يطرح المفكر الأمريكي ستيفن كوفي دائرتين في حياة الإنسان وهما (دائرة الاهتمام) وهي الأمور التي ليست لك سيطرة عليها، مثل المواطن الكويتي ليس له القدرة على وقف الصراع في دارفور بالسودان، وكذلك مواطن متقاعد ليس له تأثير على النظام الدولي، ولذلك يجب عليه ألا يشغل باله أو يصيبه الإحباط أو القلق بسببها لأنه لا يسيطر عليها وهي خارج نطاق سيطرته وإرادته، وهناك (دائرة النفوذ) وهي الأمور التي لديك القدرة على التأثير بها، كما لو أنك تستحق أن تصبح مدير إدارة ويعطى المنصب عن طريق الواسطة لغيرك فتستطيع الشكوى لدى المحكمة الإدارية وإسقاط هذا القرار المجحف بحقك، فلو طبقنا هذه القاعدة على التيار الوطني بالكويت فإن بعض مطالبه تدخل ضمن دائرة الاهتمام فليس له القدرة على التأثير بها إما لأسباب دستورية أو شعبية أو غيره، ولكن هناك مطالب وأمور تدخل ضمن دائرة النفوذ، على سبيل المثال كما أن التيار الوطني استطاع حشد الجماهير تأييدا لعملية الإصلاح انطلاقا من تعديل الدوائر الانتخابية، كذلك يستطيع عمل الكثير من الأمور التي ضمن دائرة نفوذه، فالتيار الوطني يستطيع استنهاض الناخبين للتصويت للعناصر الوطنية لإيصالهم إلى البرلمان، ويستطيع الوطنيون العبوس بوجه كل من أخذ منصبا ليس من حقه بل عن طريق الواسطة حتى يشعر برفض اجتماعي، ويستطيع الوطنيون أن يطالبوا بحقوق بعضهم البعض سواء الدينية أو الإدارية أو الاجتماعية أو غيرها إذا مورس التمييز ضد فئة من أبناء المجتمع ولم تعط حقها، فضمن دائرة نفوذ الفئات الأخرى أن تتضامن وتصف مع الفئة التي مورس ضدها التمييز والمطالبة بحقها والعدالة الاجتماعية بين المواطنين حتى أخذ كامل الحقوق، سواء كان تيارا سياسيا مورس ضده التمييز أو مذهبا أو قبيلة أو عائلة أوجمعية نفع عام أو توجها معينا مادامت أفكاره لا تخالف مبادىء الدستور، وليس من الصحيح أن تسكت فئة عن تهميش فئة أخرى بحجة (أنا ماخذ حقي ومصالحي ما شية اشعلي منهم)، فمن أكبر الأخطاء في العمل الوطني أن تكيل بعض التيارات بمكيالين، وأن تستخدم دائرة نفوذها في بعض الأمور وتتركها في أمور أخرى حسب مصلحة كل تيار، فالنظرة الصحيحة هي المصلحة العامة حتى لو لم تكن هناك مصلحة مباشرة لتيارك أو الفئة التي تنتمي لها، وعندما تحاول كل القوى تفعيل عملية الإصلاح ومحاربة الفساد فبذلك سوف تكبر دائرة نفوذها وتكون لها القدرة على التغيير للأفضل وتطبيق الدستور، وأنا شخصيا أرى أن بعض التيارات الإسلامية لم تقف مع التيار الوطني في كثير من القضايا الوطنية كما وقفت مع الدوائر، ولو كانوا يقفون بهذه القوة سابقا بكل القضايا التي يطرحها التيار الوطني كالدفاع عن المال العام وتطبيق الدستور ومحاربة التطرف وغيرها لتطورت الأمور للأفضل، ولو أن بعض التيارات الإسلامية وقفت ضد إغلاق نادي الاستقلال وجمعية الثقافة الاجتماعية لما وصلت الأمور لما عليه الآن، ولكن مشكلتنا مع بعض التيارات أنها تريد أن توسع دائرة مكاسبها فقط وحتى لو رأت الإجحاف بحق الآخرين، فالمرء يجب أن يطلب العدالة حتى لمن يختلف معه بالفكر والطرح والتوجه، ونأمل أن تكون قضية تعديل الدوائر خطوة إيجابية وبداية جديدة للتعاون بين القوى الوطنية ودفاع كل أبناء المجتمع عن حقوق بعضهم البعض الدستورية وأخذ حقوقهم كاملة دون تمييز أو إجحاف بحق أحد، ولكن نتمنى من بعض التيارات الإسلامية ألا تتخلى عن التيار الوطني حتى لو خسرت بعض مكتسباتها لأن المصلحة العامة أهم، فهي سوف تصب بصالح الجميع في النهاية وتكون مكتسباتها لأن المصلحة العامة أهم، فهي سوف تصب بصالح الجميع في النهاية وتكون مكتسبات للجميع دون تمييز أو تفضيل فئة على فئة أو تيار على تيار·
نتمنى أن يستخدم التيار الإسلامي دائرة نفوذه بالقضايا الوطنية كمحاربة كل أنواع الفساد في البلد والدفاع عن المال العام والعدالة في توزيع المناصب وتفعيل مواد الدستور بشكل كامل لكي يعيش الجميع بسلام وحب ومساواة وعدالة ويكون القانون والدستور هو الحكم·
* * *
لقد وافت المنية اثنين من أهل الفن في الكويت، الأول عيسى خورشيد (غريد الشاطىء) والثاني خالد النفيسي (رحمهما الله) وكثير من المواطنين يتساءلون عما ذكر بالصحف قبل فترة حول النية بتسمية شارع باسم المرحوم خالد النفيسي، لماذا لا يدرج اسم المرحوم عيسى خورشيد أيضا ويخصص شارع يسمى باسمه أسوة بزميل دربه الفني، وكي لا تفسر هذه الممارسات تفسيرا طائفيا نتمنى من الجهات المسؤولة عن إطلاق الأسماء على الشوارع أن لا تميز بين رجالات الكويت في جميع الحالات عند تسمية مدارس أو مؤسسات أو شوارع أو غيرها بأسمائهم، وأن تختار أسماء رجالات الكويت من كل فئات المجتمع بشكل عادل ومنصف، فكلهم كويتيون قدموا خدمات جليلة للوطن ويجب تقديرهم، ونطالب بالعدالة والمساواة بين أبناء الكويت بكل فئاتهم حتى بأسماء الشوارع ولا للتمييز والإقصاء والتهميش·
machaki@taleea.com |