رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 30 مايو 2007
العدد 1776

الإرهاب النسوي
عبد العزيز خليل المطوع
???? ??????

بعد عشر سنين أو خمسين سنة أو ما بين المدتين، يتوقع الكثير من المحللين والمفكرين أن يأفل نجم الدولة الأمريكية، وحينذاك لن تبكيها السماوات والأرض، لأنها لم تحترم لا شرائع السماء ولا مواثيق الأرض، بل سيتذكرها العالم كحقبة تاريخية مريرة وحافلة بالحروب والمآسي والأحداث التي تحمل بصماتها وذكرياتها الخاصة، قد يتذكرها العالم بشيء من الاحترام لإنجازاتها الحضارية في العديد من جوانب الحياة، ولو أن تقديمها للبشرية كان صفقة تجارية من قبيل الاستفادة من ثمن فتات موائدها أو بيع بحيرات السراب للظمأى·

ولكن الذي لا شك فيه أن العالم سيتذكرها دائما بكثير جدا من الألم، وسيضع الكثير من أبناء الشعوب أيديهم على آثار جراحهم والإعاقات التي سببتها الحروب الأمريكية لهم، وسيبكون أمواتهم الذين دفعوا أرواحهم ثمنا لمغامراتها الدموية، لكن أسوأ ما سيخلده لها التاريخ شيئان، أما الأول فالعولمة أو حصان طروادة الحديث الذي أخفت شركاتها وثقافتها ومصالحها الاستراتيجية في داخله، وفتحت به حصون الدنيا بأسرها، وأما الثاني فهو الإرهاب الذي صنعته واحتضنته ثم أطلقت سراحه ليمارس جنونه، وارتدت هي بزة الشرطي الذي يطارده لتخليص الناس من شره، والحقيقة أنها هي التي كانت توجهه حيث شاءت، ثم تقتفي أثره لتعيث في الأرض فسادا وخرابا·

ورغم أن أمريكا لم تستخدم في مفردات خطابها السياسي والإعلامي، ولم تشن حروبا استباقية إلا على نوع واحد من الإرهاب، إلا أن إرهاباتها الأخرى التي تمسك بأرسانها كانت تؤدي دورها في صمت لترويع العالم بتشكيلة أخرى من الإرهاب الأبيض· فما دام التلويح باستخدام السلاح يسمى إرهابا، فلا مانع إذن أن يكون التلويح باستخدام أي سلاح آخر هو إرهاب من فصيلة ذلك السلاح، وعليه فهناك إذن إرهاب اقتصادي وسياسي وثقافي وتعليمي، ولا مانع أن يكون هناك أيضا إرهاب نسوي·

الذي يميز الإرهاب النسوي، أنه لا علاقة بالمرأة به، ولا شأن للنساء بتحديد أهدافه وآلياته وضحاياه الحقيقيين أو الافتراضيين، بل توجهه منظمات وهيئات دولية لا علاقة بين نشاطها المحوري وبين المرأة لا من قريب ولا من بعيد، كمنظمة التجارة الدولية وصندوق النقد  والبنك الدوليين واليونسكو وغيرها، ومع ذلك فإنها تتخذ من قضايا المرأة كاسحة ألغام يقودها هذا الإرهاب للوصول إلى مآربها·

أما الأمر الثاني الذي يميز الإرهاب النسوي فهو مروره بنفس مراحل تكوّن الإرهاب الدموي أو الأسود، فكانت له "قاعدة" لها شبكتها المنتشرة في جميع أنحاء العالم، وهناك دائما "بنت لادن" أو ممثلة لها في كل فرع من هذه الشبكة تتولى النياحة والعويل وإثارة أي شيء بدعوى الدفاع عن حقوق المرأة، والغريب أيضا أن "بنات لادن" هؤلاء جميعهن ينادين بتطبيق النموذج الغربي على حياة المرأة في بلادهن ولو كن في بلاد واق الواق· إلا أن نشاط هذه "القاعدة النسوية" في السنوات العشرين الأخيرة خرج من طوره "التورابوري" أو الكهوفي أو بالأصح من غرفه وأقبيته السرية، وأصبح أكثر ضجيجا وأكثر إثارة للزوابع بعدما استطالت ذراعه واعتادت عيناه على الرؤية في وضح النهار·

لقد انتقل الإرهاب النسوي من طور العمليات الصغيرة والخاطفة إلى طور الحروب الشاملة والنظامية، حتى باتت الدول ذات السيادة تحسب له ألف حساب، وتخطب وُدّه في كل تشريع أو تنظيم اجتماعي يتعلق بأي قضية من قضايا المرأة كالمساواة في الأجور بالرجل، أو ممارسة العمل السياسي والنيابي والقضاء وحتى الحكم، والاختلاط والسفور وتحريم تعدد الزوجات "بالنسبة للدول الإسلامية فقط"، والحقوق المالية والحرية الشخصية "الفكاك من وصاية ولي الأمر" فإما أن تتعامل هذه الدول مع هذه القضايا بالشكل الذي يرضي "القاعدة النسوية" وإلا طالتها يد الإرهاب النسوي، بل إن يد الإرهاب النسوي تطال أيضا الأحزاب السياسية والأديان والثقافات والعادات والتقاليد وأي شيء آخر ينظر إلى المرأة وقضاياها من زاوية مختلفة عن الزاوية التي يسعى هو إلى أن يحشر الدنيا بأسرها فيها·

والإرهاب النسوي يعتمد في تكتيكاته على مهاجمة ضحاياه من ثلاثة محاور، الأول استغلال قضايا المرأة سياسيا، ولهذا يوجه الإرهاب النسوي ضرباته إلى الدول التي تحرّم أو لا تسمح للنساء بتقلّد المناصب السياسية العليا، ويستخدم ضد ضحاياه أساليب ابتزازهم بالتمييز العنصري وعدم ممارسة الديموقراطية، وهو بذلك يرمي إلى ملء المناصب القيادية في دول العالم بالنساء، دون أن يعلم أحد في الحقيقة ما هي نقاط الضعف التي يحاول الإرهاب النسوي استغلالها في النساء، ويلجأ بذلك إلى إسناد المناصب السياسية إليهن ليعمل فيما بعد على استثمار نقاط الضعف تلك للوصول إلى غاياته وأهدافه، ويبدو أن نقاط الضعف هذه لا تتوافر عند الرجال، فهم بذلك عقبة وليسوا أدوات جيدة لتحقيق تلك الأهداف والغايات·

لكن الواضح أن أهم عائد سيحققه من استثماراته في النساء هو كسب إحساسهن بالجميل والولاء للنفوذ الذي أوصلهن إلى هذه المكانة وليس لمجتمعاتهن، مما سيسهل مهمة العولمة أو بالأصح حكومة العالم الخفية لتأخذ من دول العالم التي تحكمها النساء كل ما يحقق أطماعها وأهدافها ولو كانت على حساب مصالح شعوبها·

أما المحرك الثاني فهو استغلال قضايا المرأة اقتصاديا، وهنا يهاجم الإرهاب النسوي الدول التي تقيد الحرية الشخصية للمرأة أو تحدد مجالات عملها، ويستخدم ضد ضحاياه أسلحة القيود الاقتصادية ومنع المساعدات المالية والقروض الدولية، وهو بذلك إنما يهدف إلى تحريك آلة الصناعة في العالم من وراء استغلال قضايا المرأة لتأجيج الميول الاستهلاكية لدى النساء، وهذا كله لا يتأتى إلا بممارسة المرأة كل تلك الحريات والحقوق، فإذا لم تكن تخرج وتعمل وتختلط بالرجال وتسافر وتتصرف في أموالها بإرادتها، فمن إذن الذي سيستهلك سنويا بمليارات الدولارات ما تتقيأه مصانع الملابس ومستحضرات التجميل والمجوهرات واللوازم المنزلية وملابس الأطفال وحتى السيارات "لاحظ لو أن دولة يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، وكان %35 من سكانها نساء بالغات، فهذا يعني أن هذه الدولة وحدها تحتاج إلى ما لا يقل عن 150 ألف سيارة سنويا لنسائها فقط، بافتراض أن دخل الفرد فيها متوسط المستوى، ومن هنا تأتي مهاجمة دولة تمنع النساء من قيادة السيارات كالسعودية، لا من أجل عيون النساء، بل لتدر الجيوب الجشعة لأرباب صناعة السيارات ومكوناتها وشركات النقل والتأمين والمصارف وورش الصيانة مزيدا من مليارات الدولارات سنويا، ولا يهم إن تراكمت ثروات الدول النامية في خزائن الدول المتقدمة من جرّاء أميتها الاستهلاكية، أو ذهبت موارد كوكب الأرض وبيئته بعد ذلك إلى الجحيم"·

أما المحرك الثالث فهو استغلال قضايا المرأة اجتماعيا، فيهاجم الإرهاب النسوي الدول أو حتى الأديان التي لا تعتبر المرأة رجلا كاملا من الناحية القانونية، ويستخدم في هجومه أساليب محاربة الرموز الدينية المعبرة عن القيود "الحجاب"، أو الاتهام بعدم احترام حقوق الإنسان، وهو بذلك يهدف إلى فرض مفاهيمه الخاصة على فئات المجتمع الأخرى ولاسيما الأجيال الجديدة· ولأن الكثير من الرجال يرون هذه المفاهيم متناقضة مع القيم التي تربو عليها أو يعتبرونها مقوّضة للأسرة، فلا أحد إذن غير الأم "نواة الأسرة" من يقدر على هذه المهمة إذا أمكن ترك الحبل لها على غاربه، وهذا المحرك يمثل الأرضية التي تضمن انسيابية انزلاق المحركين السابقين نحو الهدف النهائي، بالإضافة إلى أنه يرفع كل المحرمات والممنوعات من طريق استغلال المرأة في الفن والترفيه والرياضة والسياحة والإعلام وحتى الجاسوسية، وكلها في النهاية لها غاياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية·

المثير في هذه الرؤية، أن الإرهاب النسوي لا يعمل أساسا من أجل البناء العلمي والأخلاقي والإنتاجي عند المرأة، بقدر ما يحرص على تحويلها إلى ذريعة يستغلها للوصول إلى أهدافه، ولا يلقي بالا للتضحيات التي ستقدمها له المرأة كعفتها وكرامتها واستقرارها النفسي وحياتها الأسرية، ومن جانب آخر، هو إرهاب يحاول أن يصنع من المرأة رجلا آخر، ولا يهمه أن يظل مكان المرأة "كأم أو كزوجة" شاغرا، إنه إرهاب يعمل - من خلال استثمار النماذج الشاذة والمريضة- لتحويل المرأة إلى وحش كاسر تحركه دوافع الانتقام من الرجل بدلا من إيجاد صيغ للتعايش أكثر عملية وصلاحية للمجتمع البشري وأقرب للفطرة الإلهية· إن أبرز نجاح يسجل لهذا الإرهاب هو إيهامه المرأة بأن الضوابط والحدود الأخلاقية والدينية قضبان سجن، ولم يعطها الفرصة لتنظر إليها على حقيقتها كخطوط ترسم مسارات خاصة وآمنة للسائرين على طريق الحياة، من أجل أن تنتظم حركة البشر·

* كاتب إماراتي

�����
   

أبطال المجتمع:
ياسر سعيد حارب
يبدو أن الموضوع أصبح جديا:
الدكتور محمد سلمان العبودي
نشد على يديْ هذا الرجل:
د. لطيفة النجار
الإرهاب النسوي:
عبد العزيز خليل المطوع
جمال عبدالناصر!!:
سعاد المعجل
تكفير الناس وقتلهم:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
قليل من الحياء:
على محمود خاجه
المجتمع المحافظ والنزعة الفردية:
فهد راشد المطيري
وزارة الشؤون "لا عيون ولا أذون":
المهندس محمد فهد الظفيري
جهد أقل...
وإصلاح وتطوير أكثر:
فيصل عبدالله عبدالنبي
وسائل المعلمين... هي نتائج الطلبة:
علي سويدان
عصابة برتبة مقدم:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
بقاء الجراح جرح... للإصلاح!:
محمد جوهر حيات
59 عاما على نكبة فلسطين (2):
عبدالله عيسى الموسوي
"الأنا" أولا و"الكويت" أخيرا:
د. بهيجة بهبهاني
سراب الإصلاح وحقيقة الفساد:
أحمد سعود المطرود
الامتلاء من أجل العطاء:
د. فاطمة البريكي
هوامش على حديث دعيج الشمري وقول ما لا يقال!:
خالد عيد العنزي*