لطالما اعتقدت أن العبودية تاريخ فرض على من كان يلعب دور العبد فيه،، وأن هذا العبد لو كان الخيار بيده، لما اختار أن يكون عبدا· العبودية عادة استعباد مالك لمملوك، ولكنها في وقتنا الحالي مملوك يدعو المالك لاستعباده· أذكر مقولة لجبران خليل جبران حيث كتب فأصدق وصدق قائلا: إذا كنت تريد أن تمحو قانونا جائرا، فإن هذا القانون كتب بيدك وكتبته أنت على جبينك·
كنت أستغرب كون العالم العربي عادة تابعا وليس متبوعا، فوجدت الإجابة في هذا الموقف: دخلت على بناتي (تلميذاتي) لأبدأ الدرس، فإذا بـ (شوق) كعادتها هي وغيرها من تلميذاتي تتحدث وتثير الكثير من الشغب في الفصل، وكالعادة طلبت منها عدم الحديث والمحافظة على الهدوء، فإذا بتلميذتي الأخرى ترفع يدها تريد الحديث، وعندما سمحت لها، قالت لي "أبلة، البنات ماراح يسكتون لأنج طيبة وياهم، ولو تصيرين مثل أبلة (مادة أخرى)··· وطقينهم بالمسطرة راح يسكتون"، استغربت واستفسرت في الحال "بنات تبون أطقكم بالمسطرة؟"، فيرد الأغلبية بـ "نعم أبلة"· فصدمت لواقع الحال، وصدمت أكثر حين جاءت إحدى الطالبات بمسطرتين، تقترح وتشرح لي أي المسطرتين أقوى وتؤلم عند الضرب·
إذا كان هذا رد الطفل في وقتنا الحالي وهو يدعو لأن يكون العنف والقوة هو المسير لأدائه، ويرفض أن يعامل باحترام كونه إنسانا ولد له كيان وعقل حر، فإن القاعدة الأساسية تصبح في وقتنا هذا هي الاستثناء، وما شذ عنها هو العام· |