رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 جمادى الآخر 1426هـ - 13 يوليو 2005
العدد 1686

إرهاب في مدينة الضباب
محمد حسن الموسويü
almossawy@hotmail.com

لندن مدينة الضباب، معشوقة الشيب والشباب، مدينة التايمز الحالمة، أغمضت عينيها جذلانة فرحة باختيارها مدينة للأولمبياد المقبلة، فرحة ما أراد لها البرابرة أن تدوم، فتصحو المدينة الزاهية على دوي الانفجارات، لكنها ليست مفرقعات الألعاب النارية التي تطلق عادة عند الابتهاج، بل هي صولة مشؤومة للغزاة العربان من بني سلف بن قاعدة اللادني بن قحطان· سلسلة انفجارات تحمل معها رسل الموت للأبرياء من الرجال والأطفال والنساء· فعلة شنيعة وخزي وفضيحة عند الأسوياء من خلق الله الرحماء، لكنها عند التكفيريين غزوة ونصر كغزوتي أحد وبدر·

إذاً هو الإرهاب في مدينة الضباب· من يقف وراء هذه الفعلة النكراء؟ بالنسبة إليّ الفاعل معروف ومشخص وقد ذكرته بالأسطر السالفة· إنهم الإرهابيون الوهابيون من أنصار القاعدة· لا أشك في ذلك قيد أنملة·

وربّ سائل يسأل ما الذي يجعلك متأكدا من أن الجناة هم إرهابيو القاعدة؟ فأجيب وبكل بساطة أن لندن مدينة العشق والحياة وهم أي الوهابيين القاعديون مدمنو القتل والتدمير والفناء يكرهون الحياة والبقاء فأني للفناء والبقاء من لقاء؟

مَنْ يتلذذ بقتل المخالفين له بالرأي والعقيدة غير أتباع القاعدة· مَنْ يستسهل إراقة دماء الأبرياء بحجة أنهم مشركون غير إرهابيي القاعدة· مَنْ ينظر الى الحياة الواسعة من خرم إبرة ويكفر هذا ويخرج من لاملة ذاك غير الإرهابيين الوهابيين·

مَنْ يتعامل مع أبناء الإنسانية الواحدة على أساس الدين والمذهب لا على أساس وحدة النوع الإنساني غير ضيقي الأفق من التكفيريين القاعدين ومعهم المتطرفين· مَنْ يريد إقامة دولة (الخلافة الإسلامية) في عاصمة أوروبا العلمانية والعالم المتحضر لندن غير المتزمتين السلفيين من وهابيين وقاعديين وأتباع حزب التحرير وحركة المهاجرين وبقية المتخلفين·

من يستلذ بحرق لندن وتدميرها بدعوى أنها عاصمة بلفور وينسي أنها عاصمة بلير الذي يصر على قيام دولة فلسطين غير القُتاديين جماعة أبو قتادة الفلسطيني والعوران أو العورانيين أتباع الأعور أبو حمزة المصري· من يتمنى لعاصمة الوئام الخراب لأنها (دار الكفر) ويحرض العاطلين عن العمل في الصلوات على كراهية (الغرب الكافر) غير التكفيريين الذين ومن عجب تأويهم لندن بعد أن تتقيأهم دولهم·

هؤلاء جميعا إرهابيون قاعديون وإن لم ينتموا الى تنظيم القاعدة إلا أنهم جميعا يحملون العقلية نفسها ويشتركون بالنهج نفسه لأن منبع أفكارهم واحد ألا وهو الوهابية السلفية التكفيرية التي تزعم أنها وحدها تملك الحق والآخرون على باطل وضلال مبين·

إن أتباع الوهابية وهي الآن مذهب فكري وسياسي بالإضافة الى كونها مذهبا فقهيا أكثر الناس تطبيقا للمبدأ الميكافيلي (الغاية تبرر الوسيلة) ولما كانت غايتهم إقامة دولة الإسلام على أنقاض دول (الشرك) ومحاربة المشركين وهم كل من انتحل دينا أو مذهبا أو رأيا غير مذهب ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب أجازوا لأنفسهم استخدام أقذر الطرق وأبشعها لتحقيق غايتهم منطلقين من فهم مغلوط لقوله تعالى (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)·

لا نذيع سرا أن اتباع هذه العقيدة المنحرفة يعتبرون الإرهاب ركنا أساسيا من عقيدتهم وقد صرح بذلك (أبو الغيث) الناطق باسم القاعدة بعيد أحداث الحادي عشر من أيلول المروعة معتبرا إرهاب (المشركين) من صميم عقيدتهم وهذا ما يفعلونه اليوم في العراق من قتل للأبرياء الشيعة بدعوى أنهم مشركون ومرتدون عن الإسلام ومتواطئون مع الكتابيين (المشركين) وما ينطبق على المسلمين الشيعة ينطبق على المسلمين الآخرين الذين لا يدينون بدين الوهابية فما بالك إذاً بغير المسلمين؟

وما بالك بالبريطانيين الذين ينظر إليهم على أنهم السبب في ضياع فلسطين والقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين وأنها السبب في تحطيم دولة الخلافة الإسلامية؟ وإذا أضفنا الى ذلك موقف لندن الأخير من حربي تحرير أفغانستان والعراق من عصابتي طالبان والبعثيين عند ذلك تصبح لندن هدفا مشروعا في نظر القاعديين وأنصارهم·

لم يشفع للمساكين اللندنيين احتجاجاتهم والمظاهرة المليونية التي نظمتها قوى اليسار ضد قرار حكومتهم المشاركة في الحرب ضد صدام ولم يمنع ذلك من استهدافهم بعمل إرهابي وهم الذين عابوا على حكومتهم استخدام القوة والعنف في حل الأزمات الدولية لكن الإرهابيين لم يثمنوا للبريطانيين موقفهم هذا فكان جزاؤهم التفجير والقتل·

كثيرة هي الطروحات التي تحاول تفسير الإرهاب الوهابي القاعدي بيد أنه يمكن حصرها بطرحين اثنين· الأول يرجع إرهاب القاعدة والوهابيين الى الأوضاع المتردية في الشرق الأوسط وتسلط الأنظمة الفاسدة على الشعوب هنالك والاحتقان السياسي الذي يسببه هذا التسلط وما ينتج عنه من قمع للحريات وبطالة وتضخم اقتصادي وترد في الوضع الاجتماعي· والثاني يرجع الإرهاب الى طبيعة الإرهاب القاعدي الوهابي ذاته الذي يرغب بالتوسع وفرض هيمنته على العالم بأسماء وعناوين وشعارات متنوعة·

من الممكن لأي مراقب أن يرصد ذلك أي رغبة الإرهاب في فرض هيمنته على الدول والمجتمعات وخصوصا في الشرق الأوسط باسم الإسلام· إلا أن الملاحظ أن الإرهاب الوهابي القاعدي في العالم يقوده اليوم فلسطينيون، فالرنتيسي وياسين كانا في فلسطين، والزرقاوي الأردني من أصل فلسطيني في العراق، وأبو قتادة الفلسطيني في بريطانيا وأبو محمد المقدسي في الأردن والقائمة تطول· هذا إذا ما عرفنا أن الفلسطينيين هم أول من سن سنة خطف الطائرات وتفجيرها واختطاف الرهائن وقتلهم أو المساومة بهم وأشخاص كأبو نضال وأبو علي وأبو العباس وفؤاد حجازي أغنياء عن التعريف في هذا المجال والأخير ترك في قلب كل عراقي لوعة حينما كان مديرا لجهاز مخابرات صدام وكذلك منظمات فلسطينية كالجبهة الشعبية والجبهة العربية لتحرير فلسطين وحماس والجهاد ومنظمات فلسطينية أخرى لها باع طويل في العمل الإرهابي·

تبدو فلسطين لدى الإرهابيين عقدة المنشار· لكن هل لقتل الشيعة في العراق صلة بتحرير فلسطين علما أن الشيعة في لبنان وإيران والعراق أكثر من ضحى لأجل فلسطين؟! وهل لقتل الأبرياء في مترو الأنفاق وفي حافلات النقل في لندن صلة بإزالة المستوطنات الإسرائيلية من غزة ورفح؟! وهل تشويه صورة الإسلام لدى الغرب من خلال القيام بمثل هذه الأعمال سيدفع العالم المتحضر للوقوف الى جنب الفلسطينيين في حقهم في إقامة دولتهم الموعودة؟!

أسئلة يحار العقل الإرهابي كيف يجيب عنها· لكن هل للإرهابيين عقول يتفكرون بها أو قلوب يتبصرون بها (أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم"؟ استبعد ذلك فمن يجرؤ على سرقة البسمة من الشفاه وقتل الطفولة في العراق ولندن ونيويورك ومدريد، قطعا عديم القلب والعقل والبصر· لكن تبقى لندن مدينة الضباب أقوى من أن يهزمها إرهاب العربان· فمدينة أنجبت شكسبير وبرناردشو وتشرشل لا يهزمها أقزام القاعدة والوهابية اللقطاء خفافيش الظلام الجبناء·

* كاتب عراقي مقيم في لندن

�����
   

أخطاء مخابراتية!!:
أحمد حسين
شبح الإرهاب يطوق العالم:
محمد بو شهري
صداقة حقيقية:
فيصل أبالخيل
تأكيدات جديدة!:
عامر ذياب التميمي
مأساة الشعب العراقي:
د. محمد حسين اليوسفي
الاتحاد الوطني لطلبة الكويت:
على محمود خاجه
سجون الرعب والإرهاب(1-2):
عبدالله عيسى الموسوي
إرهاب في مدينة الضباب:
محمد حسن الموسويü
احلم بصباح الأحمد..
فقد تُُعيَّن وزيرا:
علي باجي العنزي
مشروع الضرائب والمبدأ الديمقراطي(1-2):
علي غلوم محمد
الأحداث الأخيرة هل تكون بداية لمرحلة جديدة..؟:
راشد الرتيبان*