| صفّقنا كثيراً لعملية تحرير العراق وإسقاط نظام الديكتاتور صدام حسين وغلبتنا العاطفة ونسجنا أحلاماً وردية بمستقبل الشعب العراقي ومستقبل علاقتنا معه، في الحقيقة إن تفاؤلنا وتحليلنا لما ستؤول إليه الأمور لم يتحقق، وعندما تسيطر العاطقة يغيب العقل وعند غيابه تكون نتيجة التحليل خاطئة ومدمرة وينقلب التفاؤل تشاؤما، قد نجد العذر لأنفسنا على مثل هذا التأييد بسلب ما لقيناه من رأس النظام البائد من غدر وخيانة ونذالة واحتلال بشع وتدمير لثرواتنا وقتل لطموحاتنا وإهانة لكرامتنا وسحق لمقدراتنا وهذا قد يخفف شيئاً من حالة الذهول والدهشة الحالية فلم يعد لتفاؤلنا من وجود في ظل الظروف التي يعيشها الشعب العراقي، فالدكتاتور قد ذهب إلى غير رجعة ولكن يبدو أن غيره في طور النمو والتطور، فهل ستلد ما تسمى بالعملية الديمقراطية في العراق دكتاتورية حديثة تكتسب شرعية دولية وهنا مكمن الخطورة، فدكتاتورية صدام لم تكتسب مثل هذه الشرعية وخصوصاً في ما يتعلق بعلاقات العراق الخارجية وطموحاته التوسعية، إنما اليوم الوضع مختلف!
هل الديمقراطية في العراق تعني استيلاء الأحزاب الطائفية والمذهبية والقبلية على السلطة والحكم في العراق؟ وهل تحويل الجمهورية العراقية العربية إلى دولة يحكمها الشيوخ والاسياد والمرجعيات ويصرفون أمورها حسب معتقداتهم وطقوسهم هو المطلوب تحقيقه؟! وهل هذه الديمقراطية الموعودة التي تحقق التقدم والرفاه والتطور للشعب العراقي وتعوضه عن سنين الحرمان والمعاناة؟! أين دور مؤسسات المجتمع المدني؟ وأين الأحزاب والتنظيمات الوطنية؟ أين العلمانية في بلد كالعراق يحتاج إليها أكثر من غيره لتعدده وتنوعه واختلافه·
هل العراق فقط أكراد وسنة وشيعة يتطاحنون في ما بينهم لتحقيق مكاسب لرموزهم، أما مواطنوهم فليس لهم سوى الفقر والجوع والحرمان وعدم الاستقرار ومليشيات لتحقيق مكاسب القادة·
ديمقراطية المحاصصة والتوافق لم تحقق الأمن والاستقرار لأي دولة ولنا في لبنان تجربة أثبتت فشلها، فالديمقراطية الحقيقية هي التعددية والحرية وصندوق الانتخاب يحدد دون أرقام ومناصب من يتسلم السلطة ويمثل الشعب كاملاً ولا يمثل طائفة أو مذهبا، وأخيراً، هل الديمقراطية في العراق تعني انسلاخه عن أمته العربية مهما كان تاريخ هذه الأمة والرضوخ لتوجهات أمة قد تعاديه وتمتطيه لتحقيق أهدافها على حسابه؟!
nayef@taleea.com |
