رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 26 يوليو 2006
العدد 1738

المحطة الثانية للعدوان "الإسرائيلي"
د. فاطمة البريكي
sunono@yahoo.com

اتسعت خارطة العدوان "الإسرائيلي" البربري، وتجاوزت عملياته العسكرية حدود فلسطين التي صرخت وصرخ من فيها مستغيثين بشعوب العالم وحكوماتهم ليقولوا كلمة حق توقف العدوان الغاشم عليهم ولكنهم لم يسمعوا سوى صوت الصمت، وها هم أولاء إخواننا في لبنان الآن يشربون من الكأس ذاتها التي شرب منها إخوتهم الفلسطينيون قبلهم دون أن تطرف عين أحد وهو يرى ما حلّ بهم من ظلم وقهر ودمار لا حدود له·

لقد كنّا حتى ثلاثة أيام خلت نتحدث ونكتب عما يحدث في قطاع غزة وعن المأساة الإنسانية التي يعيشها سكانه نتيجة عمليات التدمير العشوائية والمنظمة التي يقوم بها الجيش "الإسرائيلي" فيه، متذرّعًا بأسر جندي من جنوده، ولم يكد حبر تلك المقالات يجفّ حتى فجعنا ببدء العدوان "الإسرائيلي" على الجنوب اللبناني، والحجة هي أسر حزب الله لجنديين "إسرائيليين"·

إن ما تقوم به الحكومة "الإسرائيلية" وجيشها في الجنوب اللبناني، وقبله في قطاع غزة والضفة الغربية، لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال الخاضعة للمنطق ردًّا على أسر جندي أو اثنين أو حتى عشرة، إنه تدمير حقيقي للحجر والبشر، القصد منه هو إلغاء الوجود العربي الإسلامي في فلسطين والدول العربية المجاورة لها كلبنان وسوريا· أما إذا كان الهدف من هذه العمليات العسكرية التي لا يمكن أن يقبلها عقل ولا منطق هو الرد على أسر الجنديين فإن مثل هذه الأمور الحربية تتم معالجتها بعيدًا عن المدنيين الأبرياء والعزل الذين تتساقط الصواريخ "الإسرائيلية" على رؤوسهم ليلا ونهارًا·

كما أن حرص الحكومة "الإسرائيلية" على تدمير البنية التحتية في قطاع غزة وفي الجنوب اللبناني يضع علامات استفهام وتعجب كبيرة وكثيرة جدا حول الأهداف التي تسعى هذه الحكومة البربرية الهمجية إلى تحقيقها من خلال هذا العدوان؛ فالصور تبدو متشابهة من حيث أسلوب ردها على أسر جنودها في الحالتين، غارات متواصلة تستهدف محطات الكهرباء والجسور وغيرها من المنشآت الحيوية، وهو ما يعني توقف شبه تام للحياة، وإغلاق للمنافذ التي تؤدي إليها·

قبل أيام، أعلن فؤاد السنيورة لبنان بلدًا منكوبًا وحقّ له ذلك؛ فقد دُمّرت مناطق كثيرة وأصبحت أنقاضًا، وما بُنِي في سنوات ضاع في لحظات والعالم بأسره يشاهد ذلك وما من كلمة· حتى اجتماع رؤساء الدول الثماني لم يأتِ بجديد، ولم يطلب فيه أحد من "إسرائيل" وقف العدوان، بل إن الرئيس الأمريكي أعلن دون أدنى إحساس بخجل أو عار "أن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها"، متهمًا حماس وحزب الله بأنهما سبب ما يحدث في المنطقة، ليسرّب لشعوب العالم الغافلة رأيه بأن "إسرائيل" هي صاحبة الحق، وأنها المعتَدَى عليها، وأن من حقها أن ترد عن نفسها العدوان·

وإذا سلمنا جدلاً بأن "إسرائيل" هي المعتَدَى عليها، وأن من حقها الدفاع عن نفسها ضد أي اعتداء، ألا يجب أن يكون هناك تكافؤ بين الفعل وردة الفعل، وبين الاعتداء ورد الاعتداء؟ إن أسر جنديين لا يبرر ما قامت وتقوم به "إسرائيل" في ثورة مسعورة لا مبرر لها، ومع هذا لم يوجه أي رئيس دولة أو أي مسؤول في الأمم المتحدة أو في الاتحاد الأوروبي إلى "إسرائيل" طلبًا بوقف العدوان في تواطؤ لا أعتقد أن العالم قد شهد مثله من قبل·

ومع هذا التواطؤ الدولي نجد من بيننا من يشكك في أهداف حزب الله والعمليات التي يقوم بها، ويرى أن هذه العمليات اللبنانية لا تخدم سوى سوريا وإيران، بل إن إيران هي الرابح الأكبر من كل ما يجري على الأراضي اللبنانية والفلسطينية بحسب ما ذكره أحد المحللين السياسيين العرب في إحدى الصحف قبل أيام· ولكن ألا يرى هؤلاء الذين يتوجهون باللوم إلى حزب الله، مشككين في نوايا القائمين عليه، أن حزب الله هو الوحيد الذي قام بالرد على العدوان "الإسرائيلي" الغاشم الذي أمطرت به "إسرائيل" قطاع غزة وتمادت أمام الصمت العالمي فانتقلت بعملياتها إلى الضفة الغربية؟ لقد التزم العالم كله الصمت، وكانت عملية حزب الله هي الرد العربي والعالمي أيضا الوحيد الذي سمعته "إسرائيل"·

لستُ هنا في معرض الدفاع لا عن حزب الله ولا عن غيره، ولكنني أشير فقط إلى ضرورة وجود رد عربي في مستوى عنف العدوان "الإسرائيلي"، وأن هذه معركتنا جميعًا ويجب أن ندعمها ماديًا ومعنويًا· إن المقلب لمحطات التلفزة الفضائية أو لصفحات الجرائد لا بد أن يشتعل غيظًا وهو يسمع ويقرأ التصريح يتلو التصريح لعدد من رؤساء الدول الكبرى، أو لبعض المسؤولين في حكوماتها، وهم يصرحون بأن من حق "إسرائيل" الدفاع عن نفسها، فلم تعد هذه العبارة خاصة بالرئيس الأمريكي وحده، إذ يبدو أن غيره قد استوعب الدرس جيدًا وحفظه عن ظهر قلب وبدأ في ترديده معه·

أصدقاء "إسرائيل" يقفون قلبًا وقالبًا معها، وينصحونها فقط بضبط النفس دون أن يطلبوا منها وقف العدوان، مسرعين إلى إجلاء رعاياهم عن لبنان، ومن حق لبنان واللبنانيين علينا -ونحن تربطنا بهم علاقة الدم والدين واللغة والعروبة- أن نقف معهم أيضًا، وأن نوحد كلمتنا هذه المرة فقط لتُجبَر "إسرائيل" على وقف العدوان، وإلا فإننا كلنا معرضون للخطر "الإسرائيلي" الذي يبدو أنه لا يريد أن يضع حدودًا لعدوانه·

ولعل أكثر ما يحتاج إليه إخواننا في لبنان وفي فلسطين، التي يجب ألا ننساها في غمرة انشغالنا بالجنوب اللبناني الدامي والمشتعل، هو إحساسهم بتضامننا معهم، وقد بادرت الإمارات إلى رفض العدوان "الإسرائيلي" وتقديم المساعدات المادية إلى الشعب اللبناني، وكذلك فعلت دول خليجية أخرى· وأمام ما يشهده الجنوب اللبناني الآن من عملية مسح وإلغاء لماضيه وحاضره ومستقبله، لابد من تحرك عربي ودولي لإيقاف هذه الهجمة الشرسة التي لن تنال من قوته ومن صبره ولكنه قد يخسر معها الكثير من المنجزات المعنوية التي لا يمكن تعويضها· وإذا كان بالإمكان معالجة الدمار الذي لحق بالبنية التحتية بجهود الأخوة اللبنانيين أنفسهم ومساعداتهم إخوانهم العرب التي كانت دولة الإمارات والسعودية والكويت من أوائل من بادر إلى ذلك، فإن الآثار اللبنانية التي تجعل من لبنان قبلة للسياح العرب والأجانب على مدار العام لا يمكن تعويضها ولا إعادة بنائها، وستكون خسارتنا مضاعفة بعد أن فقد العراق كمًّا هائلا من آثاره وتشوهت الكثير من معالمه الأثرية·

جامعة الإمارات

sunono@yahoo.com

�����
   
�������   ������ �����
الأشقاء الأشقياء
القارئة الصغيرة
الامتلاء من أجل العطاء
كيف نسكت ضوضاء نفوسنا
التفكير من أجل التغيير
تطوير العقول أو تغييرها
تطوير العقول أو تغييرها
انتقال الحذاء من القدم إلى الرأس
الكبيرُ كبيرٌ دائمًا
إنفلونزا الطيور تعود من جديد
معنى التجربة
السلطة الذكورية في حضرة الموت
الطيور المهاجرة
"من غشنا فليس منّا"
كأنني لم أعرفه من قبل
ثلاثية الحضور والصوت والكتابة
المطبّلون في الأتراح
بين الفعل.. وردة الفعل
التواصل في رمضان
  Next Page

قراءة ساذجة للسياسة الخارجية الأمريكية:
مفيدة صالح العقاب
الطريق إلى دمشق:
سليمان صالح الفهد
وحدة(1) يا كويت
ما هي للبيع الكويت :
عبداللطيف الدعيج
سقوط الفراعنة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
حديث "أبو شميس":
المحامي نايف بدر العتيبي
لا خيل عندك..:
د. لطيفة النجار
ستظل غزة وبيروت للأبد!!:
د. محمد عبدالله المطوع
ويستمر حديث اللحى:
على محمود خاجه
ماذا بعد تعديل الدوائر؟؟!!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
أسطورة إسرائيل في الإعلام:
د. حصة لوتاه
(194):
عبدالله عيسى الموسوي
المحطة الثانية للعدوان "الإسرائيلي":
د. فاطمة البريكي
اللغة والخطاب ...أسلحة القوة:
د· منى البحر
نصر الله وسام شرف على صدر الأمة:
جليل الطباخ
لو كان من الأول:
يوسف الكندري
البحث عن القائد:
فيصل عبدالله عبدالنبي