في لقاء أجرته "القبس" مؤخرا مع الكاتب الصحافي والمحلل السياسي "أمير طاهري" تناول فيه مسألة الوضع في لبنان بقوله إن إيران وسورية تتحركان وبأيديهما الخيوط في المسرح اللبناني·· فالوضع يشكل حرب القوة والسيطرة بين إيران وأمريكا، ولبنان طرف في تلك الحرب·· حزب الله مع إيران·· والسنيورة مع أمريكا·· وهناك مشروعان في لبنان·· المشروع الأول يريد لبنان خندقاً للحرب بين إيران وأمريكا، والمشروع الآخر يريده أن يكون ساحلاً وبلاجاً للسياحة·· فهما مشروعان مشروع الثورة الإيرانية الإسلامية أو مشروع موناكو الجميل ذو الديسكو الجميل والكازينوهات!!

الكاتب "أمير طاهري" يطرح هنا مشروعين قد يكون من الصعب على اللبنانيين وحدهم اختيار واحد منهما!! فالمنطقة كلها ستكون معنية وبصورة مباشرة في أي خيار يقره اللبنانيون بين هذين المشروعين، بين مشروع الثورة الإيرانية الإسلامية·· وبين مشروع موناكو الجميلة·

ولتسهيل عملية الفرز بين المشروعين على القارىء سنقوم بإجراء مقارنة مختصرة وسريعة بين مشروع الثورة الإسلامية في إيران·· ومشروع موناكو·

 إيران دولة ذات أراض شاسعة وموقع جغرافي متميز، وتاريخ حافل بالفن والإبداع والجمال·· الى أن جاءت الثورة الإسلامية، وتجردت إيران من مقومات الجمال والنهضة وتحولت أراضيها الخصبة الى متاهات جرداء، وأصبح %70 من أراضيها مهجورا··· وتراجع معه عنفوان المواطن الإيراني وتميزه، وبحيث صار %45 فقط من الإيرانيين ما بين سن الخامسة عشرة وأكثر يفكون الخط، ويتمكنون من القراءة والكتابة!! الاقتصاد الإيراني شهد قفزات هائلة ما بين 1960-1970، بحيث تضاعف الدخل القومي ما بين 1962-1977 عدة مرات!! إلى أن تفجرت الثورة الإسلامية·· وغادر المبدعون والعمال المهرة وما يقارب المليوني إيراني أراضيهم ولجؤوا الى دول العالم الشاسع!! فأغلقت المصانع أبوابها لشح العمالة الماهرة·· وتراجع الدخل القومي بشكل دراماتيكي!!

إيران الثورة الإسلامية·· هي إيران الحروب والقلاقل والاقتصاد المتهالك، والعزلة الدولية، والشح في المياه والموارد الأخرى من غذاء وملبس وغيره!!

وفي مقابل مثل هذا الخيار التعيس الذي طرحه الكاتب "أمير طاهري" للبنانيين·· يأتي خيار آخر تجسده إمارة صغيرة المساحة والسكان·· استطاعت أن تكون كالمغناطيس الجاذب لأثرياء وشركات ومكاتب من شتى بقاع القارة الأوروبية وأمريكا!!

موناكو·· الإمارة الجميلة·· صاحبة أعلى الدخول المالية·· ورائدة الاستقرار والأمن·· والفن والجمال!! تحتضن من المتاحف والمسارح واحتفاليات الجوائز العالمية ما أهلها لاستقطاب أكثر من مليون سائح سنويا·· موناكو·· التي استطاعت أن ترسم لها دورا في خريطة أوروبا السياسية والمالية المعقدة·· وأن تستقبل العديد من الشركات·· والمؤسسات والمكاتب التجارية التي استوطنت هذه الإمارة·· طمعاً في قوانينها الضريبية المرنة!

تترجم رؤية الكاتب "أمير طاهري" حالة الشقاق في الجسم اللبناني·· وهي الرؤية التي يدركها كل مراقب للساحة اللبنانية، ويبقى الأمر في نهاية المطاف بيد اللبنانيين وحدهم··· بين إيران البائسة والمعزولة·· وبين موناكو الجميلة والمفتوحة!!

 suad.m@taleea.com