رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 18 يوليو 2007
العدد 1783

دوي الأفكار
سقراط الكويت
فيصل عبدالله عبدالنبي
machaki@taleea.com

من منطلق "التاريخ يعيد نفسه"، و"سيروا في الأرض فانظروا عاقبة الذين من قبلكم"، وما إن يصاب مجتمع ما بداء فلا عليه إلا أن يفتش في الأمم والحضارات السابقة فإنه في أغلب الأحيان سوف يجد الحل، والسبب أن الإنسان هو الإنسان ممكن أن يتطور في جوانب الآلة والأمور المادية، ولكن الجانب الأخلاقي والنفسي والعقلي والإجتماعي والروحي هو نفسه في صراعه مع سلبياته وإيجابياته والخير والشر، فعلى ذلك نلاحظ مثلا أن بالحضارة اليونانية واجه سقراط مشكلة كانت مستشرية في الأجواء العامة بين الناس وهي عدم الاتفاق على ماهية الأشياء والمقصود جوهر الشيء، مثلا "العدالة" كل مجموعة لها تعريف للعدالة وليس لدى المجتمع معرفة بماهية وجوهر العدالة كي يكونوا متفقين على تعريف وفهم جامع مانع حول مفهوم العدالة كي يطبق بشكل سليم، ولذلك أحد المهام التي قام بها سقراط في محاوراته هي جعل المتحاورين معه يقومون بإعادة صياغة للمفاهيم من خلال الحوار كي يتوصلوا لتعريف جامع مانع لا يشوبه خلل أثناء التطبيق، ولذلك كان يحاورهم حول معنى العدل والظلم والفضيلة·· الخ· لأن المجتمع أصبح يعاني من تحريف هذه المفاهيم وتعريفها تعريفا لا يتوافق مع جوهر هذا المفهوم بل أصبح كل فرد لديه تعريف خاص من باب حرية الفكر التي استغلت بشكل خطأ واستخدمها البعض لعمليات النصب والاحتيال والنفاق السياسي·

أتصور اننا نحتاج سقراطا كويتيا يحاول إعادة صياغة الكثير من المفاهيم التي تتداول عندنا هذه الأيام كي يتماشى التعريف مع التطبيق وبرنامج العمل والممارسات على المستوى الشخصي والسياسي والاجتماعي، فلا أتصور أن معنى "الإصلاح" لدى التكتل الشعبي هو نفسه معنى "الإصلاح" لدى التكتل الإسلامي، والدليل ما نراه في البرلمان حين مناقشة الاستجوابات والقضايا المطروحة في الساحة· فلو كان الجميع لديه تعريف واحد حول "الإصلاح" لما اختلف قطعا في الموقف والعمل ·

وكذلك مفهوم "الكفاءة" لا أتوقع الجميع متفقا على تعريفه على أرض الواقع ومن حيث الممارسة، فهناك من ينادي بالكفاءة ولكنه لا يتجرأ أن يستجوب وزيرا  محسوبا على جماعته مهما كان مخالفا لمبدأ الكفاءة !، بل بدأ البعض ينحت مفاهيم جديدة على ثقافة المجتمع ويحاول الترويج لها وتشريع قوانين لحمايتها، فكثيرون ينادون بالدفاع عن "ثوابت الأمة" ولكن لا أتوقع أن الكل متفق على تعريف وتحديد ما هي الثوابت للأمة وما هي الأمور التي يريد البعض جعلها ثوابت لأمر في نفس "يعقوب"، والأمثلة كثيرة ولكن المهم كيف نعالج هذه المشكلة التي تخلط الحابل بالنابل، فلا نستغرب لو أن جماعة ما خرجت بمفهوم "الدفاع عن المدافعين عن الأمة" ووضعت إسم أسامة بن لادن والظواهري والزرقاوي كشخصيات دافعة عن الأمة ولا يجوز التطاول عليها أو التكلم عنها بتهكم والتقليل من شأنها، فالأمور أصبحت أقرب للفوضى في ابتكار المفاهيم والمصطلحات ولصقها بالدين والدين منها بريء وهناك مفاهيم تبتكر وتلصق بالمجتمع على أنها متبنياته ومن أصالته وتاريخه!

 فالكل أصبح مصلحا والكل أصبح يريد الاستجواب من أجل الإصلاح والكل أصبح وطني ويحارب الفساد، حتى إن بعض الصحف التي لا شأن لها سوى اشعال الفتنة بين فئات المجتمع وضرب العناصر الوطنية، أصبح البعض يروج لها بأنها حامية المال العام ورمز الوطنية والإصلاح ! ·

فلا أستغرب من الفيلسوف الفرنسي فولتير عندما كان يريد مناقشة احد ما، كان يسأله عن مفاهيمه كي يرى هل هو متفق معه على معنى مشترك للمفاهيم التي سوف تتداول بالنقاش أم لا، فلو أن معنى "الحرية" عند فولتير يختلف عن معناه عند الطرف الآخر فسوف يكون النقاش كحوار الطرشان، وهذا ما يحدث في واقعنا عند الحديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد، ومن هو الوطني ومن هو المفسد، ومن هو الكفاءة ومن هو السفيه الذي اغتصب المنصب من مستحقيه ·

إن مقولة "كلمة حق يراد بها باطل" هي من أفضل الأوصاف لكثير من الذين يعلو صوتهم هذه الأيام بأنهم يريدون الإصلاح ومحاربة الفساد· فنقول لهم إذا كان الواقع العملي لممارساتكم خلاف ما تتفوهون به فلا نملك إلا أن نقول "كلمة حق يراد بها باطل" والعجيب بالأمر أن البعض مهما حاول أن يبرز نفسه كشخصية إصلاحية ووطنية تريد محاربة الفساد فلا يستطيع المواطن تقبله بهذا القناع الجديد، وكأن الروح الفاسدة تفضح صاحبها مهما احترف التمثيل والنفاق، وصدق القائل أن النفس تعرف من خلال العيون، فالنفس المفسدة تكشف من نظرات صاحبها، ولذلك فليكثر أبواق الفساد ومدعي الإصلاح من لبس النظارات الشمسية كي لا يرى الناس عيونهم ·

أتمنى كما قام سقراط اليونان من خلال المحاورات إعادة صياغة المفاهيم وإرجاعها لجوهرها الصحيح كي يغلق الطريق عن المتلاعبين بالألفاظ وكل منافق عليم اللسان، نتمنى أن تظهر برامج بأشكال ومستويات متعددة في الساحة الثقافية والسياسية والإعلامية كبرامج حوارية يديرها مثقفون واعون لديهم الأدوات السقراطية في الحوار كي يستضيفوا الوطني ومدعي الوطنية ويحاوروهم بشأن القضايا المطروحة وما هي الخطوات العملية للإصلاح كي يتبن للمشاهد الغث من السمين والعالم من المتعالم والصادق من الانتهازي، وليت الجرأة الإعلامية تتوافر كي يعرض ماضي هؤلاء ومواقفهم تجاه القضايا الوطنية ومسيرتهم العملية هل كانت مدافعة عن القوانين أم يستخدمون نفوذهم لكسر القانون والمساهمة بالفساد والتنفيع ، فالشجاعة الإعلامية في الدول الديمقراطية هي التي جعلت توني بلير يستقيل لأنه قال شيئا مخالفا للواقع بنظر الشعب البريطاني، ونحن يوميا نسمع من أشخاص كلاما يخالف الواقع ولكن يصفق لهم ويرقون أكثر فأكثر!

 Machaki5000@yahoo.com

�����
   
�������   ������ �����
العناصر الإيجابية ي مؤسسات الدولة
سقراط الكويت
فاقد الشيء لا يعطيه
ماذا بعد عودة الأموال؟
الوعي المزيف والوعي الواقعي
فرق تسد...
بقناع جديد
اللجنة الوطنية لإعادة أملاك الدولة
جهد أقل...
وإصلاح وتطوير أكثر
لقد اقترب الفرج
جمعيات النفع العام في شراك الاستبداد
الكويتي المبدع والمفكر
الشعب هو ما يحمله من أفكار
سلطة الفاكهة والكوكتيل
التعددية وصراع الأضداد
مالكم والسيد المهري
لا ونعم
إذا كان الشعب لا يبالي
الفوضى المنظمة
حزب الله والنظرة للذات
  Next Page

معادلة رياضية لقياس الحرية:
فهد راشد المطيري
باريس تستقبل حزب الله:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الخيام السوداء تغادر الخليج:
ياسر سعيد حارب
سياسة التحجيب:
نجاة الصايغ*
اقتراحات بأمل:
على محمود خاجه
كله يضرب كله يغني:
المحامي نايف بدر العتيبي
حكومة "حدس" أم حكومة مجلس وزراء؟!:
أحمد سعود المطرود
حكم الغوغاء على الآراء:
محمد بو شهري
سقراط الكويت:
فيصل عبدالله عبدالنبي
"وزراء يبيعون الوهم":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
طوبى لكم يا أيتام العراق:
علي عبيد
أول مبادئ الإصلاح في التكويت:
ناصر بدر الإبراهيم
الميزانيات والتحديات:
المهندس محمد فهد الظفيري
حواجز الإرهاب الصهيوني:
عبدالله عيسى الموسوي
صيفيات 2007:
محمد جوهر حيات
وزراء (الإجراء اللازم):
عبدالعزيز عبدالحميد الصانع
أعطني شفة منتفخة، أعطك سيارة مفخخة:
حسن حمود الفرطوسي*