لبنان هو لبنان·· لم يتغير ولن يتغير·· فلبنان ما بعد الانتخابات النيابية هو نفسه لبنان ما قبل الانتخابات··

فالنتائج تُفرز وفقا للتقسيمات السياسية والطائفية الواضحة ووفقا للمناطق الشيعية والسنية والدرزية والمسيحية وهكذا، والتمثيل الحكومي لا بد أن يوازن تلك الإفرازات، ومهما كان عدد مقاعد الطوائف فإن القرارات سواء منها البرلمانية أو الحكومية لن تخرج إلا بتوافق عام·

خروج سورية لم يغير المعادلة، وتدخلات الأمريكان والفرنسيين لم تجدِ نفعا لأحد، بل إنها أعطت شحنة قوية لبعض الأطراف عكس ما كان يفترض·

التفجيرات الأخيرة التي أصبحت بمعدل تفجير كل شهر لم تتضح أسبابها وأهدافها، بل أضحت لغوا لا طائل منه وحدثا متوقعا كل لحظة·

لبنان كله أصبح مقاومة، وسلاح حزب الله أصبح أقوى من قبل، وكأن قرار مجلس الأمن 1559 جاء ليقوي حامليه وليس العكس، جاء الجنرال عون ليقزّم المسيحيين، ونجح سعد الحريري في إبعاد زعماء السنة الآخرين، وفاز جنبلاط ليصبح ممثل الدروز الوحيد، واكتسح حزب الله وأمل ليصبحا ممثلي الشيعة الوحيدين·

خرجت سورية ليدخل حزب الله الحكومة للمرة الأولى، وتدخلت فرنسا ليتساقط المسيحيون كلهم أمام عون· اغتيل الحريري لتختفي بقية الزعامات السنية، أما الدروز فما زالوا ينتخبون جنبلاط·

المتابع لما يحدث في لبنان يرى أن هناك أكثر من لبنان صغير داخل لبنان الكبير، وكل جزء مستقل بذاته وإن لم يعلن عن استقلاله، فهناك دولة سنية، وأخرى درزية، وثالثة شيعية، ورابعة مسيحية، ولكن الجميع يعيشون وفق توافق غير مكتوب وديمقراطية توافقية عجيبة، واحترام للخصوصية المذهبية·

لبنان اليوم أصبح عصيا على الآخرين فالتوافق اللبناني لم يعد مجالا لفرض الوصاية الأجنبية عليه، والسفير الأمريكي لم يعد ذا تأثير وكذلك الحال مع السفير الفرنسي·

لبنان الجديد سنجده مع حكومته الجديدة والتي قد تواجه مضايقات اقتصادية بعد أن فشلت المضايقات السياسية ولكنني على يقين بأن الشعب اللبناني الذي يعيش أكثره خارج لبنان على قدر كبير من تخطي الحواجز الاقتصادية كما تخطى الحروب والحواجز السياسية·

ولبنان سيبقى لبنان بلد السياحة لكل العرب والأجانب أيضا، والدروس السياسية لمن لم يتعلم بعد!