رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7-13محرم 1421هـ - 12-18أبريل2000
العدد 1422

"المرأة الشرقية بين.. لا.. و.. نعم"
عادل رضـا

إن المرأة في ظل وعند دين "نعم"، تعيش في ظل حالة من التداخل والاندماج الكبير والواسع بين الاجتماعي بالديني، بين ما يرضي المفاهيم المجتمعية والنظرة والرؤية المتوارثة للمرأة كامرأة وبين دين "نعم"·

إن هذا الامتزاج والاندماج جاء نتيجة أن بعض آليات وقواعد الفهم والاستخراج الديني المنحرفة والخاطئة تم تبنيها من قبل بعض السلط والنخب، وكانت تستخدم هذه الآليات في التبرير الديني لأفعالها وممارساتها ومواقفها أمام العامة من الناس·

ومن ناحية أخرى قامت هذه النخب والسلط بتقديم وتبرير ما يرضي ويقبله الناس ويتفق مع موروثاتهم الاجتماعية القديمة، ومن هذا الموروث الاجتماعي الأشياء والأمور التي تتعلق بموضوع المرأة ودورها في المجتمع، وهذا ما تناقلته الأجيال كفهم ديني بشري مصلحي قدم من آنذاك إلى الآن على أنه الفهم الصحيح والمقدس لموضوع المرأة وهذا ما كان دين "نعم" يورثه ويقدمه للأجيال جيلا بعد جيل·

إن من تبنى ودعم دين "نعم" استخدم آلية الفهم المنحرفة لتبرير أفعاله ومواقفه، وفي الوقت نفسه أعطى القدسية والتبرير الإلهي المزيف من خلال نفس الآلية المنحرفة لعادات اجتماعية ورغبات مجتمعية أنانية وضيقة النظر والتفكير وجامدة الذهن تتعلق وترتبط بإنسانة حرة وهي المرأة، أراد إنسان آخر استعبادها وتقييدها وهو الرجل·

فلنأخذ هنا رأي ما هو دين ل- "نعم" وما هو رأي لدين "لا" ونقارن بين الفهمين والاستخراجين في جزئية خصوصية تتعلق بالمرأة بشكل محدد لنعطي رأينا السابق مثالا يكون مع التوضيح أفضل وأوضح لما نريد إيصاله وطرحه·

 

الحجاب بين دينين

 

في فهم دين "نعم" الحجاب هو أداة لرجوع الأنثى وبقائها قدر الإمكان في دائرة المنزل وحصرها وتقييدها في محيط الأسرة، أي أن تحركاتها وتفاعلها وقدراتها تكون بيتية صرفة وخالصة، تخدم وتساهم في كل شيء يتعلق ويتضمن دائرة الأسرة والبيت، وهو ما يؤدي إلى فصل وانسلاخ يكاد يكون شبه تام للمرأة عن المجتمع وعن دورها الفطري المطلوب كإنسانة حرة ذات قدرات وإمكانات في القيام بالدورين الأسري الداخلي والمجتمعي الخارجي·

إن حجابا للحصار والانغلاق في داخل محيط ودائرة ضيقة تكون فيه هذه الإنسانة الحرة شيئا من الدرجة الثانية بعد الرجل والأسرة هو ما يقدمه ويعرضه دين "نعم"· حجاب لإبعاد الذباب عن طبق الحلوى!! حجاب للاستحقار، حجاب للنظرة الدونية البهيمية الغرائزية القحة، لإنسانة خلقها الله حرة واستعبدها الناس باسم الدين المزيف الاجتماعي المبرر للرغبات والأهواء المتوارثة منذ القدم، والمرغوب باستمرارها ووجودها من أصحاب وحملة دين "نعم"·

وفي نظر دين وفهم دين "لا" الحجاب هو تشريع وضع للافادة وليس للضرر، للإنطلاق والحرية وليس للاستعباد والقهر الاجتماعي، للحركة والتحرك وليس الوقوف·

في حالة "لا" يكون هو أداة ووسيلة عازلة للأنوثة الموجودة في المجتمع وليس لاغيا للأنوثة بطبيعة الحال، وهو عامل يجعل ويحوّل الأنثى إلى فرد متعادل في المجتمع·

فالأنثى بالحجاب ليست ذكرا أو أنثى جاذبة أمام الآخرين والناس، وليست سالبا أو موجبا وليست عاملا للطرد أو للجذب·

فهي لا تجذب أحدا ولا تطرد وتبعد أحدا عنها، فهي في حالة متعادلة بين الطرد والجذب، ولكن لماذا؟

لكي تشارك في خارج نطاق الأسرة الأصغر إلى دائرة المجتمع الأكبر لتتعلم ولتناقش وتحلل، ولتشارك الجميع فيما هو حق وضرورة للجميع، كإنسانة حرة من الدرجة الأولى عليها واجباتها ولها حقوقها الإنسانية والشرعية الضرورية والتي يجب أن تؤديها وتقدمها إلى خالقها ومجتمعها وإلى نفسها·

إن عليها أن تشارك في دائرتها ومحيطها الأكبر المتساوي بالأهمية مع محيطها ودائرتها الأصغر، وبما أن هذا التفاعل الضروري والحتمي يتم مع ذكور وإناث بطبيعة الحال والأمر الحياتي المفروض على كل من يشارك في حركة المجتمع·

هذه المشاركة المفروضة على الجميع بحكم الواقع تتطلب وتحتاج إلى وجود حالة متعادلة مؤقتة للأنثى بالخصوص من عند الخروج من المحيط الأصغر إلى الأكبر·

وعند الأنثى تعتبر هذه العزلة المؤقتة للأنوثة مطلوبة وضرورية أيضا، لأن الدين اللائي يريد لمن حولها أن ينظروا إلى روحها، إلى إنسانيتها، إليها كفرد وكإنسانة، إلى أفعالها ومواقفها وأخلاقياتها وضميرها، إلى الأساس وهو الروح وليس إلى القشرة الجسدية الخارجية الجاذبة والمستقطبة للجنس الآخر، وهذه القشرة هي عامل إحباط وتقليل من النظرة إلى الروح والأخلاق والضمير والمواقف الشخصية عند المرأة، هي إيقاف اكتشاف لماهيتها وإلى ما في داخلها·

إن إنعزال الجانب الأنثوي الجاذب بصفة مؤقتة هو دافع إلى المشاركة وليس الانعزال والانحصار في نطاق المنزل·

إن دين "لا" يقدم الحجاب كوسيلة للمشاركة الإنسانية للمرأة بقدراتها وإمكانياتها في نطاق خارج المحيط الأصغر، والحجاب هنا هو للخروج والوصول والاندماج بين المحيطين "الداخلي والخارجي" ودين "نعم" هو لقتل وذبح ولاستحقار إنسانية المرأة، وهو امتهان وكبت لقدراتها وإمكانياتها في خارج المحيط الأصغر، وهو للدخول في دائرة الأسرة والبقاء حتى الموت، وهو لقطع الرابط بين المحيطين الأسرة والمجتمع·

 

زيادة الكلام في موضوع المرأة

 

المرأة لأنها النقطة الأضعف في المجتمع يسهل الهجوم عليها، وفي الوقت نفسه يصعب الدفاع عنها، لأن هذا الدفاع يجر صاحبه ويدفعه إلى الاصطدام والتصادم مع موروث أعطي كذبا وزيفا صفة القداسة فهو مقدس عند العامة وقاعدة صلبة في اعتقادهم، وهذا كله يسبب ضغطا قويا وجبارا على كل من يريد أن يقول الحقيقة الصادقة الخاصة بالمرأة، وهذا هو قدر ونصيب أي مفكر ومثقف أراد تغيير ما هو خطأ وإعطاء وتقديم ما هو صواب، وطبعا هناك جزء كبير من المثقفين والمفكرين لا يريدون ويخافون المواجهة لمثل هذا الضغط، فما بالنا بالأفراد والناس العاديين، هذا إن اقتنعوا وقبلوا بما هو حقيقة·

إن هذه المشكلة حلها موجود في لغة المجتمع والوقود المحرك له وهو الدين، فتقديم الحقيقة على أساس ديني هو الحل والطريق لتغيير ما هو كذب وانحراف وتزييف إلى حقيقة وصحة واعتدال، إنه الأمر الإلهي الرباني الموجود في الدين هو ما يدفع الفرد إلى الاطمئنان والراحة على ما يغيره ويبدله من موروث اجتماعي مرتبط بدين "نعم"·

هناك من يقنع الجميع أنه أيضا دين، هذا هو دين "لا" الذي يجب أن نستخدمه ضد دين "نعم"·

عندما نقدم الدين ضد الدين هنا يكون الحل، لأن "لا" هي قاتلة لنعم، ولأن "نعم" بعيدة ومفترقة عن الواقع والعقل والمنطق فهي متعارضة وغير متوافقة معهم·

إن "نعم" هي الأفيون والمخدر المنوم للمرأة، هي من تجعلها جامدة ساكنة ومتقوقعة داخل المنزل ومعزولة عن الخارج·

 

دعاة نعم والمرأة

 

إن الأفيونيين الذين يدعون وينادون إلى دين "نعم" هم من حوّل ونقل الدين كل الدين إلى امرأة، نكاد لا نسمع في خطابات وفكر دعاة "نعم" الأفيونيين إلا المرأة وكل ما يتعلق بها من تصرفات وكلام وملبس وأفعال وحركات، كانت وأصبحت وقامت وفعلت!!

لا نجد من الدين إلا هي، كيف لا فليس هناك ما يخسره ويفقده هؤلاء، فحتى المرأة أصبحت مخدرة ولا تحتج ولا تعارض ما يجري لها لأنها مخدوعة قد تندفع وتتحمس لدين مزيف أفيوني·

لقد اضطهدها وحاربها دعاة "نعم" لقد أخذوا منها حتى دينها المفترض فيه أن يكون ملاذها وحصنها الوحيد الباقي المدافع عنها والحامي لها·

إنهم يقولون لها: هذا هو الدين احترمك، فعالمك هو المنزل!! لقد احترمك فجعلك رمزا للجنس والبهيمية، وقدرك فخلقك وصنعك عاهرة مثارة على الدوام ولكنك تمتنعين وأنت الراغبة، اصمتي ولا تتكلمي لأنك أنثى، أنت إمرأة، نعم تكلمي فقط عندما تطلبين وتريدين الجنس لأنه أنت الجنس، ليس لك روح، لديك واجبات ولا وجود لحقوق لك لأنه لا عقل لديك، فنحن من كنا ذكورا نفكر ونقرر ونختار بدلا منك، وكيف لا ونحن الرجال!!

وهي المسكينة قد تصدق وتقبل كل ذلك، بل هي قد تدافع عن كل ذلك بقوة وشراسة، كيف لا وهو ما يفترض أن يكون دينا!! ولكنها قد تتمرد ولكن على الدين كل الدين بالفهمين المزيف الأفيوني والحقيقي الميقظ والمنهض·

هي تثور وتتمرد على كل الدين، من تعتقد أنه حقرها واستحقرها، من حبسها وأذلها، من حرمها من الحقوق وأمرها بالواجبات، هي ترفض الإهانة والاستحقار والذل وهذا بالطبع حقها، ولكنها ضائعة فأين الطريق؟ وأين الاتجاه؟

هي تنسى وتلفظ الشرق مع ذلك الدين وما يقدمونه وما يعطونه لها من ذل ومهانة بواسطة التضليل وتتجه وتتوجه إلى الغرب، هذا العالم الآخر، ولكن إلى أي غرب هي تتوجه وتتجه؟

إن العالم الغربي فيه قسمان ونوعان من أنماط وأنواع الحياة وهما الواقع والخيال، فما حدث أنها أخذت الخيال وتركت الواقع، لأن العالم الغربي قدم لها هذا الخيال وأخفى عنها الواقع، فهو أيضا اضطهدها وحاربها فقدم لها نموذجه الخيالي الاستعماري الإمبريالي، إمرأة الاستهلاك·

هو لا يقدم لها المرأة العاملة المتفانية الواعية المكافحة، بل يعطيها ويقدم لها صورة لفتاة غلاف استهلاكية، يقول لها كوني كتلك، ألا تريدين كرامتك المفقودة، ألا ترغبين بالاحترام، كوني كتلك، انتظري وتوقفي بل انسي ولا تفكري بحريتك في السياسة والاقتصاد وفي التعليم والتربية وحريتك في اتخاذ القرار والاستقلالية عن وصاية وتحكم الآخرين، أنسي كل ذلك، خذي هذا المخدر والمنوم الجديد القديم، فتاة الغلاف كوني كتلك، لا تفكري في هذه الأشياء، هل تريدين الحضارة؟! انزعي حجابك كوني كفتاة الغلاف كوني هي لتصبحي متحضرة!! ولكي تحصلي وتجدي ما فقدته في الشرق استهلكي واستهلكي واستهلكي أدوات التجميل والأزياء وطلاء الأظافر! تجملي وتكحلي! البسي الأحذية التي نصنعها لك، امسكي بيدك الحقائب الغالية التي نصدرها لك، استهلكي كل ما نقدمه لك من بضائع وصادرات، فقط اشتري ثم استهلكي، ثم مجددا اشترى ما استهلكته سابقا ثم استهلكته مجددا ثم اشتري ما استهلكته مجددا، هكذا بدائرة لا تنتهي ولا تتوقف، تحولي إلى فتاة غلاف وإلى إمرأة تستهلك ولا تنتج شيئا ولا تعرف شيئا عن التحضر إلا الاستهلاك ولا تعلم من الكرامة والعزة والحرية إلا نزع الحجاب عن الرؤوس والأجساد·

هذه المسكينة تضيع وتتوه، فالشرق والغرب يعطيانها ويذهبان بها إلى النتيجة ذاتها، هي تائهة ضائعة ولا تعرف أين تذهب وأين اتجاهها الصحيح؟ فهي إما أن تغوص وتتشدد في الدين الشرقي المزيف والمنحرف حتى النخاع، وإما أن تتغرب وتستهلك حتى النخاع·

كم هي مسكينة؟ لا تعرف أنهم خدعوها في الشرق ونصبوا وضحكوا عليها في الغرب، فلا الشرق ولا الغرب كذلك، وإنما ما يقدمونه ويقولونه لها هو ما يخدعها ويضللها ويسير بها إلى الضياع والتيه·

 

الخروج من المتاهة

 

إن الحل وخيط النور الذي سيخرج المرأة من الضياع وفقدانها للاتجاه والطريق هو أن تعود إلى ذاتها الحقيقية وهي دينها، ولكن ليس دين "نعم" بل دين "لا" ذلك الفهم الديني الآخر الذي يلبي احتياجاتها ورغباتها في الوجود والعيش كإنسانة حرة·

إن الحل هو أن تعرف أن ألعيب ليس في الدين كدين، بل هو في فهم الدين الخطأ الذي حصل وجرى أتى وجاء، لأن "لا" تم اخفاؤها وابعادها عنها·

�����
   
�������   ������ �����
"التفكير الخالق للمعرفة"
"فلنكشف المؤامرة"
أين الألم؟!
قدسية مزيفة
الحضارة الحقيقية والمزيفة
الحقيقة والمنطق
من يريد تحطيم التمثال؟!
نهضة الشرق والذات الحقيقية
الجسر
وضع البذرة في زمن الخوف
الأيديولوجية والثقافة والمتحدث
صناعة النجاح
الخوف والمصلحة
الدين ضد الدين
الخلل الروحي.. العلاج والتساؤل الآخر
صفات القيادة
الخداع... ودور المثقف المطلوب
"المرأة الشرقية بين.. لا.. و.. نعم"
القشرة واللب... والهمس في الآذان
  Next Page

محبة أهل البيت:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
على من نطلق الرصاص؟:
د.مصطفى عباس معرفي
شكراً لكم جميعاً:
يحيى الربيعان
مواجع عربية!:
عامر ذياب التميمي
من وحي الناس
التخلف عدو الإنسان البشع:
خالد عبد العزيز السعد
ساعة الحقيقة!!:
سعاد المعجل
"الخرطي" واحد وإن تعددت أنواعه:
مطر سعيد المطر
صايدها:
أنور الرشيد
"المرأة الشرقية بين.. لا.. و.. نعم":
عادل رضـا
العراق بين يديك
استمرار نظام صدام حسين·· لمصلحة من؟!:
حميد المالكي