يجري في هذه الأيام نوع من الإرهاب الفكري والتخويف الممارس من قبل أحزاب الإخوان المسلمين والسلفيين، على المجاميع الشعبية والجماهير عموما، وعلى نواب الأمة المنتخبين خصوصا، ويتم ذلك بواسطة كتاب الزوايا والأعمدة في الصحف والمجلات وعن طريق اللقاءات الاجتماعية في الدواوين، وفي الندوات والمنتديات المختلفة، وغيرها، ويراد ويُهدف من ذلك كله تحقيق وتنفيذ إسقاط المرسوم بقانون الخاص بحقوق المرأة السياسية في الفترة المقبلة·
إن هذا الإرهاب والتخويف الفكري يتمحور حول إضفاء وإعطاء طابع وصفه القدسية الإلهية المزيفة، على فهم دين بشري قابل للصحة والخطأ هم يتبنونه ويتعلق بالمرأة·
إن الفهم الديني المستخرج من ثوابت الأمة المسلمة "القرآن والسنة"· هو شيء بشري لا يأخذ طابع القدسية كما القرآن والسنة النبوية، لذلك فإن أي دمج بين الفهم والثوابت من ناحية المكانة والقدسية شيء مرفوض وغير مقبول فرضه على الأوساط الشعبية وعلى الناس·
إن أي فرد أو تيار له الحق في تبني ما يريده ويرغبه من أفكار ومبادئ وآراء· ومن تلك الأفكار ذلك الفهم الديني الآخر المؤيد والمناصر للمرأة كإنسانة حرة كاملة ليس لأحد ادعاء الوصاية عليها، ولها كإنسانة متساوية مع الآخرين في كل الحقوق وعليها واجباتها تجاه نفسها وذاتها، ونحو مجتمعها وبلدها، ذلك الفهم الذي يتماشى ولا تعطله حركة الحياة نحو التقدم والتطور· والدين يعطي للرجل والمرأة تعريفاً واحداً أنهما من هذا الفهم حران ومتساويان سياسياً واجتماعياً··· إلخ
إن من حق أي كان أن يقول أنه يتبنى ويدعم هذا الفهم، مادام لا يتعارض ولا يتناقض مع ثوابت الدين المقدسة·· إن هذا الفهم ليس فهماً معزولاً ووحيداً· وهو ليس فهماً التقاطياً هوائياً حسب الرغبة والأمنية، بل دائماً يقول به العديد والكثير من كبار العلماء الإسلاميين المعروفين والمحترمين وذوي الوزن الثقيل في الساحة الاسلامية· وهو فكر ممارس في بلدان كثيرة، وأيضاً هو فهم للدين مكتوبا ومقروءا على مستوى النخبة· وعلى مستوى العامة، وإذا كان البعض لا يريدون ولا يرغبون بمثل هذا الفهم فهؤلاء أحرار في ذلك ولكن ليس لهم أدنى حق في الإقصاء والشمولية الفكرية الواحدة وفي ممارسة الإرهاب والتخويف الأيديولوجي باسم القدسية الإلهية المزيفة والكاذبة· |