الثقافة مصطلح واسم جميل، يتمنى الكثيرون أن ينسب إليهم الناس ويربطوهم بهذه الصفة·· إن الكثير يرغبون أن يطلق عليهم لقب المثقف·

فهل لنا أن نتناول هذا اللقب وهذه التسمية بالتحليل والمناقشة؟

إنني أقول إنه يجب علينا ذلك، إذا كنا نحن أشخاصا نؤمن بالتخطيط، وإذا  كنا من الأفراد، الذين يضعون لأنفسهم أهدافا يسعون ويجاهدون في الوصول إليها، لأن الثقافة هي أحد عناصر خلق وصناعة الحركة إلى الهدف، فالثقافة هي ما نستطيع أن نقول إنها فكر وأيديولوجية، ولكنها من نوع وشكل خاص، هي ليست كأي فكرة وأيديولوجية، هي تشترط أمرا خاصا ومهما يرتبط بوجود الأيديولوجية والفكر وهذا الأمر الخاص والمهم، هو التوافق والانسجام الفكري مع حركة الواقع والمجتمع·

إن ما نقصده بالتوافق والانسجام، هو القدرة على التغيير والاستبدال لثوابت مجتمعية، من غير إحداث حالة من الايقاف لرتم التطور إلى الأمام، نعم قد تفعل الثقافة نوعا من الصدمة والهزة ولكن صدمة وهزة من هذا النوع يجب أن يكونا باعثتين للحياة ومناديتين إلى التجدد في وسائل الوصول إلى الأهداف وإذا فعلت وأدت هذه الصدمة والهزة إلى التوقف والسكون، وفي النهاية إلى موت المجتمع وركود حركته في التطور، فإن ذلك يرفع وينفي صفة الثقافة، ويحول ما اعتقدناها ثقافة إلى أيديولوجية موصومة ومنسوب إليها الفشل والعقم والموت·

 إن أي أيديولوجية ناجحة وحية، يجب أن تكون مرتقية إلى مرتبة الثقافة، وهي عند ذلك فقط نستطيع أن نسميها ونناديها ثقافة·

وهذا الشخص الذي يرغب ويريد إلصاق إطلاق صفة المثقف على نفسه، عليه لتحقيق هذا الأمر، أن يجد الثقافة الحية الحقيقية، لكي يستطيع نشرها وتقديمها إلى أفراد مجتمعه، فعند ذلك فقط تصح وتجب عليه هذه الصفة والتسمية·

أما من يعمل على نشر ثقافة مزيفة، هابطة إلى مرتبة الأيديولوجيات الفاشلة الميتة، فإنسان من هذا النوع لا تصح تسميتهم بالمثقفين، بل إن الصفة الأصح، والتسمية الأدق هي المتحدث والذي يصح أن نقول عنه أيضا إنه متكلم خارج نطاق التغطية·