رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 30 مايو 2007
العدد 1776

المجتمع المحافظ والنزعة الفردية
فهد راشد المطيري
fahad@taleea.com

المحافظة هي مقاومة التغيير، والمجتمع المحافظ هو المجتمع الذي يعتمد على بث الخوف المتبادل بين أفراده لضمان أولوية الجماعة على حساب الفرد، وأولوية الموروث على حساب المكتسب! إن صح تعريفي الخاص للمجتمع المحافظ، فهذا يعني أن المحافظة تعتبر عقبة حقيقية في حياة كل فرد، وأن المجتمع المحافظ يشكل تهديدا لكل نزعة فردية أصيلة! هذا المقال هو محاولة لتسليط الضوء على أبرز ملامح المجتمع المحافظ ومدى تأثيرها على حياة الفرد·

هناك تشابه بين المجتمعات المحافظة من جهة والطبيعة من جهة أخرى، فالطبيعة تضمن توريث الجينات من جيل إلى جيل، والمجتمع المحافظ يضمن توريث السلوك من جيل إلى جيل· لكن وجه التشابه يقف عند هذا الحد، فالطفرة الجينية هي بمثابة تجديد في شكل الطبيعة، أما النزعة الفردية فهي بمثابة تهديد لثوابت المجتمع المحافظ! هذا يعني أن الطفرة الجينية تتحدى النسخة الطبيعية المورّثة، ومع ذلك تبتسم الطبيعة مفسحة المجال للتجديد والتنوع، والنزعة الفردية تقاوم نسخة السلوك الاجتماعي الوراثي، لكن المجتمع المحافظ يكفهر ويتجهم ويعتبر ذلك تمردا! ماذا لو اتخذت الطبيعة من المجتمع المحافظ قدوة لها؟ ماذا لو حاربت الطبيعة كل طفرة جديدة في السلم الوراثي؟ الجواب العلمي المباشر هو أن فرصة وجودنا على هذا الكوكب ستكون مستحيلة!

الثبات يعني الموت، والمجتمع المحافظ يركن إلى الثبات ويقاوم التغيير، ومن هنا نستنتج أن المجتمع المحافظ مجتمع ميت· لا تقف علاقة المجتمع المحافظ بالموت عند هذا الحد، ذلك أن إصرار المجتمع المحافظ على حث الخلَف على اتباع السلف يعني أن الأموات يحكمون الأحياء، وأن من يقبع تحت الأرض يتحكم بمصير من يمشي على الأرض· عندما يدخل الدين كطرف في هذه المعادلة، فإن الفرد يصبح محكوما من فوق ومن تحت! غريزة الخوف هي التي تضمن بقاء الفرد في هذا الوضع، وهي غريزة يستثمرها المجتمع المحافظ بشكل أفقي، ويستثمرها الدين بشكل عمودي· بمعنى آخر، رسالة المجتمع المحافظ للفرد هي: "انظر يمينا وشمالا، احذر من أفواه الناس!"، ورسالة الدين للفرد هي: "انظر إلى أعلى وتذكر أن مصيرك إلى أسفل!"·

شعار المجتمع المحافظ هو "مصلحة الجماعة على حساب مصلحة الفرد"، وهو شعار يقود إلى ذوبان شخصية الفرد وتواريها تحت عباءة الجماعة، فالفرد تم اختزاله إلى رقم وهوية، وهوية الجماعة ليست سوى شهادة حسن سلوك اجتماعي يحدد قواعده أهل القبور وتضمن بقاءه العقلية المحافظة! يكاد أفراد المجتمع المحافظ أن يكونوا متشابهين، فالعمل على خلق نماذج متشابهة يشكل قوام المجتمع المحافظ، وهذا يعني أن علاقة صداقة مع فرد واحد ربما تغني عن إقامة علاقات صداقة إضافية! أعتقد أيضا أن من السخف إجراء استبيان علني حول مسألة جوهرية تمس صميم المجتمع المحافظ، فهذا النوع من المجتمعات لا يسمح بتعدد الآراء حول مسألة حساسة تهدد بقاءه!

"الفرد المطيع" هو النموذج الغالب في المجتمع المحافظ، لكن هناك أيضا نموذج "الفرد المتمرد"· التمرد هو تعبير عن حالة عدم انسجام، وتمرد الأفراد على قيم المجتمع المحافظ يأتي عادة على شكل ردة فعل عاطفية، تتصف بالعنف وتعمّد الإساءة، وأعتقد أن هذا ينطبق على أغلب الكتابات "الليبرالية" في المجتمعات العربية! مظاهر تأثير المجتمع المحافظ على حياة الفرد كثيرة، منها الإذعان من دون معارضة، ومنها الصراخ والتذمر بكل حماقة!

 أنجح طريقة للتخلص من سطوة المجتمع المحافظ هي اعتماد أسلوب عدم المبالاة، فإذا كانت أقوالك وأفعالك ناتجة عن قناعة ذاتية، فلا يهم عندها ماذا يقول الناس، فلن يزيد مديحهم من قناعتك، ولن يقلل ذمهم من عزيمتك! لو اعتمد الجميع هذا الأسلوب، لاختفت الغيبة والنميمة، ولدبت الحياة في المجتمع من جديد! عندها، وعندها فقط، يكف الفرد عن النظر بأعين وجلة إلى كل الجهات، ويقدر بحق قيمة هذه الحياة!

 

ملاحظة: سأنضم إلى صحيفة "الجريدة" الكويتية، وسأكتب مرتين في الأسبوع، يومي الأحد والثلاثاء، وأما هذه الزاوية فستبقى مستمرة·

 fahad@taleea.com

�����
   
�������   ������ �����
معادلة رياضية لقياس الحرية
خطبة جمعة عصرية
الدقائق الأخيرة
عندما يرتفع السافل
في قفص الاتهام
المجتمع المحافظ والنزعة الفردية
أبحري يا سفينة الحمقى!
مفهوم الوطنية في ميزان العقل
الوطنية و حلبة الصراع من أجل السلطة
الديمقراطية واستبداد الأغلبية
إلا الدستور
... وحتى الدستور!
في انتظار جيل جديد
الشارع الكويتي ومثلث التظاهر
النجاح على قدر الصراخ!
وداعا...مبارك
هيبة الشيوخ و ضعف الدستور
التفكير النقدي
طريق الخلاص
المثقف بين الطموح وتسويق الذات
الأفكار الجديدة والتقاليد الموروثة
  Next Page

أبطال المجتمع:
ياسر سعيد حارب
يبدو أن الموضوع أصبح جديا:
الدكتور محمد سلمان العبودي
نشد على يديْ هذا الرجل:
د. لطيفة النجار
الإرهاب النسوي:
عبد العزيز خليل المطوع
جمال عبدالناصر!!:
سعاد المعجل
تكفير الناس وقتلهم:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
قليل من الحياء:
على محمود خاجه
المجتمع المحافظ والنزعة الفردية:
فهد راشد المطيري
وزارة الشؤون "لا عيون ولا أذون":
المهندس محمد فهد الظفيري
جهد أقل...
وإصلاح وتطوير أكثر:
فيصل عبدالله عبدالنبي
وسائل المعلمين... هي نتائج الطلبة:
علي سويدان
عصابة برتبة مقدم:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
بقاء الجراح جرح... للإصلاح!:
محمد جوهر حيات
59 عاما على نكبة فلسطين (2):
عبدالله عيسى الموسوي
"الأنا" أولا و"الكويت" أخيرا:
د. بهيجة بهبهاني
سراب الإصلاح وحقيقة الفساد:
أحمد سعود المطرود
الامتلاء من أجل العطاء:
د. فاطمة البريكي
هوامش على حديث دعيج الشمري وقول ما لا يقال!:
خالد عيد العنزي*