ستستمر الساحة العراقية ملأى بالأحداث والمفاجآت وستخرج بعض الشخصيات التي ستفرض نفسها على هذا الواقع المتغير·
ومن هذه الشخصيات السيد مقتدى الصدر بن السيد آية الله محمد صادق الذي اغتاله صدام عام 1999 مع اثنين من أبنائه·
وهو من عائلة "الصدر" العلمية المعروفة والمتواجدة في العراق ولبنان وإيران والتي نبغ منها آية الله السيد محمد باقر الصدر الذي اغتاله صدام مع أخته الشريفة بنت الهدى، ولد السيد مقتدى وترعرع في مدينة النجف الأشرف وعاش فترة الرعب الصدامي وشاهد مقتل مئات الآلاف من مدينة النجف وحدها ناهيك عن بقية العراق·
تخرج والده السيد صادق الصدر من كلية الفقه ودرس فترة عند السيد محمد باقر الصدر وعند السيد الإمام الخميني رحمهم الله ودرس هو عند والده·
اعتقل السيد مقتدى بعد الانتفاضة الشعبية في الجنوب والتي قتل فيها ما يقارب نصف مليون نسمة·
وشاهد هجرة الآلاف من المواطنين الشيعة من علماء وقيادات سياسية ومثقفين وعوائل وأغلبهم بتهمة الموالاة لإيران، وهي تهمة تساقطت مع الزمن ولم يعد لها صدى الآن وخاصة بعد أن أصبحت إيران إحدى الدول المؤثرة على المعادلة العراقية·
بقي آل الصدر في العراق مع الأغلبية الصامتة بعد أن اعتبرهم الصداميون كمّا مهملا واستطاع السيد محمد صادق الصدر والد مقتدى أن يستغل الظروف بعد انهزام صدام وخروجه من الكويت في ملء الفراغ الديني والتحرك على الساحة العراقية وجذب الغالبية العظمى من الشعب العراقي، والذي تجرأ للخروج والاقتداء به في صلاة الجمعة والتي كانت تتسع شهرا بعد آخر وانتشرت في أكثر من مدينة·
وتحرك السيد محمد صادق الصدر بأسلوبه الجديد ليحيي الحس الديني وليخلق مدّا إسلاميا شعبيا متسعا مما أثار النظام المقبور والذي شعر بشعبيته الكبيرة فسعى الى قتله مع ابنيه خوفا من أن تشكل حركته خطرا على النظام·
ولكن النظام ما لبث أن سقط بعد الهجوم الأمريكي، فأخذت القوى العراقية تعيد صفوفها والتواجد على الساحة واستطاع السيد مقتدى تجميع أعوان والده والعودة بهم الى الساحة وإعادة صلاة الجمعة الجماهيرية التي أوقفها النظام المقبور بعد اغتيال والده·
والسيد مقتدى الذي يتميز بدهاء سياسي يدعو في تصريحاته المثيرة للجدل الى وضع جدول زمني لرحيل القوات الأمريكية والدعوة لإنشاء ميليشيات مسلحة وإعلان حكومة وعدم المساس بكرامة العراقيين كما صرح بذلك أكثر من مرة·
وأيا كان الرأي حول السيد مقتدى الصدر وتصريحاته فإن الجماهير الغفيرة التي تلتف حوله كأحد الزعامات المؤثرة فرضته على الساحة العراقية وخلقت منه زعيما شعبيا امتدادا لوالده الشهيد· |