رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 18 يوليو 2007
العدد 1783

أعطني شفة منتفخة، أعطك سيارة مفخخة
حسن حمود الفرطوسي*
alfartosy@hotmail.com

طبيب عربي يفخخ سيارة ليفجرها في لندن وطبيب آخر بريطاني يقوم بإجراء عمليات تجميل في عمّان! يا لها من مفارقة عجيبة! ويا له من زمن رث! هل هو زمن العولمة حقاً؟

فكرة العولمة تقوم على أساس توحيد ما يمكن توحيده وتقريب ما يمكن تقريبه بين الشعوب والحكومات والتكتلات الدولية لاسيما بين العالمين الشرقي والغربي لما يحملانه من اختلافات في الموروث الثقافي وأنماط الحياة والتقاليد، بالاضافة الى الترسبات النفسية والعقائدية التي تركتها الحروب الباردة والساخنة بين المعسكرين، إنها محاولة لتحقيق الحد الأدنى من التقارب وبالتالي سيكون التعاطي الاقتصادي والسياسي والعلمي والثقافي أكثر مرونة وأكثر سلمية ·

انه عصر العولمة اذاً···

أو "زمن العولمة" كما هو شائع بين الناس في هذه الأيام وهم يتحدثون حول أي ظاهرة تخرج عن حدود المألوف أو أي موقف مشوب بالغرابة يصادفهم· لقد اصبحت هذه المفردة لازمة تفرض نفسها على كل حديث·

اللازمة القديمة التي كانت متداولة على ألسن الناس في النصف الثاني من القرن الماضي هي "عصر السرعة"  ويبدو ان هناك علاقة جدلية ومنهجية بين العصرين، أو بتعبير آخر هي علاقة تكاملية، حيث إن عصر السرعة كان تمهيداً لعصر العولمة، فالعصر الأول كان عصر وصول التكنولوجيا ووسائل المواصلات والاتصالات ودخلت اختراعات العالم الغربي الى العالم الشرقي··· كان ذلك زمن انتشار السيارة والطائرة والمذياع والتلفون والتلفاز والسينما وكل تلك الوسائل واجهت رفضاً وتحريماً وصدّاً من قبل المنظومة الرجعية في المجتمع الشرقي، تجدر الإشارة الى أن في جميع المجتمعات، هناك منظومة رجعية ترفض كل تحديث وتحاربه وهناك منظومة نخبوية تقدمية تواقة دائماً الى التحديث والتطور وتسعى اليه وفق ضوابط ومعايير أخلاقية تنسجم مع هيكلية الناموس العام، لذا فهي "أي المنظومة الرجعية" لا تريد لهذه الجسور أن تأخذ طريقها في التواصل بشكل طبيعي وبدون عوائق ولكن التواصل تمكن في نهاية المطاف من الاستقرار بحكم الحاجة الى تلك الوسائل وعدم مقاومة إغراءات فاعليتها ·

أما زمن العولمة الذي نعيشه الآن فقد جلب معه وسائل أكثر سرعة وتقنية، فهناك أجهزة حاسوب وشبكات انترنت وفضائيات وتلفونات محمولة وكل هذه الوسائل تسهم في عملية التواصل بين الشعوب وتؤمّن سهولة الوصول الى المعلومة وسهولة معرفة ثقافة الآخر·

ومما لا شك فيه فان تلك الوسائل لم تصل الى شعوبنا الشرقية بعد اختراعها مباشرة وانما قاموا بتجريبها على شعوبهم لزمن ليس بقصير واستهلكوها ثم بعثوها لنا بعد أن اخترعوا وسائل أحدث منها·

ومن أكثر مظاهر زمن العولمة انتشاراً في مجتمعنا الشرقي هي إزدهار جراحة التجميل، حيث أصبحت عيادات جراحة التجميل أكثر من صالونات الحلاقة· هذا يعني ان العولمة الاقتصادية قد جلبت معها عولمة للثقافة وعولمة للجمال أيضاً· وهذا بدوره خلق عولمة جديدة وهي عولمة الذائقة الجمالية، فقد اصبحت الشفاه المنتفخة أجمل من الشفاه الرقيقة التي كانت جزءا من التكوينة الجمالية، كما أصبح الجسد النحيف أجمل من الجسد الممتلئ على خلاف الرؤية الجمالية القديمة·

التقارب اذاً لا يشمل الاقتصاد والثقافة فحسب بل شمل جمال الشكل أيضاً وليس جمال المعنى فحسب! فكيف للمنظومة الرجعية أن تحتمل كل ذلك؟!

لقد انبرى الرجعيون بلا كلل ولا ملل للوقوف في وجه هذا التقارب والتواصل وبدؤوا يصرخون بأعلى أصواتهم، بحرمة عمليات التجميل والانترنت والتعاطي مع ثقافة الغرب والترويج بانها مفاسد للعقل والدين··· وحين لاحظوا أن صراخهم متشابه وجملهم متشابهة وأن أعداد مريديهم بدأت تتضاءل شيئاً فشيئاً، أدركوا أهمية العولمة فاكتشفوا عولمة الارهاب من خلال السيارات المفخخة والطائرات المفخخة والحقائب المفخخة التي صدروها الى بلدان الغرب بعد أن جربوها بشعوبنا لزمن طويل، فهذا هو ردّ منظومتنا الرجعية على ما قدمه الغرب لنا من تكنولوجيا وعلوم وتجميل وشفاه منتفخة·

 *كاتب عراقي

 alfartosy@hotmail.com

�����
   

معادلة رياضية لقياس الحرية:
فهد راشد المطيري
باريس تستقبل حزب الله:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الخيام السوداء تغادر الخليج:
ياسر سعيد حارب
سياسة التحجيب:
نجاة الصايغ*
اقتراحات بأمل:
على محمود خاجه
كله يضرب كله يغني:
المحامي نايف بدر العتيبي
حكومة "حدس" أم حكومة مجلس وزراء؟!:
أحمد سعود المطرود
حكم الغوغاء على الآراء:
محمد بو شهري
سقراط الكويت:
فيصل عبدالله عبدالنبي
"وزراء يبيعون الوهم":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
طوبى لكم يا أيتام العراق:
علي عبيد
أول مبادئ الإصلاح في التكويت:
ناصر بدر الإبراهيم
الميزانيات والتحديات:
المهندس محمد فهد الظفيري
حواجز الإرهاب الصهيوني:
عبدالله عيسى الموسوي
صيفيات 2007:
محمد جوهر حيات
وزراء (الإجراء اللازم):
عبدالعزيز عبدالحميد الصانع
أعطني شفة منتفخة، أعطك سيارة مفخخة:
حسن حمود الفرطوسي*