رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 ربيع الأول 1427هـ - 19 أبريل 2006
العدد 1724

الهجرة إلى الجنة الامريكية
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

EL Noter أو "إلى الشمال" هذا ما تقوله الآلاف المؤلفة من الذين يخترقون الحدود الأمريكية بصورة غير قانونية قاصدين مدنها وأريافها سعياً وراء لقمة العيش وبحثاً عن حياة كريمة لم يحالفهم الحظ في تحقيقها في أوطانهم وهؤلاء ينحدرون من كل أجزاء المكسيك وبلدان أمريكا الوسطى وحتى من بلاد بعيدة عن تلك الحدود كالبرازيل وكولومبيا، ومن كثرة أعداد هؤلاء حسب الكرستيان سينس مونيتور 3/29- أن دوريات الحدود الأمريكية قد ألقت القبض على مليونين ونصف منهم، بمعدل إلقاء القبض على شخص كل 30 ثانية في العام 2005!! ولا غرابة والحال هذه أن يكون عدد من استطاع التسرب من هؤلاء والوصول إلى الجنة الأمريكية بطريقة غير شرعية يفوق أحد عشر مليوناً!!

ومن المعروف أن الولايات المتحدة الأمريكية دولة تأسست على أيدي مهاجرين إلا أن معدلات الهجرة قد زادت في السنوات الأخيرة، ومعظم هؤلاء  يكونون من المهاجرين غير الشرعيين، فطبقاً للنيويورك تايمز "3/29" فإن 33 مليونا من سكان أمريكا قد ولدوا في بلاد أجنبية "بمعنى أنهم من المتجنسين" وهذا العدد هو الأعلى منذ أن بدأت الحكومة الاتحادية في الاحتفاظ بسجلات الهجرة في العام 1850 ولا شك أن السماح بالهجرة الشرعية للولايات المتحدة و "التسامح" مع المهاجرين إليها عن طريق التهريب إنما يأتي تماشياً مع تقاليد عريقة مصدرها كما قلنا أن أمريكا أمة من المهاجرين أو وفقا لتعبير لنيوزويك الاسبوعية "4/4" "أمة من الأجانب"·

غير أن لذلك التوجه جانبا اقتصادياً مهما وهو أن المهاجرين بصورة غير قانونية، إنما هم قوة عمل رخيصة بالذات في القطاعات التي لا يقبل عليها عادة المواطن الأمريكي المستوطن بتلك الأرض منذ مدة طويلة، والعمال المهاجرون هؤلاء عادة ما يتعرضون لاستغلال بشع حيث لا يطبق عليهم أرباب العمل "الحد الأدنى من الأجر" أسوة بنظرائهم من العمال المقيمين بصورة قانوينة، وحسب النيوزويك فإن الأحد عشر مليونا هؤلاء يعمل 29  في المئة منهم في أعمال الزراعة و 25 في المئة في أعمال البناء والتشييد و18 في التجنيد، بيد أن الغريب في الأمر أن 20 في المئة من هؤلاء هم من مهندسي معدات الكمبيوتر!!

ولا شك أن فتح باب الهجرة على مصراعيه يثير دائما حفيظة البعض لاعتبارات شتى، ناهيك عن تكون هذه الهجرة عبارة عن عمليات تسلل واسعة تحمل الملايين من الغرباء مما يؤدي إلى إثارة مخاوف الداعين إلى المحافظة على "الهوية الوطنية" أو المتذمرين من أن الغرباء ينافسونهم في لقمة عيشهم، أو الذين يرون أن وجود المهاجرين يضغط على الخدمات العامة مثل العلاج والتعليم، وهي بالمناسبة خدمات تقدم في أمريكا سواء أكان الشخص مقيما بصورة شرعية أو غير شرعية، وربما زاد الطين بلة أحداث الحادي عشر من سبتمبر  والخوف من تسرب الإرهاب عن طريق الهجرة غير المشروعة وبالتالي أصبحت القضية مرتبطة بالأمن القومي·

وقد طرح مشروع قانون لحل معضلة الهجرة تلك، ووافق عليه مجلس النواب في ديسمبر الماضي لعل أبرز بنوده هو تجريم المقيمين بصورة غير قانونية باعتبارهم مخالفين لأنظمة وقوانين الإقامة "الهجرة حسب الدارج في أمريكا"·

ومن الطريف أن الولايات المتحدة لا تملك قانوناً مكتوباً ومدونا للجنسية والإقامة "قانون الهجرة" بل تعتمد في ذلك على السوابق القضائية، وهي تنطلق في منح جنسيتها على مبدأ حق الإقليم، فالمولود على أرض أمريكية هو مواطن بصفة أصلية سواء أكان أحد والديه أمريكيا أو مقيما وافداً، يستوي في ذلك المقيم بصورة شرعية أو غير شرعية·

وفي الأسبوع الماضي بدأت مداولات مجلس الشيوخ "الكونغرس" للقانون وسط موجة عاتية من المظاهرات التي انطلقت من عدة مدن ومنها لوس أنجلوس والتي ضمت نصف مليون شخص كان أغلبهم من "الهسبنك أو ذوي الأصول اللاتينية من المكسيك وأمريكا الوسطى والجنوبية" ودخلت قضية الأحد عشر مليونا من المهاجرين غير الشرعيين في صلب العملية السياسية الأمريكية واستقطاباتها الانتخابية، لذلك انقسم الجمهوريون بين مؤىد للقانون المطروح، وبين متريث كالرئيس بوش الذي قال في معية مضيفه الرئيس المكسيكي فينسنت فوكس ورئيس وزراء كندا ستيفن هاربر في منتجع كانكون: "انطلاقا من أن أمريكا هي أرض المهاجرين لابد من معاملة الناس باحترام"·

ولعل موقف الكنيسة هو الأكثر صلابة في الوقوف ضد القانون المطروح، ذلك أن هذا القانون يجرم في أحد بنوده من يساعد المهاجرين بصورة غير شرعية ويتستر عليهم والكنيسة في أمريكا هي أكثر من يساعد هؤلاء من باب الرحمة والشفقة وعمل الخير، ولذلك أعلن كاردينال كاليفورنيا "ماهوني" إنه لن ينصاع لهذا القانون لو أقر وجاءت كلمات السيناتورة هيلاري كلنتون لتصيب الجمهوريين في الكبد حيث أكدت أن تلك المقترحات لا تتسم بقسوة القلب فقط، بل هي منافية للعقيدة المسيحية أيضا، إذ من شأنها تجريم المواطنين فاعلي الخير الحقيقيين وربما حتى المسيح·

ما يهمنا نحن أبناء الخليج العربي من هذا الجدل هو أن نعتبر مما يحدث في المجتمعات التي تواجه مشكلات شبيهة بالمشكلات التي نعاني منها، إذ لا يعقل في مجتمعات مواطنوها يمثلون أقلية ضئيلة من سكانها أن تظل أبواب التجنيس موصدة أمام من أقاموا في ربوعها عقوداً طويلة وساهموا في نهضتها مساهمة فاعلة·

alyusefi@taleea.com

�����
   

في انتظار "الربعي"!:
سليمان صالح الفهد
شعبية شركة اتصالات ثالثة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
يا أهل العراق تكاتفوا:
محمد بو شهري
حوار من بعيد(5):
فهد راشد المطيري
"الإرهابيات":
د. حصة لوتاه
سيد.. خلاص.. يا سيد!!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الهجرة إلى الجنة الامريكية:
د. محمد حسين اليوسفي
اللوبي الصهيوني في أمريكا:
عبدالله عيسى الموسوي
الفساد بين الأمس واليوم:
يوسف الكندري
أزمة صراحة أم أزمة مبادئ:
عبدالخالق ملا جمعة
الجعفري والمهاتما غاندي:
فيصل عبدالله عبدالنبي
الطرف غير المرئي:
الدكتور محمد سلمان العبودي
ماذا يحدث في العراق؟:
المحامي نايف بدر العتيبي
سؤال نووي!!:
سعاد المعجل
مشاهدات كويتي في الكويت:
عبداللطيف الدعيج