رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20 سبتمبر 2006
العدد 1743

العراق على مفترق طرق
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

تقرير جديد يضعف من حجة الإدارة الأمريكية في غزوها للعراق، فبعد أن أخفقت فرق البحث عن أسلحة الدمار الشامل في أن تعثر على تلك الأسلحة، التي كان وجودها ورغبة الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية التخلص منها سبباً أساسيا للتهيئة للحرب، جاء تقرير جديد لمجلس الشيوخ الأمريكي لينفي أي صلة لنظام صدام حسين بقادة تنظيم القاعدة· وأكد أن الحكومة العراقية لم تكن لديها علاقة بالزرقاوي، ولم تقدم له الملجأ، كما لم تغض الطرف عن نشاطات الزرقاوي وأعوانه· ويخلص التقرير إلى القول "أن صدام حسين لم يكن يثق في القاعدة وإنه اعتبر المتطرفين الإسلاميين تهديداً لنظامه ورفض جميع الطلبات من القاعدة لتقديم الدعم العملياتي والمادي للتنظيم"· ( البي بي سي 9/9) ولعل هذا التقرير يأتي ليقوي حجة من ذهبوا إلى أن تلك الحرب وما نجم عنها من تغيير للنظام إنما جاءت لتحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة بالذات تلك المتعلقة منها بأن تكون منابع النفط تحت ظل أنظمة صديقة لها فضلاً عن إضعاف أي قوة عربية تهدد إسرائيل ولو كان هذا التهديد تهديداً لفظياً ودعائياً· وفي المقابل، فإن مثل هذا التقرير وما تمخضت عنه حصيلة عمل فرق البحث عن أسلحة الدمار الشامل، وفوق هذا وذاك ما آلت إليه أوضاع العراق من ترد، جعلت المتفائلين بعراق مزدهر ديمقراطي موحد ضمن نظام فيدرالي يصابون بخيبة أمل في الصميم·

فهذا المفكر الأمريكي من أصل ياباني فرانسيس فوكويوما، أحد أعمدة المحافظين الجدد، الذي ألف في العام1993  كتاباً ذائع الصيت عنوانه "نهاية التاريخ" يذهب في مقابلة مع مجلة دير شبيغل الألمانية (22/3) إلى أن "نموذجاً للديمقراطية ليس آخذاً بالظهور في العراق"· والحق أن فوكويوما تبنى موقفاً مضاداً للحرب إبان الاستعداد لها في العام 2002 بدعوى أن غزو العراق يحتاج إلى التزام أمريكي يمتد مابين5  إلى 10  سنوات وهو ما لم تكن الإدارة الأمريكية تهيئ الرأي العام في الداخل له· إذ كانت تريد حرباً رخيصة، وكانت تظن أنها تستطيع أن تدخل العراق وتخرج منه في ظرف سنة واحدة!! ويقول فوكويوما أن ما جعل الإدارة الأمريكية تفكر بهذه الطريقة هو السقوط المريع لأنظمة أوروبا الشرقية وظهور أنظمة ديمقراطية بديلاً عنها، وما استنتجه هؤلاء من أنه يمكن استنساخ تلك التجربة في الأنظمة الاستبدادية القائمة في الشرق الأوسط كنظام صدام حسين!! على أن فوكويوما لا ينسى التأكيد على أن غزو العراق لم يكن أساسا بدافع إقامة ديمقراطية فيه!!

والحق أن الصورة التي يراها المرء للعراق بعد أكثر من ثلاث سنوات على الغزو الأمريكي صورة كئيبة، رغم ابتهاجه لسقوط أي نظام على شاكلة نظام صدام حسين· فما قاله أياد علاوي قبل ستة أشهر من أن العراق يعيش حالة حرب أهلية أضحى واقعاً لا تخطئه العين، وأصبح الفرز الطائفي عملية قائمة تنجر إليها كل القوى كل حسب انتمائه الطائفي، وبالتالي بات رجال الدين من كلتا الطائفتين هم المسيرون لتلك العملية وهم المستفيدون منها· ومهما تكن نتائج مناقشات المجلس الوطني العراقي هذه الأيام حول نظام الأقاليم فإن واقع حال العراق هو أنه غدا دولة منقسمة إلى ثلاث دويلات لها حكومة مركزية لا حول لها ولا قوة·

ولعل الصراع الطائفي ما يؤجج عملية التقسيم تلك ويسرعها، ومناطق التجاور الطائفي - التي كانت يوماً من الأيام مناطق للامتزاج والتعايش الطائفي - تشهد أعنف تلك الصراعات وأشدها· وبغداد خير مثال على ذلك، إذ بات السيطرة عليها من هذا الطرف أو ذاك العملية اليومية التي تشهدها شوارعها وأحياؤها· إن بغداد - كما يصفها مراسل جريدة الإندبندنت البريطانية باتريك كوك بيرن 25/3/2006  تشبه بيروت في بداية نشوب الحرب الأهلية في العام 1975 فهناك هجرة بين الأحياء، كل إلى جماعته وطائفته إلى درجة أن المدينة انشطرت إلى قسمين، الشرقي منها أصبح للشيعة والغربي للسنة، يفصلهما عن بعضهما البعض نهر دجلة·

وما يظهر عنف عمليات التصفيات الطائفية في منطقة بغداد تلك الأرقام التي أخذت تظهر لعدد القتلى، فقد بلغ عددهم في الشهر الماضي حوالي 1500  شخص، حسب البي بي سي (8/9)، أي أكثر من عدد شهداء لبنان في الحرب الأخيرة· وتتواتر أخبار عن اضطرار سكانها الذين يتنقلون في مناطق متعددة إلى إخفاء هوياتهم الأصلية، كتغيير أسمائهم، أو إعطاء أسماء مناسبة تبعاً لنقطة التفتيش أو الحي الذي يعبرون منه· وما يزيد الطين بلة انقسام الأجهزة الأمنية وارتدادها إلى ولاءاتها الطائفية الأمر الذي يؤدي بها إلى الشلل، أو ربما يكون البعض منها ضالعاً في عمليات الخطف والاغتيال!!

في هذا الجو المشحون طائفياً يتم استقطاب البشر على هوياتهم الدينية والمذهبية الموروثة ليتوقف العقل وتعمل العاطفة· وفي هذا الجو المتشنج طائفياً ومذهبياً يخسر أولئك الذين ناضلوا سنوات طويلة من أجل خلق عراق ديمقراطي موحد قائم على النظام الفيدرالي شأن الأمم الراقية كسويسرا وألمانيا وغيرهما· بيد أن هذا الوضع الصعب لا يمكن أن يوصل هؤلاء لدرجة اليأس لو أحسن هؤلاء تبني الخطاب السياسي الذي يخرج العراق من مأزقه·

alyusefi@hotmail.com

�����
   

ألا يحق لنا أن نتساءل؟!:
عبدالله عيسى الموسوي
ثلاث رشفات:
عبدالخالق ملا جمعة
قراءة في محاضرة بابا الفاتيكان:
فهد راشد المطيري
يا حلاوة الرأي الآخر..؟!:
محمد بو شهري
أزمة الكهرباء والماء:
المهندس محمد فهد الظفيري
حركة تصحيحية متأخرة:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
لماذا...؟:
على محمود خاجه
العراق على مفترق طرق:
د. محمد حسين اليوسفي
عجبًا من المعجب بنفسه:
د. فاطمة البريكي
الإعلام وصناعة الكذب القاتل:
د. حصة لوتاه
المتجرئون على الإفتاء:
ياسر سعيد حارب
الموت بالجملة والمفرق:
الدكتور محمد سلمان العبودي
"إهي يت" على المادة 128:
يوسف الكندري
حزب الله والنظرة للذات:
فيصل عبدالله عبدالنبي