رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 19 يوليو 2006
العدد 1737

بخس ثمن الإنسان العربي في الحسابات الغربية
د. نسرين مراد
????? ????????

ما إن أعلن أحد فصائل المقاومة الوطنية الفلسطينية المشروعة عن أسرها لأحد جنود الاحتلال الإسرائيلي (غير المشروع) الذي يحاصر قطاع غزة حتى هبت إسرائيل بحشد إمكانيات عسكرية ضخمة لضرب سكان القطاع المحاصر، بذلك تبرر إسرائيل لنفسها استهداف أكثر من مليون عربي فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب الأعزل في محاولة لإيقاع أكبر قدر من الإرهاب المادي والمعنوي بسكان القطاع المسالمين، تريد إسرائيل تحقيق أحد أحلام رئيس وزرائها الراحل إسحق رابين الذي تمنى ذات مرة أن يفيق صباح يوم على قطاع غزة وقد بلعه البحر، من أجل فك أسر جندي في ساحة المعركة يتم اعتقال وارتهان عشرات الوزراء والشخصيات السياسية الفلسطينية والعبث بحياة وعواطف ومشاعر الملايين من العرب والمسلمين عبر العالم، كعادتها تضرب إسرائيل بكل القيم والمبادئ الإنسانية والأعراف الدبلوماسية والوسائل والطرق السياسية لحل مشكلة هي السبب الأول والآخر في حدوث مثلها وتكرارها وديمومتها، لم تقم الإدارات الغربية الأعضاء في حلف الأطلسي بما يجب عليها القيام به من أجل وقف تلك العربدة وذلك الصلف في الوقت الذي ترسل فيه جيوشها الجرارة إلى مناطق أخرى في العالم أقل انتهاكاً لمبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي، حتى أن الإدارة الأمريكية نفسها توجه اللوم وتهمة التقصير إلى الجانب الفلسطيني الذي حطمت إسرائيل "سلسلة فقرات عموده الفقري" وشل الحصار الأمريكي قدرة سلطته الوطنية على القيام بوظائفها الإدارية والأمنية والمجتمعية، لا يحتاج الأمر من الإدارة الأمريكية أكثر من نطق جملة واحدة أو إشارة بإصبع مسؤول أمريكي، مهما كانت درجة تسلسل مكانته السياسية، لحمل إسرائيل على إتباع طرق سلمية وحضارية في التعامل مع الفلسطينيين تحت الاحتلال؛ ذلك لأن الآلة العسكرية القوية للاحتلال الإسرائيلي هي أمريكية شحماً ولحماً وعظماً، فقط الدم والهوية والنفسية إسرائيلية·

منذ اتفاق أوسلو الموقع في واشنطن عام 1994  لم يظهر الطرف الإسرائيلي أية نية حسنة اتجاه السلام مع الفلسطينيين، بالرغم من سلة التنازلات الضخمة التي قدمها الفلسطينيون وفي مقدمتها الاعتراف الصريح اللامشروط بوجود إسرائيل على أرض فلسطين التاريخية، مع ذلك انتقلت إسرائيل في مفاوضاتها مع الفلسطينيين إلى المساومة للسيطرة على الأراضي المحتلة عام 1967 والتي تشكل أقل من خمس مساحة فلسطين المخصصة لإقامة دولتين قابلتين للحياة، حسب مفهوم اتفاق أوسلو· وضعت إسرائيل بدعم أمريكي مطلق "كل الشياطين الممكنة في تفاصيل تنفيذ الاتفاق" خلال ذلك تم إخضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال لجملة من الإجراءات العسكرية والأمنية والسياسية والنفسية الصارمة تصب بمجملها في إرهاب الشعب الفلسطيني وحمله على اليأس لإكمال اقتلاعه من أرضه، تولى قيادة إسرائيل في عملية السلام المسخ من هم من العقلية التلمودية الحربية الصرفة الذين يرون في الحل العسكري السبيل الأمثل والأوحد في التعامل مع العرب الفلسطينيين، تلقى تلك التوجهات تفهماً ومباركة ضمنية تارة ومباشرة علنية تارة أخرى من الإدارة الأمريكية، لو كان لدى الطرف الإسرائيلي والقوى الداعمة له أية نية حسنة حقيقية اتجاه سكان قطاع غزة مثلاً لتمّ توسيع أراضي القطاع باتجاه أرض النقب الفلسطينية الصحراوية، من أجل تخفيف الضغط السكاني الهائل عن القطاع الذي يعد صاحب أكبر كثافة سكانية في العالم وأكثرها فقراً وبؤساً، على العكس من ذلك تقوم إسرائيل بجملة من الإجراءات والأعمال من شأنها دفع الفلسطينيين هناك باتجاه البحر، من ضمن تلك الإجراءات، وليس كلها، إقامة سياج أو منطقة جرداء عازلة وجدار أمني عالي من الخرسانة المسلحة وثمة جدار آخر من المستوطنات الحربية حول القطاع، الأمر نفسه ينسحب على الضفة الغربية تحت الاحتلال والتي أصبحت حياة البشر فيها لا تختلف كثيراً عنها في حظائر الحيوانات·

إذا ما ألقيت نظرة بسيطة على الآلة العسكرية المحشودة في عملية "أمطار الصيف" الإسرائيلية في مواجهة سكان قطاع غزة لتجد أنها في مجملها صناعة أمريكية وبأسماء إسرائيلية أحياناً، هنالك حشود قوية من الدبابات ومدافع الهاوتزر الثقيلة من عيار 175  ملم فما فوق وهنالك المروحيات والطائرات القتالية من سلسلة "فالكن" ذات التقنية المتطورة التي تنشر الرعب من السماء مدعومة بالطرادات والبوارج والقوارب الحربية التي تقذف الموت والرعب والإرهاب على السكان من البحر، كل تلك الترسانة من إنتاج المصانع الغربية، وأمريكية على وجه الخصوص، أو بترخيص ودعم تمويلي وتقني فني كامل منها، هذا في الوقت الذي تسعى فيه الإدارات الغربية إلى تحجيم القوة العربية والفلسطينية الفاعلة إلى درجة الشلل الكامل، تُظهر هذه المواقف أن الإنسان الفلسطيني والعربي من البخس والصورة المشوهة بمكان لدى العقلية الغربية بحيث لا يحمل ذلك الإدارات الغربية لكي تحرك ساكناً تجاه انتهاكات حقوق الإنسان العربي الوطنية والأساسية والسياسية· بدلاً عن ذلك تصدر بعض البيانات الخجولة قبل وأثناء وبعد العدوان، تتصف تلك البيانات بالنفاق السياسي والضجة الإعلامية المتصنعة التي يضطر العرب لقبولها بسبب حالة ضعفهم المزمن أمام العربدة الإسرائيلية، التصرف المخجل نفسه تسلكه المنظمات الدولية والمتخصصة وفي مقدمتها الأمم المتحدة ممثلة بالأمين العام الذي أصبح في تصريحاته الإعلامية الصحافية يحذو حذو زعماء الدول المعتدية على حقوق الإنسان العربي وكرامته، تعاني الحكومات والدول والشعوب وجامعة الدول العربية من الإفلاس العسكري والسياسي والمادي والفكري في مقاومة آلة الحرب والإرهاب الإسرائيلية، من الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى زيادة "تبخيس" ثمن الإنسان العربي أمام نفسه وأعدائه وأصدقائه!·

تعتبر عملية "أمطار الصيف" الإسرائيلية على قطاع غزة حبة في سبحة الإجراءات الإسرائيلية العدوانية اللاحصر لها ضد الفلسطينيين خاصة والعرب عامة، مثلها مثل "عناقيد الغضب" في جنوب لبنان قبل أكثر من عشر سنوات والتي ارتكبت إسرائيل فيها مجزرة "قانا" بعد أن ضربت البنية التحتية للاقتصاد اللبناني عادة ما تصبح مولدات الكهرباء هدفاً للطائرات الإسرائيلية لسهولة الوصول إليها، وبالرغم من سهولة ضرب تلك الأهداف الحيوية أينما وجدت إلا أن المقاومة الفلسطينية لم تضرب يوماً محطة واحدة تزود المدن الإسرائيلية بالطاقة، ذلك ما جعل إسرائيل تتجرأ كثيراً على ضرب محطات الكهرباء العربية نظراً لغياب عامل الحماية والردع الكافي ضدها·

يسهل تخطي الآلام والجروح والدمار والخراب الناتجة عن عملية من مثل "أمطار الصيف" الإسرائيلية في العالم الغربي، عادة ما يكون ذلك باعتذار كلامي والظهور بوجه عابس وإلقاء لوم شكلي على القيادة السياسية أو العسكرية الإسرائيلية من قبل السياسيين الغربيين وحتى بعض نظرائهم الإسرائيليين، عبر وسائل الإعلام الغربية ونظيراتها الناطقة بالعربية، حدث ذلك من قبل في الكثير من حالات العدوان الهمجي السافر التي واجهتها المدن والقرى العربية والمخيمات الفلسطينية·

بات الإنسان العربي يسأل كل يوم نفسه لماذا حالة البخس التي تحل به دولياً الآن؟! حيث أصبح ماضيه وحاضره ومستقبله مهدد بالتشويه والتدمير المادي والمعنوي، آن الأوان وأكثر من أي وقت مضى كي يقوم العرب من مسؤولين ومثقفين ومتعلمين وعوام، جماعات ووحدان، بإصلاح أنفسهم والنهوض بها من أجل إعادة الاعتبار لأنفسهم ولأمة تهددها مجموعة من البشر تقلهم عدداً وتنقصهم الشرعية في التواجد في المنطقة كمحتلين·

* جامعة الإمارات

�����
   
�������   ������ �����
نظرة عامة في العلاقات الخارجية الأمريكية
نظرة في المواجهة بين فتح الإسلام والحكومتين اللبنانية والأمريكية
الحالة الفلسطينية: من الثورة إلى الرضوخ لشروط مميتة
لا يتعلم جورج بوش من تكرار أخطائه
الإعلام الإخباري والاستخفاف بالحقيقة
الحرب السادسة في المنطقة
قراءة في المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله
قراءة في المواجهة المفتوحةبين إسرائيل وحزب الله
بخس ثمن الإنسان العربي في الحسابات الغربية
الإدارة الأمريكية ومشروع تقسيم العراق
أبو مازن بين مطرقة الاحتلال وسندان المقاومة
أوضاع الفلسطينيين وجماعات حقوق الإنسان الدولية
 

حمانا جبل لبنان:
سليمان صالح الفهد
"الخرافي شين وقواة عين":
عبداللطيف الدعيج
انتصارات حزب الله:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
جنديان إسرائيليان.. بس!:
فيصل عبدالله عبدالنبي
بطل من هذا الزمان:
عبد الجليل النعيمي
أحفاد من نحن العرب؟:
المحامي نايف بدر العتيبي
لبنان يشتكي من الوهن العربي:
د. عبدالواحد محمد الخلفان
الكماشة المباركة:
عبدالرحمن خالد الحمود
وبعدين..؟:
على محمود خاجه
بخس ثمن الإنسان العربي في الحسابات الغربية:
د. نسرين مراد
هكذا يفكر "أولمرت":
عبدالله عيسى الموسوي
الطريق الافتراضي إلى الموت:
د· منى البحر
الجمال، من يضع له الدلالات؟ :
د. حصة لوتاه
أبو ريم: الإنسان المبدأ:
د. محمد عبدالله المطوع