هناك قصة شهيرة وموثقة حدثت في الكيان الصهيوني منذ سنوات حيث أصيب أحد عرب 48 بسكتة قلبية وحيث إنه لا يمتلك جهاز هاتف في منزله فقد لجأ أهله الى أحد جيرانهم من اليهود لاستئذانه في استخدام هاتفه للاتصال بالمستشفى، ولكن الجار اليهودي رفض بحجة أن اليوم هو السبت الذي يحظر القيام فيه القيام بأي عمل، فقالوا له: “نحن لا نطالبك بانتهاك حرمة يوم السبت وسنجري الاتصال بأنفسنا، إذا سمحت لنا بذلك” ولكنه لم يقتنع بذلك وكانت النتيجة أن مات العربي ذو الجنسية الإسرائيلية بالسكتة القلبية لأن جاره اليهودي رفض السماح باستخدام هاتفه للاتصال بالمستشفى·
وعند سؤال كبار حاخامات إسرائيل عن هذه الحادثة أجابوا بصورة موحدة: “إن هذا اليهودي لم يخطئ عندما ترك جاره غير اليهودي يموت بالسكتة القلبية، بل على العكس من ذلك، إنه يهودي صالح” ودعموا فتواهم بنصوص واضحة في “التلمود”·
وعند سؤالهم إذا كان المريض يهوديا فكانت الإجابة: “إذا كان المريض يهوديا، يصبح للمشكلة وجه آخر، إذ يجوز في هذه الحالة انتهاك حرمة ذلك اليوم من أجل إنقاذه”·
هذه قصة، تعبر عن العقلية المنحرفة التي تسيطر على الشارع الإسرائيلي ولعل قراءة في الكتب الدينية المحرفة والمليئة بالحقد على الأديان السماوية الأخرى تعطينا دلالات قطعية على ذلك، فنقرأ في “سفر التكوين الجزء 9” بركات نوح بسيادة اليهود على العالم، وفي “سفر التكوين - الجزء 12” نجد الحديث بشكل مفصل عن مباركة الرب لشعب إبراهيم ووعده له بأن الأرض من النيل الى الفرات هي ملك له، وكذلك الأمر بالدعوة لليهود بالتوسع في الأرض ومعاداة غير اليهود أو ما يطلق عليهم “الأغيار” وذلك في نصوص واضحة في كتب “سفر الخروج” و”سفر اللاويين” وغيرها·
ونجد في “التوراة” المحرفة دعوة صريحة من منطلق عقائدي لتدمير كل المدن العربية بينما نقرأ في “التلمود” أن غير اليهود ليسوا بشرا، وإنما “كلاب وشياطين”، ولا أحد يحرم قتل الكلاب والشياطين·
ومن المعروف أن الحاخامات ورجال الدين باتوا ذوي ثقل كبير في إدارة شؤون إسرائيل السياسية حاليا وأن دستور هذه الدولة هو التوراة وفيه مادة تقول: “إن حدود إسرائيل من الفرات الى النيل”، وهذه العبارة موجودة على مدخل الكنيست الإسرائيلي، والحاخامات يتمسكون بها بل إن بعضهم يقول إن فشل غزو بلادهم للبنان عام 1982 سببه عقاب إلهي لخطيئتها في إعادة جزء من أرض الميعاد “سيناء” الى مصر·
ما سبق يعطينا صورة واضحة للأسباب الحقيقية وراء تعنت الصهاينة في الموافقة على مشروع “خارطة الطريق” للسلام في الشرق الأوسط والذي يعطي اليهود قرابة %78 من أرض فلسطين التاريخية مقابل دولة فلسطينية لا تمتلك أدنى مقومات السيادة·
إن المنطلق الذي يستمد منه اليهود مواقفهم هو منطلق عقائدي منحرف ولكنهم متمسكون به الى النهاية ولا يجرؤ أحد أيا كان موقعه أن يقدم تنازلات تخالف هذه الشرائع، فأين منطلقاتنا العقائدية في الصراع مع اليهود يا دعاة التطبيع والتنازل على هذه الأرض المقدسة والتفريط بحق العودة الشرعي والقبول بواقع أليم بعدما استطاعت الانتفاضة الباسلة تكبيد العدو خسائر جسيمة وزلزلت الأرض من تحت أقدام اليهود؟!!·
abdullah.m@taleea.com |