"إن - إل - بي" NLP، أو برمجة المخ العصبية هي عبارة عن مجموعة من التقنيات لتطوير الذات، وهي تقنيات تقوم على أساس أن العقل والجسد واللغة يترابطون ويتداخلون لخلق صورة للمتأمل يرى من خلالها ويلمس العالم من حوله·
وبالرغم من شيوع هذه التقنيات إلا أنها لاتزال عرضة لجدل واسع، خاصة في حقل العلاج، ولم يتم بعد - على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود على بدايتها - برهنتها علميا أو مخبريا!!
بداية هذه التقنيات جاءت في العام 1973 بجهود ثلاثة من روادها المؤسسين، "ريتشارد باندلر" وهو طالب، و"جون جرايندر" بروفسور علم اللغة، وعالم الاجتماع "جريجوري باتيسون"، هؤلاء كثفوا جهودهم لدراسة الأسلوب والنهج الذي يتبعه المتميزون في حقول مختلفة من الحياة!! واستخلصوا من ذلك مجموعة من التقنيات العلاجية واستطاعوا بالفعل أن يعالجوا أمراضا سايكوباثية كالاكتئاب والإدمان، والمخاوف الوهمية، وغير ذلك من العلاجات التي تساعد الناس على مساعدة أنفسهم وذواتهم!
تقوم تقنيات الـ "إن - إل - بي" على مفهوم أن مناطق الإحساس لدى الإنسان تتعامل بصوت خاطئ مع العالم من حولها، وأننا جميعا نرى العالم ونمسه من زاوية واحدة تتحكم فيها تجارب سابقة، ومعتقدات وقيم، إلى آخره، بدلا من أن نعي الكون من حولنا كوحدة متكاملة وغير قابلة للتجزئة أو التصنيف!!
تنتمي تقنيات الـ "إن - إل - بي"، إلى مجموعة من العلوم يطلق عليها علوم العالم الجديد أو New Age، وهي أغلبها علوم في الميتافيزيقيا أو علم ما وراء الطبيعة، بعض تلك العلوم مفرط في الروحانية، وبعضها الآخر يحاول أن يقترب في شكله من العلوم الحيوية التقليدية المألوفة!! ومن الملاحظ في الآونة الأخيرة، أو لنكن أكثر تحديدا، منذ فجر التسعينات، تحت أسلمة تلك العلوم بصورة رهيبة، وأصبحت تقنيات "العالم الجديد" مثل الـ "إن - إل - بي" الريكي، واليوغا، والتأمل، مصدرا للرزق يدر مبالغ هائلة، وأصبح له مريدوه ومعلموه، وإعلاناته التي لا تتوقف أبدا!
والسؤال هنا هو حول مدى جاهزية مدربي الـ "إن - إل - بي" أو الريكي، فنيا وروحانيا، لإعطاء مثل هذه الدروس والدورات؟؟ وعما إذا كان الأمر يشترط رخصة أو إجازة رسمية قبل الشروع بإنشاء معهد، أو الإعلان عن دورة؟؟ الإجابة طبعا ليست هنا، وإن كان الاستنتاج المنطقي هو أن الأمر برمته مسألة مشاع ومفتوحة لكل من حضر دورة أو قرأ كتابا في تقنيات الـ "إن - إل - بي" أو الريكي، لأن يتأهل للإعلان عن دورة أو لإعطاء دروس!!
في عالم اليوغا والروحانيات، والتي خرجت من قلبها تقنيات مثل الـ "إن - إل - بي" والريكي، يأتي الإفصاح أو التباهي بالقدرات الخارقة التي قد تؤمنها الممارسة المتكاملة والمستمرة لمثل تلك الروحانيات، كنوع من الخطيئة والزلة التي قد تؤثر سلبا في قدرات الممارس!!
فالممارسات الخارقة لبعض الهنود، كالنوم على أسرة المسامير، أو ابتلاع النار أو الجلوس فوقها، هي أمور خارجة عن التقاليد الحقيقية لتلك الروحانيات، بدليل أن قاموس اللغة الإنجليزية قد أطلق على هؤلاء الممارسين تسمية فقير أو Fakir، وهي كلمة تطلق على رجل الدين المتقشف الذي يعيش على الصدقات، أي بمعنى آخر، المتسول!!
أتذكر جيدا أول لقاء لي مع مشروع أسلمة روحانيات العالم الجديد The New Age، وقد كانت في فجر التسعينيات حين دعتني إحدى الأخوات للقاء خبيرة في علوم اليوغا والتأمل، استضافتها إحدى المؤسسات لإلقاء بعض المحاضرات والندوات!! ومن يومها والحصيلة تتضاعف، ودورات الـ "إن - إل - بي" والريكي تتضاعف، ودورات الـ "إن - إل - بي" والريكي تحصد نجاحات مذهلة، والناس تدفع وتدفع، ليبقى السؤال المشروع حول حدود الرقابة، والرخصة على مثل هذه الدورات؟؟ |