رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 ربيع الأول 1427هـ - 19 أبريل 2006
العدد 1724

الطرف غير المرئي
الدكتور محمد سلمان العبودي
dralaboodi@gmail.com

في عام 1532 صدر للفيلسوف والمؤرخ ورجل الدولة الإيطالي نيقولو ميكيافيللي كتابه الشهير (الأمير)·· وجوهر هذا المؤلف هو كيفية محافظة الحاكم على كرسي العرش، ولكننا نستشف منه أيضا كيفية المحافظة على الدولة· فجاء عنوان الجزء الرابع والعشرين من هذا الكتاب : "لماذا فقد أمراء إيطاليا دولهم؟"

وإذا كان مكيافيللي قبل ما يقرب من خمسة قرون قد شرح أساليب الحفاظ على هيبة العرش وبقاء الدولة، فإننا ربما في حاجة هذه الأيام إلى مكيافيللي معاصر يضع لنا كتابا يعلمنا كيف نصفي قادتنا ونضيع الدول التي سهرنا وحاربنا وقاتلنا وقتلنا لأجل بنائها وتحريرها بعد سنوات عجاف طويلة من الاستعمار والذل! ومما نصح به مكيافيللي إلى لورينزو العظيم هو أن "يحبب نفسه لشعبه" احتذاء بفيليب المقدوني الذي من خلال حب شعبه له استطاع أن يصمد بدولته الصغيرة أمام قوة روما واليونان·

وقبل أيام وفي فرنسا، لم يتردد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وأعضاء الحكومة في التراجع عن قراراتهم والنزول إلى أوامر الشارع: أي المواطن العادي· وقبل أن يكون تراجعهم نتيجة تخوفهم من سقوط الحكومة أو ضعف موقف رئيس الجمهورية كان تخوفهم أشد من انشقاق المجتمع الفرنسي· فالملايين التي نزلت إلى شوارع فرنسا في مسيرات تمثل كافة شرائح المجتمع الفرنسي احتجاجا على مشروع قانون توظيف الشباب دون سن 26،  كان من الممكن أن تتحول إلى حرب شوارع بعد التجربة المرة التي مرت بها فرنسا قبل أشهر فقط من ذلك بانتفاضة الطبقات الدنيا من المجتمع الفرنسي والتي اتخذت من ضواحي باريس نقطة انطلاق لها لتمتد في غضون ساعات إلى مدن عدة لتحرق وتكسر وتقتل·

وما الدمار الذي عصف بالمنطقة منذ11/9 المشؤوم على الشعوب المسلمة أينما حلوا، إلا نتيجة ليأس معظم الشعوب العربية والمسلمة من حكامها من جهة، وثقة وحب الحاكم الأمريكي لشعبه من جهة أخرى· فلم تقم (القاعدة) بتلك الهجمة الفريدة من نوعها في تاريخ المسلمين ضد ما يطلق عليهم أعداء الأمة الإسلامية (برغم رفضنا لأي شكل من أشكال العنف ضد الأبرياء أيا كانت توجهاتهم) إلا لشعورها باليأس والكره لمن يفترض أن يحكمها، وأيا كانت التحليلات والتفسيرات والتصورات التي أعقبت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على أفغانستان والعراق ومضايقتها لإيران وسورية وحزب الله والضغوط المستمرة على بعض دول المنطقة وعلى المسلمين في العالم وبرغم الاتفاق العام على أن الهدف لا يتعدى رغبة الولايات المتحدة في (وضع يدها على موارد النفط في المنطقة وحماية أمن إسرائيل)، إلا أن الهدف الأول هو في حقيقة الأمر حماية (أمن) الولايات المتحدة الأمريكية القومي من أن  يتعرض لاعتداء آخر، إضافة لـ (حب) الشعب الأمريكي لرئيسه حتى من قبل هؤلاء الذين صوتوا ضده· ولو أنها استسلمت للأمر لربما تعرضت لهجوم آخر أكثر شراسة·· وهكذا ارتفعت شعبية بوش بعد غزو أفغانستان والعراق إلى نسب لم يسبق لها مثيل· وإن هبطت تلك الشعبية في الآونة الأخيرة إلى أقل من  % 40فذلك يعود إلى فشله في أن يحقق انتصارا في حربه في العراق (حيث تعود الشعب الأمريكي أن يرى نفسه في أفلام الكاوبوي والسوبرمان الرجل الذي يمثل جانب الخير والمنتصر دائما، ولم يكن السبب الحقيقي الأكاذيب التي روّج لها في شن حربه)··· أو بكلمة أخرى، إن الشعب  الأمريكي ينظر إلى فشل رئيسه الحالي في حربه على العراق على أنه فشل في ضمان (أمن) الولايات المتحدة الأمريكية على أراضيها إن لم يكن زيادة المخاطر التي تتهدد ذلك الأمن بسبب زيادة الشعور بالعداء الذي ولدته تلك الحرب لدى أكثر من مليار مسلم· وإذا فقد الحاكم حب شعبه فقد هيبته وفقد بالتالي سيطرته على مقدرات الأمور وأصبحت بلده أكثر عرضة لهجوم آخر·· وربما أكثر شراسة· لذا أطلق على تلك الحرب: الحرب الاحترازية·· القائمة على مبدأ إضعاف الطرف الآخر·

إن إضعاف رموز الحكم القوية والمؤيدة من شعوبها على أيد خارجية تضمر العداء لها سواء من خلال تصفياتها جسديا أو إثارة الفتنة بين طوائفها، أو دفعها إلى الدخول في صراعات داخلية أو حروب خارجية مع جيرانها، هي أفضل الطرق لإضعاف الدول التي ترمي إلى أن تصبح قوية، وبالتالي سهولة السيطرة عليها· وهذا ربما ما ينتظر إيران قريبا فيما لو ضعفت شعبيته داخليا، أو لم يستطع أن يستمر في الحفاظ على تودده إليه·

وهكذا وبعد مرور خمسمائة عام،  نجحت فلسفة نيقولو ميكيافيللي لدى من سعى لحماية دولته، وشرع في إضعاف بعض رموز أو أنظمة الحكم التي سهل كره الشعوب لها والمؤامرات الخارجية ضدها سرعة سقوطها· وهذه الفلسفة بعينها التي طبقت على الاتحاد السوفييتي قبل أكثر من عشرين عاما ونجحت (بعد أن  توافرت الأسباب ذاتها) في تفكيك تلك الإمبراطورية المهيبة لتسقط في فلك الدويلات التي تتبع تعليمات الولايات المتحدة الأمريكية، هي نفسها التي نجحت أيضا في أفغانستان والعراق والدول التي ستستسلم شيئا فشيئا لكي يتم تطبيقها عليها· كما نجحت أيضا في العام الماضي من خلال اغتيال رفيق الحريري تلك الشخصية التي وجهت لبنان نحو إعادة بناء اقتصاده الذي كان قد شهده قبل الحرب الطائفية في منتصف السبعينات وإلى الاستقرار الأمني الذي افتقده منذ تلك الحرب، لتسقط لبنان باغتياله من جديد في دوامة العنف والاغتيالات والاضطرابات الداخلية والتهديد بعودة الحرب الطائفية مرة أخرى، وقبل أسبوع كادت تلك الفلسفة الميكيافيللية أن تنجح أيضا على أرض لبنان نفسه حينما أحبطت مديرية الاستخبارات اللبنانية مخططا لاغتيال رمز خطير آخر من رموز تشكل التاريخ اللبناني الحديث والذي ارتبط اسمه بالتحرير والمقاومة وحب الوطن والشعبية التي تدعمه والتي لم يكن لها مثيل من قبل ألا وهو الشيخ حسن نصر الله بينما كان متوجها في طريقه للمشاركة في أعمال مؤتمر الحوار· ولو نجحت المؤامرة وقتل الشيخ، لكان مقتله اليوم على الساحة اللبنانية أشبه بيوم القيامة! ولكن الله سلم!

إن الهدف من تلك المحاولة ليس في حاجة إلى طول تفكير، ولكن الأيام القادمة سوف تكشف إن لم تكن  قد كشفت عمن يختبئ خلف الأكمة·····

جامعة الإمارات

dralaboodi@gmail.com

�����
   
�������   ������ �����
بين العصر الحجري والعصر الدموي
الحكيم الصيني وسوبرمان وغونو
يبدو أن الموضوع أصبح جديا
نحن لانستحق صفة الإنسانية
عندما غضبت سيغولين رويال
بين الأحد الماضي والأحد القادم: حظنا العاثر!
هيكل ولكن بضخامة جبل
حيلة كليوباترا...
الأدوار الجديدة.. من الداخل
تسمم صحافي!!
ماذا اكتشفت ناسا؟
الإعلام والضمير المباع بالدولارات
بيني وبين ذلك الفرنسي...
هؤلاء الذين غيروا موازين القوى
المنطقة والقادم... ماذا ننتظر؟
من سيمسك بالعصا من وسطها؟
المحاكمة...الظالمة
الموت بالجملة والمفرق
وماذا بعد نهر الليطاني؟
  Next Page

في انتظار "الربعي"!:
سليمان صالح الفهد
شعبية شركة اتصالات ثالثة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
يا أهل العراق تكاتفوا:
محمد بو شهري
حوار من بعيد(5):
فهد راشد المطيري
"الإرهابيات":
د. حصة لوتاه
سيد.. خلاص.. يا سيد!!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الهجرة إلى الجنة الامريكية:
د. محمد حسين اليوسفي
اللوبي الصهيوني في أمريكا:
عبدالله عيسى الموسوي
الفساد بين الأمس واليوم:
يوسف الكندري
أزمة صراحة أم أزمة مبادئ:
عبدالخالق ملا جمعة
الجعفري والمهاتما غاندي:
فيصل عبدالله عبدالنبي
الطرف غير المرئي:
الدكتور محمد سلمان العبودي
ماذا يحدث في العراق؟:
المحامي نايف بدر العتيبي
سؤال نووي!!:
سعاد المعجل
مشاهدات كويتي في الكويت:
عبداللطيف الدعيج