصة الطفل الموهوب "محمد فاروق الشرنوبي" الذي أحسب أنه سيكون له شأن عظيم في الغناء والتمثيل! وتشاركه مباراة التجويد والإتقان الطفلة "لقاء إيمان الصيرفي" كريمة معد ومخرج "الكولاج" المسرحي البهي· من هنا أتمنى على المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب استضافته ليتاح لمريدي المسرح الجاد الجيد فرصة مشاهدته، لا سيما أنه صالح للصغار والكبار على حد سواء·
وما دمنا في معرض الأماني أقترح على المجلس كذلك استضافة مسرحية "الملك لير" للفنان الممثل الغول "يحيى الفخراني" الذي أزعم أنه شخّص "الملك لير" وجسده ببراعة وإتقان تضاهي أداء كبار الممثلين البريطانيين، وربما تبزهم وتتفوق عليهم! أيا كان الأمر، فالإتقان والتجويد في تشخيص ومسرحة شخوص "شكسبير" متاح وممكن لكل ممثل قادر على تقمصها والنأي عنها في آن! إن جل المسارح التجارية في مصر وأغلب الأقطار العربية تحولت الى كباريه درجة ثالثة يلوث الحواس كافة ويخدش حياء العذارى والعوانس وكل أولاد وبنات آدم! من هنا تكمن أهمية الاحتفاء بالمسرحيات والعروض التي تستأهل المشاهدة من قبل أفراد العائلة كافة· |