رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 30 مايو 2007
العدد 1776

أبطال المجتمع
ياسر سعيد حارب
yasser.hareb@gmail.com

عندما كنا صغاراً كانت الأحياء السكنية تعجّ بالمراهقين، حيث كان الجميع يخرج إلى الحي بعد صلاة العصر للعب كرة القدم أو ركوب الدراجة الهوائية أو القيام بأي نشاط ترفيهي، وكانت ملاعب كرة القدم الرملية هي المركز الرئيسي لتجمع المراهقين في أي حي سكني حيث كانت بمثابة "Downtown" لهم· وأذكر أننا كنا نتنافس مع أصدقائنا في الأحياء السكنية الأخرى في تزيين ملعبنا عن طريق استخدام أفضل أنواع الشباك الخاصة بالمرمى الذي كنا نطلي عواميده بانتظام لكي تبدو وكأنها جديدة على الدوام·

في تلك الملاعب تعرّفنا على أصدقاء الطفولة والمراهقة، وبنينا معهم تاريخاً بسيطاً ولكن حافلاً بالذكريات الجميلة، وفي تلك الملاعب كان آباؤنا وأمهاتنا يسترقون النظر إلينا ليتأكدوا بأننا لم نذهب على دراجاتنا الهوائية إلى الميناء القريب من حيّنا لنسترق النظر إلى عمليّات تحميل وتفريغ البضائع التي كانت تشكل لنا تجربة جديدة في كل مرة نخوضها·

أما اليوم فإن تلك الملاعب الرملية قد أتت عليها منازل سكان جدد، ودفنت معها ذكرياتنا الجميلة التي لولاها لما نشأت في نفوسنا روح المنافسة والطموح، ولما اكتسبنا مهارات العمل الجماعي والسعي لتحقيق الفوز والتميز في كل مرة· واليوم لا نرى في شوارع الأحياء السكنية غير العمال والخدم، حيث انسحب المراهقون إلى بيوتهم وبالتحديد إلى خلف شاشات الكمبيوتر والتلفاز لمواكبة تغيّرات عصر المعلومات التي بالرغم من وفرتها وسهولة الوصول إليها أصبح الناس أكثر جهلاً بما يدور حولهم، أما الذين سئموا الجلوس في البيت فتجدهم في المراكز التجارية يلتقون فيها بشكل شبه يومي أو أسبوعي للترفيه عن أنفسهم·

لا أذكر هذا من باب النقد ولكن لسرد الواقع، وفي رأيي فإن لكل زمان دولة ورجال، ولا يجب على مراهقي اليوم أن يعيشوا بالنمط نفسه الذي عاشت عليه الأجيال السابقة، وأكاد أجزم أنني لو كنت مراهقاً اليوم لفعلت تماماُ مثلما يفعلون، حتى وإن كانت في نفسي جذوة من طموح إلا أن الواقع يفرض نفسه بقوة على كل من يرغب في عمل شيء مفيد· وهذا حال العديد من دول العالم، بل إن في بعض الدول كبريطانيا أدى هذا الوضع إلى تشكل مجتمعات جديدة من المراهقين الذين ينحدرون من أسر فقيرة ويسكنون أحياء قديمة جداً، حيث لا يستطيع أبناء هذه الأسر ارتياد المراكز التجارية التي يرتادها الآخرون بسبب الحواجز المادية التي تحول بينهم وبين ذلك مما أدى إلى انعزالهم عن المجتمع وأفرز بالتالي ردود فعل غاضبة نتيجة تعامل الحكومة والمجتمع معهم على أنهم فئات محرومة أو كما اصطلح عليه في بريطانيا Disadvantaged" ، لذلك قامت الحكومة في أبريل 2006 بتأسيس صندوق للشباب يعنى بتمويل المشاريع التي ترمي إلى تطوير الأحياء السكنية بشرط أن يكون أصحاب هذه المشاريع من فئة الشباب الذين تكون أعمارهم ما بين 13 و19 سنة، وخصصت لهذا الصندوق مبلغ 115 مليون جنيه استرليني تصرف على مدى سنتين· وبالرغم من أن الحكومة تركز في هذا الصندوق على دعم مشاريع المناطق المحرومة إلا أن التمويل متاح لجميع المراهقين الذين تنطبق عليهم الشروط، وما عليهم إلا أن يضعوا تصوراً مبسطاً للمشروع ويقدموه للهيئة المحلية المشرفة على حيهم والتي من خلالها يتم تقييم المشاريع واتخاذ الإجراءات الضرورية بشأنها·

إن الهدف الرئيسي لهذا المشروع كما يعتقد القائمون عليه هو إعطاء الشباب فرصة أكبر للمشاركة في صنع القرار في بلدهم وذلك حتى يكونوا مواطنين فاعلين عندما يبلغون سن الرشد، أضف على ذلك أن الحكومة تسعى إلى إكساب المراهقين مهارات جديدة عن طريق إلزام جميع الحاصلين على تمويل لمشاريعهم أن يشاركوا في جميع مراحلها من التخطيط والتنفيذ إلى وضع مؤشرات أداء للمشروع وتقييم المخرجات المرجوة منه، ولتفعيل مشاركة الشباب فإن جميع لجان تحكيم المشاريع المنتشرة في شرق البلاد وغربها يجب أن يكون بها مجموعة من المراهقين لأنهم - في اعتقاد الحكومة - أكثر قدرة على تقييم المشاريع من وجهة نظرهم كمستخدمين لها، ليس ذلك فقط بل إن هذه اللجان الشبابية - بإشراف خبراء من الحكومة - هي التي تحدد أوجه صرف الميزانية المخصصة لكل حي على حدة·

لقد ساعد صندوق تمويل الشباب على تخفيف حنق الفئات المحرومة في المناطق النائية على الحكومة، وأدت مشاريع الصندوق إلى إخراط هؤلاء المراهقين في المجتمع كأفراد فاعلين فيه تماماً كأبناء الأحياء الميسورة، كما ساهم الصندوق في إعادة الحياة إلى الأحياء السكنية في بريطانيا حيث أقيمت العديد من المشاريع التي لم تكن على سلم أولويات الحكومة، فعلى سبيل المثال حصل مجموعة من المراهقين في مدينةPlymouth  على تمويل حكومي لإنشاء مركز في حيهم يجتمعون فيه مرة أسبوعياً ويطبخون مجموعة من الأطباق الصحية ومن ثم يستمعون إلى محاضرة عن التغذية الصحية وأهمية الرياضة في حياة الإنسان وذلك لنشر ثقافة الحياة الصحية بين أفراد الحي· كما حصلت المجموعة نفسها على تمويل لشراء عدد من كراسي العجلات الشاطئية لكي يستخدمها المعاقون عند ذهابهم إلى البحر، وقامت بتأجير هذه الكراسي بأسعار رمزية حتى يتمكن المعاق من التمتع بالشاطئ تماماً كأي شخص آخر·

عندما سئلت إحدى القائمات على صندوق تمويل الشباب عن سبب إنشاء الصندوق قالت: حتى يكتسب المراهقون مهارات اتخاذ القرار وإدارة المشاريع وحتى يتعلّموا أهمية المشاركة المجتمعية··· ولأننا نريدهم أن يكونوا أبطال المجتمع·

* كاتب إماراتي

 yasser.hareb@gmail.com

�����
   

أبطال المجتمع:
ياسر سعيد حارب
يبدو أن الموضوع أصبح جديا:
الدكتور محمد سلمان العبودي
نشد على يديْ هذا الرجل:
د. لطيفة النجار
الإرهاب النسوي:
عبد العزيز خليل المطوع
جمال عبدالناصر!!:
سعاد المعجل
تكفير الناس وقتلهم:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
قليل من الحياء:
على محمود خاجه
المجتمع المحافظ والنزعة الفردية:
فهد راشد المطيري
وزارة الشؤون "لا عيون ولا أذون":
المهندس محمد فهد الظفيري
جهد أقل...
وإصلاح وتطوير أكثر:
فيصل عبدالله عبدالنبي
وسائل المعلمين... هي نتائج الطلبة:
علي سويدان
عصابة برتبة مقدم:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
بقاء الجراح جرح... للإصلاح!:
محمد جوهر حيات
59 عاما على نكبة فلسطين (2):
عبدالله عيسى الموسوي
"الأنا" أولا و"الكويت" أخيرا:
د. بهيجة بهبهاني
سراب الإصلاح وحقيقة الفساد:
أحمد سعود المطرود
الامتلاء من أجل العطاء:
د. فاطمة البريكي
هوامش على حديث دعيج الشمري وقول ما لا يقال!:
خالد عيد العنزي*