رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11 أبريل 2007
العدد 1769

رحم الله ناصر المسند الرجل الرمز
د· علي خليفة الكواري

رحم الله الأخ الكبير والقدوة الوطنية ناصر المسند وأسكنه الله فسيح جناته، وألهم أهله وذويه وكل من يعزه ويعز عليه وأهل قطر الكرام كافة، الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون· لقد كان الرجل رمزاً وطنياً ووجهاً مشرفاً من وجوه المعارضة الشعبية من أجل المساواة والكرامة وبناء دولة عصرية في قطر·

تكبد ناصر بسبب دفاعه عن حقوق أهل قطر التضييق والسجن واضطر الى الهجرة عام 1964 الى الكويت يُصحبه حوالي خُمس أهل قطر، تعبيرا عن مكانة الرجل ومستوى التضامن مع ما يمثله من معارضة ومطالبة·

ومن حق الرجل علينا بعد أن أدينا العزاء رجالاً ونساء بما يليق به، أن نذكر بعض ما نعرفه عن ناصر ودوره الرائد والفعال في الدفاع عن حقوق أهل قطر وكرامتهم·

في عام 1958 التقيت أنا وزملائي طلاب قطر في القاهرة بناصر للمرة الأولى· وكان يصحبه في الزيارة المرحومان عبدالعزيز بن عبدالله المهندي ويوسف بن راشد المهندي على ما أذكر، واستمعت منه في ذلك الوقت المبكر الى دعوته لكبار أهل قطر ومنهم والده وخليفة بن ناصر (طوار) وآخرين لا أذكرهم، لأن يقوموا بواجبهم وأن يفاتحوا الحاكم ويصارحوه مطالبين بحقوق أهل قطر والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات عامة وفي الانتفاع من عائدات النفط على وجه الخصوص· كما يطالبون الحاكم بتطبيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية والمساواة أمام المحاكم وفي القانون ووقف خطر الهجرة وضبط عملية التجنيس، أسوة بما حققته حكومة الكويت وما تقدمه لمواطنيها في ذلك الوقت من رعاية وحماية وخدمات اجتماعية ومساواة أمام القانون والمحاكم·

ومنذ ذلك الوقت استمر ناصر وعدد من رجالات قطر الكرام يدعون للإصلاح ويتضامنون مع الحركة العمالية والطلابية برغم كونهم من الأعيان ومن التجار والمقاولين الكبار· وقد تحقق بشكل - مباشر وغير مباشر - استجابة لمطالبهم الكثير من الإصلاح التشريعي، وقدمت خدمات اجتماعية من تعليم وصحة وإسكان ومساعدات اجتماعية على نمط الكويت· كما أنشأت بلدية قطر، وطبق قانون المرور على الجميع وتم تفعيل غرفة التجارة، حيث عين ناصر المسند وعدد من رجالات قطر في مجلس إدارة الغرفة، وكان هناك اتجاه لانتخاب مجلس بلدي وإقامة مجلس شورى· وتحقق للحركة العمالية الكثير من مطالبها فصدر قانون العمل وأقيمت إدارة العمل ومحكمة العمل، وتم الاعتراف باللجان العمالية للعاملين في شركات البترول·

وقد بلغت حركة المطالبة الشعبية أوجها في أبريل/ نيسان 1963 على أثر إطلاق الرصاص على مظاهرة مؤيدة للوحدة الثلاثية (1963/4/20) وذلك عندما عم الإضراب العام وقدمت عريضة شعبية بمطالب أهل قطر، تصدرها توقيع كل من حمد العطية وناصر المسند رحمهما الله وعدد كبير من رجالات قطر الكرام الذين لا يتسع المقام لذكر أسمائهم·

من المفارقات التي تستحق الذكر وتوجب العبرة، أن حكومة قطر قامت باعتقال الموقعين على عريضة الإصلاح وعلى رأسهم حمد العطية وناصر المسند وأتبعتهم بسجن وإبعاد كل من أيدهم حتى بلغوا حوالي خمسين شخصية من الوجهاء والتجار خلال النصف الثاني من أبريل / نيسان 1963، هذا بالإضافة الى فصل عدد من العمال والطلاب والشباب عامة·

وفي الوقت نفسه بتاريخ 1963/4/28 أذاع الحاكم بيانا على الشعب القطري ذكر فيه "أن الوقت قد حان لبدء الخطوات التنظيمية لمنهج العمل الشامل·· لإقامة صرح·· المجتمع الرفيع·· مجتمع العدالة والمساواة والنظام والإنتاج"· وبعد شهر منه في 1963/5/27 أصدر الحاكم بيان إيضاحي لمنهج العمل الشامل لتقدم البلاد، نشر في الجريدة الرسمية العدد (3) بتاريخ 1963/6/3 (انظر أيضا: إدارة الشؤون القانونية، مجموعة قوانين قطر حتى عام 1966، ص619 - 614)·

والمفارقة هنا أنه بينما تزايد عدد المعتقلين وبدأ الإبعاد والفصل للمطالبين بالإصلاح، جاء البيان الإيضاحي ردا مباشرا على عريضة المطالب الشعبية التي كان على رأس الموقعين عليها ناصر المسند وحمد العطية، بل إن البيان الإيضاحي قد لخص في وعوده مطالب أهل قطر منذ مطلع الخمسينات حتى عام 1963، فقد أكد البيان في مطلعه على أنه "منذ أتيحت لنا الإمكانيات المادية بفضل دخل الزيت، قد حققنا فعلاً صوراً من المساواة بين المواطنين وأنماطاً من العدالة الاجتماعية يفخر بها أي بلد"·

ويعدد البيان الخدمات والتشريعات والمؤسسات التي أنشئت والتي سوف تنشأ لتحقيق الإصلاح الشامل ومنها تخفيض أسعار الكهرباء وتنظيم العلاج بالخارج وضبط "إنفاق أموال الدولة في الحدود المعقولة المقررة في الوجوه التي خصصت لها هذه الأموال"·

ويتحدث البيان عن المساواة وعن "إشراك ممثلي طوائف الشعب المختلفة في دراسة الشؤون العامة، والمداولة حول خير الوسائل لمعالجتها"، ويشير البيان الى انتخابات مجلس بلدي، وهو بالمناسبة مطلب لم يتحقق منذ عام 1955 عندما أصدر المستشار الإنكليزي "دستور بلدية الدوحة"، وإنشاء مجلس أعلى يمثل أهل الرأي في البلاد·

كل هذه الوعود وبعض الإصلاحات جاءت بفضل مطالبة ناصر المسند ورجالات قطر الكرام، هذا بينما هم يكابدون في السجن ويتعرضون للإبعاد والتضييق، ولكن تلك هي سنة الحياة عندما يصحى ضمير رجالات أي بلد ويتحملون مسؤوليتهم الوطنية، غير عابئين بمصالحهم الشخصية· إنها ضريبة الوعي وصحوة الضمير يدفعها من هم على مستوى المسؤولية وممن يتواصون بالحق وبالصبر·

وقد كان للأخ الكبير ناصر المسند ورفاقه من رجالات قطر فضل السبق في تحمل المسؤولية وكان عليهم تكبد المعاناة التي تبين لنا معادن الرجال· إننا اليوم ننعم ببعض نتائج الحركة الوطنية في الخمسينات والستينات وندين لناصر المسند بالجميل على ما قدمه من تضحية· وما تعرض له من تضييق وسجن حتى أصبح آخر المسجونين في عام 1964، بعد أن توفي رفيقه حمد العطية في السجن رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، بقى ناصر وحيداً في سجنه مما أضطر قبيلة المهاندة الكرام وأهل الخور والذخيرة كلهم الى أن يهاجروا مع ناصر المسند الى الكويت عام 1964، بعد أن تعذر إطلاق سراحه أو تقديمه الى محاكمة عادلة·

رحم الله ناصر بن عبدالله المسند الذي غيبه المرض عن الساحة الوطنية ربع قرن حتى اختاره الله الى جواره منذ أيام، وجعل من المعنى العظيم الذي تركه لنا قيمة إنسانية وتراثا وطنيا نعض عليه بالنواجذ في وقت نحتاج فيه أن نعمل بما نعرف أنه الحق وأن نقدم المصلحة العامة على اعتباراتنا الشخصية·

�����
   
�������   ������ �����
 

وللدستور حماته:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الـ "إن - إل - بي"؟؟:
سعاد المعجل
تغيير جوّ:
على محمود خاجه
أعضاء البرلمان.. أزمة أخلاق:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الأزمة النووية الإيرانية - الأمريكية:
المهندس محمد فهد الظفيري
ناموا وإلا غوانتانامو شارع الصحافة... للخلف دُرْ!:
علي سويدان
من هو الأهم؟ :
د. محمد عبدالله المطوع
رحم الله ناصر المسند الرجل الرمز:
د· علي خليفة الكواري
يوسف النصف
وجه الكويت المشرق:
خليفة الخرافي
رسالة الأسرى:
عبدالله عيسى الموسوي
مجلس التعاون الخليجي وإيقاف البحرينيين:
د. عمران محمد القراشي
مفهوم التحضر.. تساؤلات ومواقف:
د. لطيفة النجار
أبراج الكندري وبدعة الشطي.. وأشياء أخرى!:
خالد عيد العنزي*
تكريم سعادة السفيرة:
كامل عبدالحميد الفرس