في ظل التصاعد المتزايد لأسعار النفط·· يبرز استهلاك الصين المتنامي ليشكل عاملا رئىسيا في زيادة الطلب وبالتالي في ارتفاع الأسعار!!
الدول الاقتصادية المتقدمة·· وعلى رأسها الولايات المتحدة ترى أن مارد الشرق العظيم قد استيقظ من سباته·· وأن خطره الذي كان مجرد افتراض·· أصبح واقعا ملموسا!!·
ومارد الشرق هذا·· ليس الصين وحدها·· وإنما كتلة دول الشرق الأقصى وعلى رأسها الصين، واليابان وكذلك الهند!!
ففي مايو الماضي·· ضجت أمريكا من جراء صفقة قوامها 18,5 مليار دولار تقوم بموجبها شركة "تشاينا ناشنال أوفشور أويل كومباني" (كنوك) بالاستحواذ على شركة يونوكال الأمريكية!! وقبلها قدمت شركة هاير التي تنتج الأقمشة القطنية عرضا بلغ 2,25 مليار دولار لشركة ميتاج الأمريكية المنافسة!! وقبل الصين كانت شهية اليابان مفتوحة على أوجها لشراء كل ما تستطيع شراءه في الولايات المتحدة·· من شركات سينمائىة الى لوحات فنية باهظة الثمن والقيمة التاريخية!! أما الهند·· فإن الإحصاءات تشير الى أن %38 من الأطباء في أمريكا هم من الجنسية الهندية·· و%12 من العلماء هنود·· و %36 من علماء وكالة الفضاء الأمريكية أيضا هنود·· أما شركات الكمبيوتر فإن إحصاءاتها تقول بأن %34 من موظفي مايكروسوفت هم هنود·· وأيضا %28 في آي بي أم·· أما أنتل فكانت حصة الموظفين من الجنسية الهندية %17، وشركة زيروكس %13!!
أمام أرقام وإحصاءات وصفقات تجارية كهذه·· تتزايد حدة القلق في أوروبا وأمريكا من تنامي حركة المال والاقتصاد الآسيوية·· ويتضح من خلالها أن المشاريع الاقتصادية التي اقترحها المعسكر الغربي بهدف محاصرة مارد الشرق العظيم·· كاتفاقية الغات·· والتجارة الحرة·· وفتح الأسواق والى آخر ذلك من مشاريع·· ستكون في صالح دول آسيوية كالهند والصين واليابان·· والتي سيمكنها انفتاح الأسواق على بعضها البعض·· من تحقيق تنمية اقتصادية مدججة بخبرات الغرب·· خاصة في المجالات التكنولوجية!!
لقد شكلت دول الشرق، وخاصة الصين والهند في البداية·· فرصا جيدة لاقتصادات الدول المتقدمة التي رأت في هذه الدول سوقا ضخمة لتسويق منتجاتها·· بالإضافة الى كونهما -- أي الهند والصين - مواقع مثالية للكثير من الشركات الغربية التي كانت تسعى لخفض تكلفة الإنتاج من خلال نقل مصانعها الى هناك حيث العمالة الرخيصة!! لكن الوضع الآن تغير كثيرا·· وأصبحت الدول المضيفة شريكة مباشرة في العديد من الشركات الغربية!! هذا بالإضافة الى الأرقام الخيالية التي تتحدث عن فائض تجاري صيني تضاعف خمس مرات في عام واحد فقط·· وارتفاع في نسبة الصادرات الصينية جاوز الـ %30!!
إن المعضلة الحقيقية من وراء هذا النمو الهائل لمارد الشرق·· ليست فقط في منافسته للغرب المتقدم اقتصاديا·· وإنما لكون الاقتصاد مرتبطا ومتلازما بالسياسة·· وبالتالي فإن النمو الاقتصادي بهذه الصورة سيحمل في طياته نفوذا سياسيا·· قد يربك معادلة الاستراتيجيات الغربية·· وخاصة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط الذي أصبحت الولايات المتحدة اللاعب الوحـيد فيه مع سـقـوط الاتحاد السوفييتي!!
ينشر بالتزامن مع جريدة "البيان" الإماراتية
suad.m@taleea.com |