في صبيحة اليوم الذي تلا نشوة الابتهاج الغامر التي اكتسحت العاصمة البريطانية إثر نجاحها باستضافة أولمبياد 2012، دهش العالم بأسره، من خلال تلقيه نبأ سلسلة عمليات إرهابية تفجيرية، طالت محطات عدة للمترو وحافلة ركاب من دورين في وسط لندن، وحتى كتابة هذا المقال، القتلى أكثر من 50 والجرحى 700! مئة من هؤلاء حالتهم حرجة جدا (نسأل الباري أن يحفهم برحمته) إن تلك العمليات الجبانة، تعتبر الأسوأ في تاريخ بريطانيا منذ انقشاع شبح الحرب العالمية الثانية، وذلك طبقا لما ذكر عبر فضائية (الـ BBC) ومما لا شك فيه أن هؤلاء الذين ارتكبوا تلك المجازر هم حفنة من الساقطين الحثالة، الذين لفظتهم مجتمعاتهم، ووجودهم من عدمه لا يزيد في مكيال البشرية قيد أنملة، فهم أموات وسط الأحياء، بيد أن من المؤسف أن شرهم المستطير في كل عملية جبانة، تنال من المدنيين العزل من الأطفال والنساء والرجال وهم الذين دائما يدفعون ثمن تلك العمليات الإرهابية منذ 11 سبتمبر وبأعداد كبيرة ومن جميع الأطياف والأعراق، أما الخسائر المادية الأخرى فهي لا تقارن بالخسائر البشرية، والتي يمكن أن يعاد بناؤها وترميمها في وقت قياسي·
إن هذه الجماعات والخلايا الإرهابية من تنظيم القاعدة، قد بدأت تمارس الرعب في أوساط الشعوب في جميع أنحاء العالم، فإلى متى سوف تستمر تلك الجماعات في طغيانها وتماديها؟ الطامة الكبرى أن هؤلاء الأوباش محسوبون على العرب والمسلمين، شئنا أم أبينا، ومن هنا لا بد أن هناك أسئلة متعددة تتبادر الى ذهنية الشعوب الغربية ولا سيما الشعب البريطاني المكلوم: هل هذا جزاء من حشد أكبر تظاهرة مليونية في وسط لندن من أجل مناهضة الحرب على العراق؟ أو هل هكذا يكافأ من جند أبناءه من أجل خلاص الشعوب المضطهدة من أنظمتها الاستبدادية؟ أو هل هكذا يثاب من أشرع أبواب وطنه ورسم البسمة على وجوه الذين ضاقت بهم السبل في أوطانهم، من جراء صعوبة الحصول على الحريات والكرامة الإنسانية ولقمة العيش؟ الجيد أن تلك الدول الغربية منذ أحداث 11 سبتمبر قد اتخذت خطوات احترازية جدية في مكافحة الإرهاب، للحيلولة من حدة آثاره على مجتمعاتهم، فمصلحة شعوبهم هي من أولوياتهم، والشاهد على ذلك سرعة التنسيق والتوحيد بين جميع الفرق الأمنية، كالشرطة الاسكتلندياردية والدفاع والإطفاء والصحة، والتي برهنت على مدى جدواها وفاعليتها في ذلك اليوم، حيث استطاعت السيطرة على زمام الأمور مما جعلها تكسب ثقة الشعب البريطاني وطمأنته، عن طريق عودة الحياة الطبيعية الى العاصمة البريطانية في وقت قياسي، وبالوسائل والأساليب العلمية المطورة لديها، أيضا استطاعت أن تصل الى بعض المعلومات، والتي من شأنها أن تحدد هوية المجرمين، هذا بالإضافة الى التعاون الجلي والتواصل بين الدول الأوروبية بشأن تبادل المعلومات· السؤال الذي أود أن أطرحه: ما الاحتياطات الأمنية الجديدة المتخذة والتدريبات المطلوبة في حال وقوع أي هجوم إرهابي في وطننا الغالي (لا سمح الله) والذي لا يتحمل مثل هذه الكوارث الإنسانية؟
ختاما كم نتمنى لو تضافرت الجهود حول العالم لمكافحة العقائد التكفيرية التي طوّقت العالم، وكذلك من يتعاطف معها أو يساندها، ولا سيما في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، التي باتت للأسف المصدر في تصنيع وتصدير الإرهاب للخارج··
freedom@taleea.com |