رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 12 يوليو 2006
العدد 1736

العقاب الجماعي
د· منى البحر

إن ما تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي في غزة ما هو إلا شكل من أشكال العقاب الجماعي غير المشروع قانونيا وإنسانيا، أن يشرع قطع الكهرباء عن 750.000 ألف إنسان؟ من الذي يشرع تشريد 20.000 مواطن فلسطيني من بيوتهم وتحويل قراهم إلى مدن للأشباح؟ ما الذي يشرع اغتصاب المجال الجوي السوري؟ ما الذي يشرع خطف نصف أعضاء الحكومة الفلسطينية المنتخبة وربع البرلمان؟ما الذي يشرع اختطاف حوالي40  مواطناً فلسطينيا من مختلف الأراضي المحتلة؟  ما الذي يشرع تدمير  البنية التحتية لدولة فقيرة، والأنابيب الموصلة للماء لاثنين من أكثر المخيمات ازدحاما، مخيم النصيرات والبريج؟ ماذا يمكن أن نسمي الدولة التي تقوم بكل هذه الممارسات اللإنسانية واللا قانونية؟ ما الذي يمكن أن يفرق بين دولة تمارس كل هذا العنف وأية منظمة إرهابية؟

هل فك أسر "جلعاد" (الجندي لإسرائيلي "المخطوف") من قبل المليشيات الفلسطينية يتطلب كل هذا التدمير؟ أوليس جلعاد هذا أسير حرب تم أسره في معركة دارت بين الطرفين، وهناك قوانين دولية واضحة فيما يتعلق بأسرى الحروب تتنافي تماما مع ما تمارسه الآن دولة الاحتلال من تشتيت وإبادة للأبرياء من أبناء غزه· هل فعلا أسر الجندي جلعاد هو السبب الأساسي لكل هذا التدمير أم هو مبرر لتحقيق وتنفيذ سياسة قديمة مرسومة منذ سنوات واستغل فيها موضوع أسر هذا الجندي حتى يُشرع في تنفيذها؟

 إن السياسة الإسرائيلية تجاه غزة مرسومة مسبقا قبل اختطاف جلعاد، وقبل قصف شاطئ بيت لاهيا في9  يونيو وقتل8  من المدنيين وجرح32  آخرين 13 منهم كانوا أطفالا، وقبل أحداث الاعتداء والقتل التي حصلت في الشهر الماضي· غزه كانت دائما تلعب دورا مختلفا في ذهن المخططين للسياسة الإسرائيلية، ففي سنة2003  لخص أيهود أولمرت (كان في حينها نائب رئيس الوزراء) خطة الانفصال بقوله "أكثرية يهودية، أقلية عربية"، وقبله صرح   إسحاق رابين في سنة 1992بجملة قال فيها "أتمنى لو غزة تغرق في البحر"، كما حذرت مجموعة من الناشطين  في حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة مما قد يحدث لغزة من دمار خاصة بعد إخلاء مستوطنة "قطيف" من سكانها اليهود، تلك المستوطنة التي تعاطف الكثير من سكان العالم مع سكانها لأنهم كانوا يعتقدون أنهم هجروا من بيوتهم رغما عنهم، وليس لأن دولتهم تريد حمايتهم من الدمار الذي تخطط له لقطاع غزة ومواطنيه من الفلسطينيين· فقد كتب أولئك الناشطون بيانا بتاريخ 25 /7/2005 وتم نشره عبر الكثير من المواقع الالكترونية للتحذير بالإبادة المخطط القيام بها للشعب الفلسطيني في غزه· يقول هؤلاء الناشطون في بيانهم" نحن نعتقد أن الدافع الأولي والأساس وراء إخلاء مستوطنة قطيف القريبة من قطاع غزة من سكانها اليهود هو إبعادهم عن الأذى الذي قد يلحق بهم نتيجة العدوان الشامل الذي تنوي الحكومة والجيش الإسرائيلي  شنه على تقريبا مليون ونصف من الفلسطينيين الذين يعيشون في القطاع، وأن هذا السيناريو شبيه بسيناريوهات قديمة استخدمت في الماضي وهي تكتيكات استخدمها أرييل شارون مرات عديدة خلال عمله العسكري وهي قائمة على توظيف الاستفزاز أو الحدث لشن هجوم شامل"· إن سياسة الاحتلال الإسرائيلي في غزة هي سياسة واحده قائمة على هدف واحد وهو الإنهاء والتخلص من المليون ونصف فلسطيني القاطنين فيها، سواء كانت وسيلة الإنهاء بعيدة أو طويلة الأمد فالهدف واحد· فعلى سبيل المثال، عندما تم البدء جديا في بناء الجدار العازل في الضفة الغربية 2002، كان تقريبا 1.25  مليون فلسطيني من غزة محاصرين كليا بالحواجز الكهربائية، وفي الوقت الذي انهار فيه اقتصاد الضفة الغربية نتيجة الحصار المفروض عليها من قبل دولة الاحتلال، كان الاقتصاد الغزاوي منهار كلية، وكان سكان غزة، بسبب الحصار المفروض عليهم، معتمدين على المساعدات الخارجية وتقاليدهم المحلية في المساعدة الذاتية من أجل البقاء، ويعيشون حالة من الفقر والعوز أدت إلى تجويع حوالي في  %22 من الأطفال حسب تقارير الأمم المتحدة· هذا التجويع لهذا العدد من الأطفال الفلسطينيين كان حاصلا قبل أن يعاقب العالم الغربي الشعب الفلسطيني على ممارسته للديمقراطية وانتخابه لحركة حماس، وقبل أن يعلن أحد مستشاري حكومة الاحتلال خطة حكومته المتلخصة في، كما جاء في الإعلان، "سوف نعود الفلسطينيين على نظام غذائي صارم (ريجيم) ولكن لن نجعلهم يموتون من الجوع"، وبالفعل في الشهر الماضي من هذه السنة أورد برنامج الغذاء العالمي أن حوالي %51 من الفلسطينيين (ما يقارب 2 مليون) غير قادرين على إشباع حاجاتهم الغذائية بدون مساعدات، وأن الوضع في قطاع غزة متفاقم· بناء عليه، لا أعتقد أن أسر الجندي جلعاد شاليت هو السبب وراء  هذا القصف والهجوم الجوي الذي تمطر به إسرائيل غزة منذ إفراغ مستوطنة قطيف في السنة الماضية· إن سياسة إسرائيل تجاه سكان غزة هي سياسة إنهاء سواء كان هذا الإنهاء عن طريق الحصار والتجويع أو ضرب البنية التحتية المتواضعة، أو بشكل مباشر عن طريق القصف والإبادة· وسياستها تجاه القيادات الفلسطينية هي أيضا واحده فأما الاغتيال أو السجن، وكل الحوادث التي حدثت خلال السنة الماضية وخلال الشهر الماضي تظهر لكل لبيب أن أسر الجندي جلعاد ليس هو السبب وراء هذا القصف والتدمير في غزة، بل الرغبة في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني الغزاوي حتى يتحقق هدف أولمرت "أكثرية يهودية، أقلية عربية"·

جامعة الإمارات

albaharm@yahoo.com

�����
   

دليل المشاهد الغبي!:
حمد حسين
رئيس المرحلة الصعبة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الاستنساخ:
المحامي نايف بدر العتيبي
دولة "الكوت":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
كلام في المونديال:
د. لطيفة النجار
مشاورات ماكنتوشية:
يوسف الكندري
بوصباح يقول!!:
على محمود خاجه
تجمعات شعبية منظمة.. دون تاريخ انتهاء:
عويشة القحطاني
تنديد عالمي للإرهاب الإسرائيلي:
عبدالله عيسى الموسوي
هل يمتزج الماء بالسياسة؟:
علي حصيّن الأحبابي*
العقاب الجماعي:
د· منى البحر
المعادلة الصعبة:
د. فاطمة البريكي
المرأة.... حركة التاريخ:
د. محمد عبدالله المطوع