| يؤكد علماء النفس أن عدوانية الإنسان تزيد وتتضاعف حين يفقد الحجة المنطقية أو العقلانية فيما يقول أو يفعل!! وبحيث يزيد صراخه أو عنفه أو تطرفه في القول حين يجد أن الدائرة من حوله قد أصبحت تضيق وتكاد تسحق أضلاعه داخل جسده: ولنا في الواقع مشاهد كثيرة تؤكد تلك الحقيقة·· أحد تلك المشاهد كان في جنوح "صدام حسين" عن خانة المنطق والمعقول في كل تصريحاته ووعوده وتهديداته وذلك حين ضاقت حلقات الدائرة عليه بصورة جعلته لا يدرك ما يقول أو يفعل!!
في معركة الدوائر·· الدائرة رحاها في الكويت بدأ الكثير في الخروج عن المنطق والمقبول بعد أن أصبح وضعهم محاصراً بصورة أفقدتهم الوعي في أحيان كثيرة!! بل إن هنالك من تجاوز ذلك·· وامتطى الدوائر الانتخابية سلاحاً يقذف به أولئك الذين أصبحت أطروحاتهم تشكل خطراً مباشراً عليه!! وكم يتوانى هؤلاء عن العبث بتواريخ ورموز وشواهد سجلها التاريخ الكويتي ووثقها كمحطات مهمة!!
يرى البعض أن الحماس الذي ساد معركة الدوائر·· مبالغ فيه·· وأن قضية الإصلاح في الكويت ليست رهناً بتعديل دوائر انتخابية فقط!! وبتصوري أنهم قد جافوا الحقيقة هنا·· لأن تعديل الدوائر هو المدخل الوحيد لأي إصلاح سياسي أو إداري "ولأن الوضع الراهن ذو الخمس والعشرين دائرة·· هو الوضع الذي فتح طاقة الفساد·· وهو الوضع الذي دخل من خلاله وبواسطته الكثير ممن أصبح أداؤهم ونهجهم وصمة عار في جبين الديمقراطية الكويتية!! وهو الوضع الذي يتحصن خلفه وبه الحرامية الذين أصبحوا أكثر من زبد البحر!!
لقد غاصت الكويت في الوحل·· منذ العام 1981.. حين بدأ العمل بالدوائر الخمس والعشرين·· فمن أزمة المناخ·· إلى كارثة الغزو·· ومنها إلى فوضى إعادة الإعمار·· وسرقات المال العام·· وحرامية المنشآت والمناقصات وانهيار التعليم والرياضة والفن·· وكل ماله علاقة بتنمية المواطن الكويتي!!
لا يمكن أن يكون الأمر صدفة بين تحويل الدوائر إلى خمسة وعشرين·· وبين كل تلك الانهيارات في البنية والبناء الكويتي على جميع الأصعدة والمجالات!!
فقد يكون للصدفة دور في حالة أو حالتين أو حتى ثلاث حالات·· لكن ارتباط التدهور المخيف في الكويت وعلى جميع أوجه الحياة وأنشطتها·· بالتعديل المشين في الدوائر الانتخابية والذي أفرز ما أفرز من أشباه نواب·· هو أمر يستحق الشك والتساؤل والبحث!!
لقد علّمنا علم النفس·· والتجارب أن الصراخ والتحايل·· ومصارعة الحق ووأد المنطق والمعقول·· هي أدوات ذات نفس قصير·· وقد تحقق أغراضها في مرحلة ما·· لكنها حتما لا يمكن أن تصمد طويلاً مثلما تصمد كلمة الحق·· ولا أن تسود كما يسود الحوار العقلاني المتزن!! ففي نهاية الأمر·· تبقى في الإنسان غريزة تحضه دائما على تبني الحق·· في وجه الضلال!!
suad.m@taleea.com |