لقد هاجرت طيورنا البرلمانية تبحث عن الراحة والجو البارد دون قطع للكهرباء وقطع للمياه وبعيدا عن الناخبين ومتاعبهم التي لا تنتهي أبدا، وكثرت في الصحف والمجلات الاعتذارات عن استقبالهم إلى ما بعد العطلة الصيفية، وتركوا مجلس الوزراء يعاني في الصيف البركاني، وكأن العائق هم النواب، لكي يعالجوا القصور الذي في وزاراتهم حتى عشعش فيها الفساد والذي لا تحمله حتى "بعارين الجزيرة العربية" كلها، وليست بعارين البلدية وحدها، والعمل على تنمية البلاد دون الحصول على الهجرة السنوية حالهم كحال إخوانهم من نوابنا الأعزاء "الصدق منجاة"، وليس ببعيد ما أفصحت عنه صحيفتنا "الطليعة" في عددها الصادر في الأسبوع الماضي، عن سيطرت نفوذ أحد المديرين في وزارة الكهرباء والماء عن التنفيع في بعض المناقصات الخاصة بالتمديدات الكهربائية والتهديد من قبل هذا المدير "التربينات الغازية" انتهى "هل تحقق الوزير المعني من هذا المدير"، وكذلك مناقصات وزارة الداخلية والمتمثلة في الكاميرات والمراقبات الأمنية وصفقات الأسلحة وغيرها، فالتجاوزات كثيرة التي يعجز حتى ديوان المحاسبة عن إحصائها سواء كانت هذه التجاوزات مادية أم إدارية أم معنوية، فبعد استقالة وزير النفط الشيخ علي الجراح، ظهرت علينا صيحات انتقامات من نوع آخر وكأن الجماعة "مكبوتين" من الاستجواب السابق وذلك بسبب الشعبية العارمة للمستجوبين الثلاثة، لذلك قاموا بالتهجم على بعض النواب وإطلاق التهم دون برهان، والتهديد بالاستجوابات والتلفظ بالكلمات غير اللائقة وهذا ما بينته الجلسة الختامية والتي قبلها مجلس الأمة، هل يسعون إلى التأزيم قبل حلول الدورة المقبلة، أم أنهم وجدوا الاستجوابات نوعا من أنواع التكسب الشعبي غير المبرر إلا عن طريق الاستجواب، وهذا ما اتهم به النائب سعدون حماد وزارة الداخلية والتوعد في استجواب وزير الداخلية والدفاع، حيث إنه مرة يقول "يراقبون تليفوناتي، ومرة يقول يراقبون ديوانيتي ومكتبي" "لو ترسى على بر يا أخ سعدون حماد أفضل لكي يصبح مسارك صحيحا وواضحا" وكذلك تطاوله على رمز من رموز الوطن في الكويت وهو النائب الفاضل السابق جاسم الصقر يرحمه الله الذي يشهد له الكل بوطنيته وفضائله على الكويت وشعبها، هل وصل بنا الحال من هؤلاء النواب لتبادل السباب والشتائم، إن الأعمال الصبيانية ليس محلها في المجالس البرلمانية، فلنرتق بالذوق الرفيع لأجل المسيرة الديمقراطية الحسنة والمشرقة في خارج البلاد قبل داخلها، فالأذن تسمع والعين تبصر والقلم يكتب، نحن لا ننكر حقهم الدستوري في الاستجوابات،ولكن لا يستعمل هذا الحق في غير محله وعلى حساب تأخير عجلة النمو والتشويش وإثارة الإشاعات اللذين يزدادان يوما بعد يوم عند اقتراب كل استجواب من الوزن الثقيل، وأعتقد أن الاستجواب القادم من أقوى الأوزان الثقيلة،هذا إن تم استجواب وزير الداخلية، ولا أظنه سيتم، والوقوف على منصته والذي سيكون سريا للغاية وقويا من نوعه الفريد، الذي يكون القول فيها "أكون أو لا أكون" سواء كان وزيرا أم مجلس الأمة بأسره في الحل أو غيره، إن العطلة النيابية الصيفية فترة التنفيذ للمشاريع وليست فترة تأمل وترقب كما صرح به وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء فيصل الحجي، فالبلد ليست من البلاد الطبيعية والأنهار الجارية والجبال الراسخة حتى نتأمل في مخلوقاتها بل حان الوقت بالصدق مع النفس من أجل الكويت بعيدا عن إزعاج أعضاء مجلس الأمة بالعمل الدؤوب دون تعطيل لا نريد أن نقول انتهت فترة التنسيق والاجتماعات وجاءت فترة التأمل والتقييم، فعلى مجلس الوزراء أن يراجع ملفات لجان التحقيق التي شكلت من قبل الوزراء لايعلم أي وزير عن مجرياتها، لذلك على الوزراء مراجعة حساباتهم الوزارية وكم خطة مدروسة لم يتم تنفيذها· إن العطلة النيابية تعتبر بالنسبة للوزراء فترة نقاهة واستراحة من النواب لكي يتفرغ لمستقبل البلاد حتى لا يتحجج بوجودهم، ووضع آلية توحيد الخطاب السياسي للسلطة التنفيذية، فاعملوا على إنجاز الإصلاح في حكومة رئيس الإصلاح·