رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 16 رمضان 1426هـ - 19 أكتوبر 2005
العدد 1700

هل نملك الجرأة بالاعتراف بأميتنا... "البيئية"...؟
مشاري الصايغ
al_sayeghq8@hotmail.com

يتعرض العالم حاليا إلى أشكال متعددة ومتفرقة من حالات الخروق التي تتعرض لها كل من حقوق الإنسان البيئية، فالأنظمة البيئية تعاني اليوم من مستويات اختلال خطيرة تدعو للقلق والخوف على صحة الإنسان الحالي  ومستقبل الأجيال القادمة، وتساهم العديد من العوامل المتداخلة والمترابطة في هذا الوضع سواء كانت اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو تقنية، إلخ· وكلما كان الوضع الثقافي والتوعية في دولة ما هشا يزداد الوضع استفحالا بسبب في الأوضاع البيئية من حيث مكوناتها الطبيعية والبشرية وضعف تطبيق النصوص القانونية وعدم فعالية المجتمع المدني في مجال التوعية والضغط في اتجاه تصحيح تلك الأوضاع· ويعزو السبب الأساسي للوضعية الحالية لحقوق الإنسان والبيئية إلى استمرار أنماط التنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يسود العالم في إهمال الاعتبارات الإنسانية والبيئية على حد سواء ولقد أكدت العديد من الحقائق على وجود علاقة متبادلة بين حقوق الإنسان والبيئة وهي علاقة رغم أنها لم تتبلور بعد بما فيه الكفاية من حيث التصور المفاهيمي والممارسة في مجال دمج البعد البيئي في إطار حماية حقوق الإنسان والنهوض بها وإنهما وجهان لعملة واحدة بالأساس، فكيف لنا أن نطالب بالحرية والتعبير عن الرأي والكرامة ونغفل أن ينعم بجو من الصحة والأمان البيئي والتقدم، والرفاهية لأ تكون من دون المحافظة على بيئة (وبأي حال الإدراك الكامل لحقوق الإنسان لا يمكنه إلا أن ينعكس على بقية الحقوق الأخرى)·

وتتجلى العلاقة بين حماية البيئة وحقوق الإنسان بوضوح من خلال مفهوم التنمية المستدامة والذي تم اعتماده في مؤتمر ريو بالبرازيل حول البيئة والتنمية سنة 1992 ويعني هذا المفهوم التنمية التي تستجيب لحاجات الأجيال الحاضرة والمقبلة بشكل عادل ويمكن تفسير هذا المفهوم إلى ثلاثة عناصر هي: العنصر البيئي والاقتصادي بحيث لا يمكن تصور تطبيق هذا المفهوم إلا بتفاعل هذه العناصر الثلاثة مع بعضها البعض بحق الفرد في بيئة ممكنة من حياة صحية وكريمة تجعله يبدع في عمله ويحقق ذاته ويساهم في تقدم بلاده، وإن أهم ما يميز النص الدولي المتعلق بالبيئة هو مقابلة للحق والواجب في مجال المحافظة على البيئة وذلك أنه مقابل حق للإنسان في بيئة سليمة ومتوازنة عليه واجب المشاركة في حمايتها ضمانا لمصالح الأجيال الحاضرة والمقبلة·

ولقد أثبتت العديد من المؤشرات الموضوعية أن التدهور البيئي وعلى سبيل المثال بين الفئات المثقفة والجاهلة فرغم أن الفئة الأمية تساهم بشكل كبير في الاختلال البيئي بسبب أنماطها وثقافتها الاستهلاكية غير المعقولة، فالذي يتحمل هذا هو الفئة الاجتماعية المثقفة (الواعية) حيث يتحمل جزءا مهما من تكاليف تغطية الخسائر البيئية· ولقد أدرك الإنسان أن إخلاله بالاتزان الطبيعي بين عناصر البيئة قد أدى إلى وصول حالة البيئة إلى حدود حرجة أوشكت على الاختلال ولم تعد قضايا البيئة تشكل هاجسا يهدد المستقبل وحسب، بل أصبحت واقعا جسيما يهدد حياة الأجيال الحالية مما لاشك فيه أن العلم والمعرفة عاملان أساسيان في رفع مستوى الحس تجاه البيئة والمحافظة عليها فالناس أعداء ما يجهلون·

إن الجهل البيئي الذي نعيشه في الكويت يدعونا إلى مفهوم جديد ودعوة جديدة وهي "محو الأمية البيئية" نعم الأمية البيئية قد يستغرب الكثيرون لكن هذه الحقيقة يعاني منها مجتمعنا وبشكل مؤثر، فلم تعد الأمية مصطلحا يقصد به أمية القراءة والكتابة بقدر ما يقصد به أمية المعرفة والسلوك والخلق فهناك ممن لا يعرفون القراءة والكتابة إلا أنهم حكماء قادرون على التعامل مع أنفسهم وما حولهم من مكونات بيئتهم ومجتمعاتهم بصورة حضارية راقية يفتقدها الكثير ممن يقرؤون ويكتبون إلا أنهم أميون بمقاييس أخرى لعلها من المقاييس الأكثر أهمية في تفاعل الإنسان مع نفسه ومع بيئته· إن إدراك الفرد والجماعة لأهمية البيئة وضرورة المحافظة على مواردها الطبيعية ضرورة لابد منها إذا أصبحت حياة الإنسان ورفاهيته مرتبطة كل الارتباط بصحة البيئة والاستغلال المستدام لمواردها الطبيعية·

وهذه هي أبرز أسباب مشكلة البيئة في الكويت والذي تجعل الأفراد والمصانع تتفنن بقتل روح البيئة التي هي حاضرنا ومستقبل أبنائنا، وأيضا النظرة إلى الاهتمام بالبيئة بأنه نوع من أنواع "الترف" أو مجرد هواية لشغل وقت الفراغ·

مهما كان اهتمام الدولة والشخصيات بالبيئة كبير - مشكورين - لن يجدي أو يحقق الهدف من الرقي والمحافظة على بيئتنا إذا لم نعالج المشكلة من الأساس، وهي أولا الاعتراف بتفشي (الأمية البيئية) لدى المجتمع الكويتي، وثانيا حل المشكلة بأساليب علمية تجذب الكبير قبل الصغير، والنظر إلى البيئة بأنها حياة أمة ومستقبل الأجيال ولا رفاهية من دونها· كلنا رأينا ماذا حدث بعد أن تمت حملة الاستهلاك والماء والذي أوجده المجتمع نوع من ثقافة بيئية وإن كانت محدودة جدا لكنها أثمرت تقليص الاستنزاف الشره للماء، هذا الإنذار يجب أن يتم الاستفادة منه قبل الوقوع بأي أزمة أو مشكلة بيئة بالكويت أخرى (لا سمح الله) وعلينا التعامل مع الأمية البيئية مبكرا كحل جذري يضمن ازدهار بيئتنا· تساؤل بريء: هل سنفكر (بالأمية البيئية) وبالحق البيئي للإنسان فقط في علاج الضرر عند حدوثه أو تعرضه له؟ وهل سننتظر أي كارثة بيئية تصيبنا لنؤمن بأهمية القضاء على هذه الأمية التي تنخر بالمجتمع الكويتي؟

al-sayeghq8@hotmail.com

�����
   

الدستور العراقي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
مارد الشرق العظيم:
سعاد المعجل
حوار مع الذات(5):
فهد راشد المطيري
مسجد الجهراء ليس الأول:
صلاح الفضلي
تطورات مرتقبة!:
عامر ذياب التميمي
الدور المطلوب:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
هل نملك الجرأة بالاعتراف بأميتنا... "البيئية"...؟:
مشاري الصايغ
تبعات الانسحاب من قطاع غزة:
عبدالله عيسى الموسوي
معقولة يا بورمية؟:
على محمود خاجه
رسائل قصيرة الى...:
مسعود راشد العميري
معالجة القروض مطلب وطني:
عبدالخالق ملا جمعة