رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11 ربيع الأول 1427هـ - 12 أبريل 2006
العدد 1723

أوضاع الفلسطينيين وجماعات حقوق الإنسان الدولية
د. نسرين مراد
????? ????????

منذ البدء بإنشاء دولة "إسرائيل" في فلسطين التاريخية في بداية القرن العشرين وأوضاع حقوق الإنسان لعرب فلسطين داخل وخارج فلسطين تعاني الأمرّين، وتسير بشكل متواتر من سيئ إلى أسوأ· لقد فقد معظم الفلسطينيين أحد الحقوق الأساسية للإنسان التي أقرتها مواثيق الأمم المتحدة ألا وهو حق الإنسان في وطن وبيت ملائم وآمن يقيم فيه وأولاده· تبع ذلك فقدان الفلسطينيين لحقوق أكثر أساسية من حق الوطن ألا وهو الحق في الحياة الكريمة والحرية حيث قامت "إسرائيل" بقتل وجرح وحبس مئات آلاف الفلسطينيين على مذبح إقامة دولة لشعب بلا أرض، ألا وهو الشعب اليهودي القادم من جميع أصقاع المعمورة، في فلسطين المأهولة بأصحابها الشرعيين من العرب· لمدة تزيد عن القرن من السنين كان الصراع بين اليهود والفلسطينيين دامياً ومكشوفاً وتحكمه المعايير الدولية الغربية التي تحمل دائماً طابع الازدواجية والاستفزازية والعنصرية المحمومة الحاقدة· وبعد اقتلاع الغالبية العظمى من الفلسطينيين من ديارهم وأوطانهم لاحقهم الظلم والاضطهاد والقتل والحصار والتنكيل ونكران الحقوق الأساسية، حتى حق التنفس والماء والطعام الصحي لكل منها، إلى مواطن الشتات؛ وأكبر دليل صارخ على ذلك ما يجري للاجئين الفلسطينيين في لبنان حيث تجري منذ أكثر من نصف قرن من الزمن أطول وأكثر عملية نزف حاد لكل حقوق الإنسان بكل ما تحمله العبارة المأساوية من معنى· يجري ذلك على مرأى ومسمع جميع القوى المحلية والإقليمية والدولية السياسية والاجتماعية والإنسانية، الصغيرة منها والكبيرة، دون أن يحرك أي منها أي ساكن في هذا الشأن المثير لكل أنواع التقزز والقلق والألم· لا يقف الأمر عند هذا الحد المشين بل إن من يمارسون عمليات خنق وقتل حقوق الإنسان عند اللاجئ الفلسطيني الخالي من الحول والقوة يلاقون المباركة والدعم والتأييد المادي والمعنوي والسياسي من قوى إقليمية ودولية تصف نفسها وعلى الدوام بأنها عصرية ومتطورة في رعايتها للإنسان وحقوقه ورفاهيته النفسية والاجتماعية والفكرية·

في المناطق الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948 وفي الضفة الغربية وغزة اللتاين احتلتا عام 1967 تواجه حقوق الإنسان أخطر أنواع التحديات والإهانات بسبب الإجراءات "الإسرائيلية" القمعية اليومية المستمرة والمتصاعدة وعلى مدار الساعة ضد السكان المسالمين العزل· وصلت تلك الإجراءات إلى درجة غير مسبوقة في التاريخ المعاصر تتمثل في إقامة الجدران العنصرية العازلة المذلة المدمِّرة والمعرقِلة لكل نشاط حياتي بشري والإكثار من إقامة الحواجز العسكرية، وبشكل يفوق كل المقاييس الهمجية الوحشية، التي يشرف عليه المستوطنون الصهاينة الذين يتوشحون بالحقد العنصري والتاريخي والديني المعلن ضد كل ما هو غير يهودي· في ذلك تم تحويل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في الداخل إلى منعزلات غارقة في البؤس تخضع لنزوات الساسة "الإسرائيليين" وتجارب علماء النفس والاجتماع العنصريين التابعين للمؤسسة السياسية والعسكرية "الإسرائيلية"؛ تهدف جميعها إلى اقتلاع ما تبقى من الشعب الفلسطيني الصامد من جذوره التاريخية والجغرافية والثقافية والحضارية· ولمعرفة ما يجري بهذا الصدد عن كثب يكفي النظر إلى مثال واحد فقط من عشرات الأمثلة والذي يتمثل في إقامة أحد حواجز الذل والقهر والقمع العنصرية على مداخل القدس الشريف عاصمة دولة فلسطين التاريخية، والذي لا يقل قبحاً وهمجية وفاشية عن حواجز "محاكم التفتيش" الكاثوليكية سيئة الصيت التاريخي ضد المسلمين واليهود في أسبانيا قبل مئات السنين، والتي تحاول بدورها حرمان عرب فلسطين من الوصول إلى أعظم وأقدس بقعة دينية وتاريخية ووطنية لديهم· لا يقل الوضع سوءاً ولو بمثقال شعرة عن الحواجز الفاشية المقامة على مداخل جميع المدن الأخرى حيث تنشط "العبقرية الإسرائيلية" في التفنن في إيقاع أقسى أنواع المعاناة النفسية والمادية والمعنوية بأناس مسالمين عزل، يصرفون جل يومهم في البحث عن قوتهم اليومي المغموس بالدم والعرق والذل والإهانة والتعسف والإرهاب الإسرائيلي المنظم والمبرمج· مرة ثالثة يجري كل ذلك برعاية ودعم من القوى الدولية الرئيسية الفاعلة ومع إهمال جماعات حقوق الإنسان التي تتغنى ليل نهار بسهرها وحرصها المتواصلين على صيانة وتطبيق مفهوم حقوق الإنسان وتطويرها·

في قلب دولة "إسرائيل الديموقراطية العصرية" تمارَس العنصرية البشعة ضد قطاع كبير من السكان الذين يحملون الجنسية "الإسرائيلية" ولقب المواطَنة "الإسرائيلية" من عرب فلسطين 1948 في العرف والشارع والقوانين "الإسرائيلية" يعتبر هؤلاء مواطنين من الدرجة الثانية في أحسن الأحوال وأكثرها ندرة· تشمل إجراءات التمييز والعنصرية مجالات الوظائف العامة والخاصة والضمان الاجتماعي وفرص التعليم العالي والمراقبة الأمنية المستمرة ومصادرة الأراضي والبيوت والاعتقال الاحترازي وغير ذلك الكثير· تقام تلك الإجراءات من قبل دولة "إسرائيل" العضو في الأمم المتحدة حيث من المفترض أن يلزمها القانون الدولي بتطبيق القوانين والأعراف والمعايير الدولية في حقوق الإنسان بحق السكان الذين يقعون تحت تصرفها أو حكمها، كرهاً أو طوعاً··· باللين أو باستخدام الجبروت العسكري المفرط للاحتلال· مرة أخرى فإن جمعيات حقوق الإنسان الدولية وتقاريرها، الدوري والطارئ منها، تكاد تخلو إلا من بعض الإشارات الخجولة إلى ما تتخذها الحكومات الإسرائيلية من إجراءات ضد جماعات بشرية محاصرة ومسالمة وممنوعة من اقتناء أي نوع من أنواع السلاح للدفاع عن نفسها·

على النقيض مما سبق تقيم جمعيات حقوق الإنسان، المسيّسة هذه، الدنيا ولا تقعدها إذا ما جاء لعلمها أن أحداً من أفراد الكيان "الإسرائيلي" قد مسه سوء من جراء ردة فعل، في معظمها فردية وعفوية، تقام من الطرف الذي أنهكه الاضطهاد وقتلته الإجراءات "الإسرائيلية" المغرقة في القمع والتطرف والوحشية والإذلال المتعمد· تصرف تلك الجمعيات الوقت والجهد الأكبر في مقارعة الدول النامية والفقيرة أو التي تسود فيها أنظمة سياسية لا ترضى عنها الأنظمة السياسية في الدول الغربية· وتمتد أساليب التدخل إلى إثارة النعرات الدينية والمذهبية والطائفية والوطنية والعرقية وحتى الطبقية في تلك الدول الضعيفة لمساعدة الدول العظمى في رسم سياساتها المستقبلية والتي في معظمها توسعية عدائية وذات مصلحة أنانية خاصة بتلك الدول· آخر تلك الملاحظات بهذا الشأن هو توجيه لفت انتباه إلى حال مجموعات العمال في سوق العمالة الوافدة في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ كما لو كان وضع العمال الأجانب في الدول الراقية وغير الراقية، والعمال من غير اليهود في "إسرائيل"، أحسن حالاً من أوضاع العمال الوافدين في الإمارات العربية المتحدة· في هذا الاتجاه تواجه الدول والأنظمة العربية والإسلامية القدر الأكبر من انتقادات جمعيات حقوق الإنسان السياسية والتي تساهم بطريقة انتقائية ومباشرة في تحفيز الدول القوية للتدخل في شؤونها الداخلية وإخضاعها لضغوطات خارجية وشروط تعجيزية تمهيداً لمحاصرتها سياسياً واقتصادياً وربما ضربها عسكرياً· خلال السنوات القليلة الماضية يمكن اعتبار جمعيات حقوق الإنسان المنحازة على أنها أحد الأذرع القوية للحملة الدولية التي تقودها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش على ما يوصف بالإرهاب والتطرف الإسلامي· على المرء أن يتصور كيف أن دولة مثل "إسرائيل" ذات السجل المليء بالتجاوزات الصارخة والمنظمة والمبرمجة على حقوق الإنسان تعتبر رأس حربة وشريكاً استراتيجياً للولايات المتحدة في محاربة ما يسمى بالإرهاب والفكر المتطرف، وهي الدولة التي عادة ما يقودها أشخاص من مثل السيد أرييل شارون وخليفته الآن السيد إيهود أولمرت الغنيين عن التعريف·

إن استمرار الدعم الغربي اللا محدود والتغاضي اللا مسؤول عن ممارسات "إسرائيل" وجرائمها اللا محدودة وتصرفاتها غير القانونية اللا مسؤولة في مجال حقوق الإنسان يؤدي حتماً إلى استمرار النزف الحاد في حقوق الإنسان الفلسطيني المضطهد والأعزل المسالم داخل وخارج فلسطين التاريخية·

* جامعة الإمارات

�����
   
�������   ������ �����
نظرة عامة في العلاقات الخارجية الأمريكية
نظرة في المواجهة بين فتح الإسلام والحكومتين اللبنانية والأمريكية
الحالة الفلسطينية: من الثورة إلى الرضوخ لشروط مميتة
لا يتعلم جورج بوش من تكرار أخطائه
الإعلام الإخباري والاستخفاف بالحقيقة
الحرب السادسة في المنطقة
قراءة في المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله
قراءة في المواجهة المفتوحةبين إسرائيل وحزب الله
بخس ثمن الإنسان العربي في الحسابات الغربية
الإدارة الأمريكية ومشروع تقسيم العراق
أبو مازن بين مطرقة الاحتلال وسندان المقاومة
أوضاع الفلسطينيين وجماعات حقوق الإنسان الدولية
 

ألم البوح والكتابة عن الاحتلال(2-2):
سليمان صالح الفهد
مبارك لم يكن موفقاً البتة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ورحل حسام الكلمة!!:
سعاد المعجل
ألف لا.. يا رئيس مبارك..
وما كان الظن بكم هكذا:
المحامي عبد الكريم جاسم بن حيدر
حوار من بعيد(4):
فهد راشد المطيري
حقوق الإنسان.. من الحلم إلى الوهم:
علي عبيد
حماية الشخصيات "ليست" بإرهاب الناس:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
وطن الظلام:
محمد بو شهري
منقبات وفرعيات:
المحامي نايف بدر العتيبي
هكذا يفكر الصهاينة:
عبدالله عيسى الموسوي
أوضاع الفلسطينيين وجماعات حقوق الإنسان الدولية:
د. نسرين مراد
الشتائم وتطور البرلمان:
فيصل عبدالله عبدالنبي
ماذا قال المقرر وماذا يقصد؟!!:
د. عبدالواحد محمد الخلفان
نداء لسمو رئيس مجلس الوزراء:
محمد ناصر المشعل
الجامعة العربية ومؤتمرات القمة :
د. لطيفة النجار