رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 فبراير 2007
العدد 1763

مقبرة للحاضر وأخرى للتاريخ
مريم سالم

لا يزال البعض يواصل احترافه في إعادة كتابة التاريخ السياسي بتفاصيله المغيّبة، هذا الأدب الذي يعول عليه إماطة اللثام عن الكثير من الحقائق التاريخية التي يمكن أن تفسر بعض الوقائع الحاضرة، وتكشف النقاب عن بعض الأحداث التي غيرت وجه التاريخ وأصبحت في طي الكتمان وليس النسيان بفعل متعمد من قبل المؤسسات الرسمية التي تغلّف سياساتها بعوالم سرية·

ولعل الإبحار في بعض المذكرات يمكن أن تعطينا الكثير من مفاتيح الفهم في قراءة التاريخ السياسي ولا سيما ونحن نتحدث عن حروب العالم العربي مثلا، ومن المناسب ونحن نعيش يوميات قاسية لحروب الألفية الجديدة، أن نعود بذاكرتنا لتلك الحقب التاريخية التي نحتت ملامح الخارطة العربية، انطلاقا من أن أهم مقاربة لفهم هذا التاريخ هم أهل التاريخ نفسه، الذين ساهموا في تنقيط أبجديات السياسة آنذاك وبشكل ما جعلهم ورثة لأرشيف كامل من الوثائق والتقارير السرية، أسماء كثيرة وكبيرة تقفز إلى الذاكرة كلما استحضرنا كتّاب السير السياسية يبقى أشهرهم محمد حسنين هيكل الذي ينفرد دون الكثيرين بقربه من أهل السياسة ومن منبره الإعلامي التعبوي  بخاصة في حقبة الستينات وما بعدها أصبح شاهد عيان على اللعبة السياسية وأطرافها، بل توغل عميقا لدرجة أن يكون أحد الأطراف الفاعلة، وسلسلة الكتب التي أشهرها في وجه القراء شكلت إضاءات لمن أضناهم البحث وعذبهم الشك وأرهقوا أنفسهم والآخرين بسؤال واحد يتلخص في : أين الحقيقة، وهذا ما ذهب إليه "هيكل" نفسه وبرغبة جامحة في تبصير القارئ  وإن كان يصعب استحضار الحقائق بعد أن بهت التاريخ، حيث ذكر في تقديمه لكتابه سنوات الغليان "إن أيامي في الفترة التي جرت فيها وقائعه كانت أشق تجربة في حياتي، كما أن أيامي في الفترة التي حاولت استعادة هذه الوقائع لكتابتها على صفحاته كانت أصعب مهمة حاولتها في ممارسة مهنتي"·

وتبقى الكتابة عن الشخصيات التي أثرت في التاريخ السياسي المعاصر من أوفر الكتابات حظا وبخاصة تلك التي لعبت أدوارا اتسمت بالتعقيد فقط من أجل خلق توازن قوى قائم على المصالح المتغيرة مما سارع في طمس نظام عالمي ليظهر آخر ليغور الجديد ويبرز الأحدث، وعندما أسدل الستار على نظام القطبين بعد الحرب العالمية الثانية أصبح الرئيس السوفييتي السابق ظاهرة القرن العشرين وخرج المنظّرون ليكتبوا عن ما يعرف "بالغورباتشوفية" و"البروسترويكا" التي ساهمت في تفكيك ما عرف بالاتحاد السوفييتي وأحدثت زلزالا أسقط معه مصطلح أوروبا الشرقية، وكتب شفيق مقار كتابه الشهير "ظاهرة غورباتشوف" ولعل أهم نتيجة توصل إليها الكاتب "أن المسألة ببساطة، مسألة بقاء ومسألة حسابات المكسب والخسارة ومسألة موازنة فيما يتعلق بالاتحاد السوفييتي وكتلته الشرقية فإما الانجراف إلى سباق تسلح يخرب اقتصاد من يستدرجون إليه أو استغلال فرصة إعادة بناء ذلك الاقتصاد وتضييق الفجوة المتسعة باطراد بينه وبين اقتصاد الغرب، إضافة إلى مسألة الموازنة بين احتمالات الشتاء النووي والفناء إذا ما أفلت الزمام واستخدم كل ذلك التسلح المتطور فيما صنع لأجله وهو الحرب، وبين ما يعد به القرن المقبل من وفرة ورخاء لمن يقدرون على الوفاء بمتطلبات الانتماء إلى نادي البقاء"، وهذه الحقيقة مهدت لعصر الحرية وعصر الانسلاخ من مبادئ الشيوعية والانفتاح على الاقتصاد الحر وربما هو الذي وضع الأساس لما يعرف اليوم بالعولمة بعد العزلة القسرية التي رزحت تحت وطأتها الكتلة الشرقية سنوات طويلة·

وإذا كانت مكتبات العالم مليئة بالكتابات التي ترجمت التاريخ وأعادت صياغته ودونت محاضره بعيدا عن مقص الرقيب فلا شك أن المكتبة العربية هي الأقل شأنا من هذه الناحية لأن الحصار الذي يفرض على الذاكرة العربية ربما هو الأصعب وما تم كتابته حتى الآن حصيلة حقب تاريخية بائدة وأبطالها في عداد الهالكين وإن كان هناك استثناءات تهرّب وريقاتها من هنا وهناك إلا أن الشجاعة الأدبية ظلت تنقص كثيراً من المتسورين بالصمت بعد أن طاردتهم حكوماتهم حتى في منافيهم المختارة، لكن ليس من قبيل الصدفة أن يخرق هذا الصمت البليغ بعض الأقلام التي آلت على نفسها لتحمل عبء الشهادة على الواقع وساعدها في ذلك كونها جزءاً من هذا الواقع ولعل شهادة مليكة أوفقير في كتابها "السجينة" والمعاناة التي عاشتها مع عائلتها طوال خمس عشرة سنه في سجن صحراوي في الأراضي المغربية قد أحدث صدمة مجلجلة لنوعية السجون العربية على غرار صدمة العالم في "غوانتانامو" بل أفظع لأن السجون العربية بعيدة عن أنظار العالم لدرجة أن الخارج منها مولود ·

وإذا كان الكاتب العربي غير محظوظ في قدر الحرية المتاح له فإن الكاتب في الغرب قد يصاب بخيبة أمل كذلك حين يدرك أن ما كتبه ليس خفيفا على نفوس البعض وبخاصة حين تتعلق هذه المذكرات بكل ما يتعلق باليهودية أو الصهيونية ولعل شهادة النائب الأمريكي بول فندلي في كتابه الشهير "من يجرؤ على الكلام" جاءت أشد من حد السيف بالنسبة للمنظمات اليهودية المسيطرة على السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه الصراع في الشرق الأوسط حين فضح العلاقة بين "إسرائيل" واللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة وأساليبه في التأثير على أصحاب القرارات السياسية والمالية لمصلحة إسرائيل، وكان من نتائج هذه الشهادة هو إخفاقه طويلا قبل تمكنه من نشر الكتاب لعدم جرأة أي من دور النشر الأمريكية على نشره خوفا من إيذاء اللوبي الصهيوني·

وفي سياق التجربة نفسها خضع المؤرخ البريطاني ديفيد إىرفينغ للاعتقال حين أكد في مؤلفاته إنه من المستحيل أن يكون النظام النازي قد قام بتصفية ملايين من الشعب اليهودي في ما عرف بغرف الغاز في معسكر أوشفيتز، والعديد من المفكرين والمثقفين وبينهم المفكر الفرنسي المسلم رجا غارودي قد تعرضوا بدورهم لحملة عنيفة من المنظمات عندما أنكروا وقوع المحرقة واعتبروها مجرد صناعة يهودية لابتزاز العالم ·

وإذ سعت المنظمات اليهودية المتصهينة إلى محاربة الأصوات التي غردت خارج السرب فإن من المنطق أن تكمم أفواه الرجال الذين من الممكن أن يشهدوا ضد بطش أمريكا في المنطقة العربية وتورطها بهذا الأسلوب السافر لذا يبقى السؤال ماذا دفنت الولايات المتحدة مع رحيل صدام؟

�����
   

حكاية شاعر عاشق لمصر(2-2):
سليمان صالح الفهد
لماذا يمجدون الطاغية؟ :
د.عبدالمحسن يوسف جمال
نحن جميعا ألكساندرا!!:
سعاد المعجل
مهلا سيد بلير!!:
د. محمد عبدالله المطوع
شكرا كرة القدم:
ياسر سعيد حارب
سفارات وسفراء:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
تسمم صحافي!!:
الدكتور محمد سلمان العبودي
"التفكير الخالق للمعرفة":
عادل رضـا
هوية في مهب الريح:
د. لطيفة النجار
أين وزارة التربية من مدارس التعليم الخاص؟:
محمد بو شهري
مقبرة للحاضر وأخرى للتاريخ:
مريم سالم
هلا فبراير.. دعوة فرح حزينة:
على محمود خاجه
السلطة الذكورية في حضرة الموت:
د. فاطمة البريكي
النفوذ اليهودي في ألمانيا:
عبدالله عيسى الموسوي
دواوين الظل ولوبيات الناخبين.. ونواب بوطقة!:
خالد عيد العنزي*
لا يتعلم جورج بوش من تكرار أخطائه:
د. نسرين مراد