رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 جمادى الآخر 1426هـ - 13 يوليو 2005
العدد 1686

���� �������
لندن مدينة الضباب، معشوقة الشيب والشباب، مدينة التايمز الحالمة، أغمضت عينيها جذلانة فرحة باختيارها مدينة للأولمبياد المقبلة، فرحة ما أراد لها البرابرة أن تدوم، فتصحو المدينة الزاهية على دوي الانفجارات، لكنها ليست مفرقعات الألعاب النارية التي تطلق عادة عند الابتهاج، بل هي صولة مشؤومة للغزاة العربان من بني سلف بن قاعدة اللادني بن قحطان· سلسلة انفجارات تحمل معها رسل الموت للأبرياء من الرجال والأطفال والنساء· فعلة شنيعة وخزي وفضيحة عند الأسوياء من خلق الله الرحماء، لكنها عند التكفيريين غزوة ونصر كغزوتي أحد وبدر·
في صبيحة اليوم الذي تلا نشوة الابتهاج الغامر التي اكتسحت العاصمة البريطانية إثر نجاحها باستضافة أولمبياد 2012، دهش العالم بأسره، من خلال تلقيه نبأ سلسلة عمليات إرهابية تفجيرية، طالت محطات عدة للمترو وحافلة ركاب من دورين في وسط لندن، وحتى كتابة هذا المقال، القتلى أكثر من 50 والجرحى 700! مئة من هؤلاء حالتهم حرجة جدا (نسأل الباري أن يحفهم برحمته) إن تلك العمليات الجبانة،
الصداقة أنواع منها ما ينشأ وسط الأفراد ومنها ما ينشأ وسط الجماعات ومنها ما ينشأ حتى بين الدول، حيث تختلف ممارساتها وقوانينها من حيز الى حيز آخر لكن في نهاية المطاف الإنسان لا يستطيع أن يعيش في عزلة وإنما هو بحاجة الى صداقات يختبر بها قدراته وإمكاناته وفن التعامل مع الآخرين هذا على المستوى الشخصي،
إن اختلاف المجتمعات وطبائعها واختلاف نمط الطلائع التنويرية، ودرجة حيوية المجتمع وقابليته واستجابته لهذه المفاهيم والرؤى الى جانب ما يتلقاه المجتمع من المجتمعات الأخرى ولاسيما في عصرنا هذا الذي شهد ثورة معلوماتية واتصالية مذهلة مست الكثير من المفاهيم السياسية الكلاسيكية كمفاهيم السيادة والحقوق والحريات والدولة القومية والأمن ونحو ذلك،؟؟
كنت واقفا أمام سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح عندما ابتسم لي وقال "تعال أبي أكلمك في موضوع بيني وبينك·· "لحظتها شعرت بسعادة غامرة وقلت في نفسي لقد فتحت لي السماء أبوابها·· تحدث إلي الشيخ صباح حول بعض القضايا الساخنة التي شهدتها الساحة المحلية ولم أعلق على حديثه إذ كنت سعيدا لمواجهته والتحدث معه بكل عفوية·· وأثناء تبادلنا أطراف الحديث واستغراقي بالنشوة حدث ما لم تحمد عقباه وما كنت أتمناه·· إذ سكبت والدتي على رأسي كوبا من الماء البارد.
كنت بصدد كتابة مقال آخر في هذا العدد، إلا أن اتصالا هاتفيا جاءني من الزميل العزيز غنام الغنام الصحافي في جريدة "السياسة" يبدي فيه ملاحظاته حول بعض كتاباتي وينبهني الى قضية تمس الطلبة بشكل عام وطلبة جامعة الكويت بشكل خاص، مبديا امتعاضه حول تجاهل الكتّاب لهذه القضية خصوصا الشباب منهم والذين خاضوا تجربة الانتخابات الجامعية، وأنا لا أكتب هذا المقال مجاملة للزميل غنام بل لاقتناعي التام بوجهة نظره، هذه القضية هي دور الاتحاد الوطني لطلبة الكويت - فرع الجامعة·
تحتل الكثير من القضايا المحلية أولوية لدى المواطن بعدما وعدت الحكومة بإصلاحات تشمل كثيرا من أمور الدولة فقد انطلقت الحكومة منذ بدايتها بتسمية نفسها حكومة الإصلاح ووعدت بإنجازات كثيرة·
كانت بدايتها بإعطاء المرأة حقوقها السياسية بعد صراع مرير دام عدة ساعات في جلسة ماراثونية نالت المرأة حقها ومن بعد ذلك قضية الفواتير الكهربائية المتراكمة على المواطنين فكانت هذه القضية الشغل الشاغل للمواطنين لمدة السنوات العشر الماضية فأسقطت الحكومة بعضا من قيمة هذه الفواتير على المواطنين وهذا طبعا كان بسبب تقاعس الحكومة في تحصيلها الذي أجبرها على التنازل عن بعض المستحقات·
أغرورقت عينا صدام حسين حينما أسرَّ لأحد سجانيه الأمريكان عن افتخاره بابنيه عدي وقصي "اللذين ماتا في سبيل الوطن"· يقول السجان: لم أدر ما أقول سوى تأسف أبديته مواساة لحاله، حسب ما رواه لجريدة التايمز اللندنية (21/6)· وبدا صدام حسين في ذلك المشهد بصورة مختلفة عما كنا نشاهده بها من عنجهية وتكبر، بدا أبا عطوفا حدبا على أبنائه كالسواد الأعظم من الآباء·
حذّر الكاتب "روبن كوك" في الجارديان البريطانية يوم الجمعة الماضية من "الخلط"، الخلط بين المسلمين، وما يجري ويعلن عنه باسمهم من فظائع، وأعجبني أنه تذكر أن هذا الأسبوع شهد دفن رفات 8000 مسلم من قرية بوسنية ذبحهم ميلاديتش الصربي بدم بارد بمدفعية دباباته ورصاص جنوده، وهم عزل من أي سلاح ولا حول لهم ولا قوة، وقال إن أسامة بن لادن الذي ينصب نفسه ممثلا للإسلام ليس له من الإسلام في شيء كما ليس لميلاديتش شيء من المسيحية، فكلاهما يمثل روحا إجرامية لاهوية لها.
قضيتنا المركــزية
أصدرت مجموعة من الإسرائيليين المعادين للصهيونية المقيمين في بريطانيا دليلا خاصا بالسجون والمعتقلات ومراكز التعذيب في إسرائيل حيث عرض الحقائق بطريقة علمية تستند الى الأدلة الدامغة والشهادات الموثقة·
ويقدم الدليل وصفا دقيقا للمعتقلات والسجون ولكنه يدعو كل شخص أوروبي يريد الاطلاع عن كثب على حقيقة هذه السجون أن يذهب لإسرائيل ويخرج في مظاهرة ويندد بسياسات حكومة شارون ليجد نفسه قابعا في أحد مراكز الرعب والتعذيب هذه·
تأتي التفجيرات يوم الخميس 7 يوليو في لندن لتؤكد مرة أخرى بأن المعركة مع الإرهاب ستكون طويلة ومنهكة وعسيرة ودموية·· لكن التفجيرات الأخيرة تؤكد مسألة أخرى وهي أن المسألة لدى الجهة، أو الجهات، التي تقف وراء أعمال العنف والإرهاب ليست سياسية بقدر ما هي عقائدية ومثيرة لقضايا قيمية كثيرة بحيث تدحض هذه الأفعال مقولات الكثير من الكتاب والمحللين في الصحافة الغربية الذين يلومون سياسات بلدانهم··