رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 26 أبريل 2006
العدد 1725

التربية الأسرية والعنف
د· منى البحر

إن سلوكيات العنف التي ابتدأت تنتشر في مدارسنا وبين أطفالنا ومراهقينا تدفعنا، ليس فقط كتربويين ومتخصصين، ولكن كمجتمع، لأن ننظر للأسباب والحلول الممكنة التي من خلالها قد يتسنى لنا إيجاد حلول لهذه الإشكالية السلوكية·

إن ظاهرة العنف بين الشباب لم تنشأ من فراغ، فهي متعلقة بشكل مباشر بالعنف الموجود في المجتمع، سواء كان عنفا منزليا، وهو ذلك العنف الذي يختبره الطفل في بيئة الأسرة، أو العنف الذي تصدره المؤسسات التربوية الحديثة والمتمثلة في وسائل الإعلام والاتصال المختلفة· فالعنف، وكما أثبتت الكثير من الدراسات، ما هو إلا نتيجة مباشرة لسلوك متعلم ومكتسب، حيث إنه لا يوجد طفل عنيف أو عدواني بالفطرة· ومجتمعاتنا اليوم تزخر بالكثير من سلوكيات العنف والعدوانية، لدرجة أنها، وللأسف الشديد تكاد تمثل جزءاً من حياتنا اليومية· ولعل أبسط مثال على ذلك ما نشاهده يوميا في شوارعنا من سلوكيات عدوانية متمثلة في اغتصاب الطريق من الآخر بالقوة ومن دون احترام للقوانين وأخلاقيات السير، إلى ما نقرؤه يوميا في جرائدنا، سواء في خانة أخبارنا المحلية أو أخبار العالم عن جرائم القتل المتعددة الأسباب والظروف·

أطفالنا اليوم ما هم إلا ضحايا لمثل هذه السلوكيات العنيفة، فهم إما أن يكونوا ضحايا مباشرين لأشكال مختلفة من العنف، والذي يختبرونه في البداية في البيئة التي من المفروض أنها الأكثر أمنا بالنسبة لهم، وهي بيئتهم الأسرية، أو ضحايا تربية خاطئة تعزز لديهم السلوكيات العنيفة وتحولهم من موضوع للعنف إلى ممارسين له·

إن الرسائل الأولى التي يتلقاها الأطفال، ذكورا وإناثا، من قبل آبائهم، مهمة ومؤثرة بدرجة كبيرة في تشكيل التركيبة الشخصية والعقلية للأبناء· والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو، ماذا لو كانت هذه الرسائل الوالدية رسائل سلبية معلمة ومعززة لسلوكيات العنف؟ إن غالبية الدراسات الاجتماعية  والنفسية التي تمت حول العنف المنزلي، أكدت أن الطفل الذي يتعرض للعنف أو الذي يشاهد العنف ويختبره في حياته الأسرية، عادة ما يكون عنيفا ويمارس العنف ضد من هم أضعف منه· غير أننا، وبسبب التغيرات والتحولات الكبيرة التي طرأت على الأسرة، لا نستطيع أن نلقي باللوم فقط عليها، فهي لم تعد المؤسسة التربوية الأولى والوحيدة المعنية بتربية النشء· بل أصبحت هناك مؤسسات تربوية أخرى تشاركها بقوة في أدوارها· هذه المؤسسات الجديدة ليست بمؤسسات تقليدية، كما أنها معقدة في تركيبتها وأدوارها التي تقوم بها، وهي حاضرة في بيوتنا بشكل كبير وطاغ· أهم هذه المؤسسات التي أصبحت اليوم تشارك الأسرة في عملية التربية هي المؤسسات الإعلامية ومؤسسة الشبكة العالمية الافتراضية الخواص والسمات، لقد أصبحت هذه هي المؤسسات التي تلعب دورا حيويا في تشكيل الكثير من قيم وأفكار أبنائنا· فعلى سبيل المثال، قد يتساءل الواحد منا عن أسباب انتشار العنف بين الفتيات اليوم بعد أن كان مقصورا على الشباب؟ وقد نجد الجواب في أنه سابقا كان دور المجرم، رئيس العصابة، أو البطل الخارق المتمرس في كل فنون القتال، أو المحقق البوليسي الشجاع، محصور تقريبا بين الممثلين من الرجال، ابتداء من طرزان حتى رامبو ومن ثم شوارزنجر في التيرمينتور، وإن كان للمرأة دور قتالي فهو دور ثانوي· أما اليوم فإننا نجد المرأة تلعب دور البطولة المطلقة في مثل هذه الأفلام العنيفة، ونجدها تمارس كل أشكال فنون القتال التي كانت محصورة بين الرجال، فهي المقاتلة الشرسة، وهي زعيمة العصابة، أو عميلة السي آي أيه التي تنفذ المهام السرية الخطرة، أو المحاربة الجبارة· مثل هذه الرموز من النساء تصبح اليوم نماذج يحاول الكثير من الفتيات الاحتذاء بها وتقليدها· وهي نماذج تحل في أذهان فتياتنا محل الرموز الواقعية الموجودة في حياة كل فتاة ( الأم أو المدرسة كمثال)، خاصة في حال بهتان حضور مثل هذه الشخصيات الواقعية في حياة الفتاة وعجزها عن أن تكون نموذجا جاذبا وقويا·

لقد أصبحت أجهزة الحاسوب وخطوط الإنترنت متوافرة تقريبا في كل بيت، وتوفر للفتى والفتاة على حد سواء فرص الاستخدام والغوص في دهاليز هذا العالم الافتراضي، بكل ما فيه من إيجابيات ومن سلبيات· فأصبح عالم الشبكة يشكل جزءاً أساسياً في حياة أبنائنا، كما أصبح يشكل لهم  ما يسمى بالمواطنة الكونية، والتي يتفاعل من خلالها الشاب والفتاة مع جميع المجالات الحياتية المختلفة، ومع أناس "كونيين" من جميع أقطار العالم، يؤثرون ويتأثرون بهذه التفاعلات·هذه المواطنة الكونية تعمل على تنميط الأذواق والتفضيلات والتوجهات وتصبح هي المرجعية الأولى في حياة الشباب، وهي بالتالي تلغي المرجعية التقليدية في حياتهم، والمتمثلة في الوالدين· ويصبحون بذلك، إن صح التعبير، أبناء "الدوت- كوم"· فعلى سبيل المثال، يقضي اليوم كثير من الفتيات والفتيان ساعات طويلة على جهاز الحاسوب وهم يخوضون في هذا الواقع الافتراضي، والذي هو واقع غير خال من القيم، بل على العكس، محمل بكثير من القيم، والتي قد تختلف بشدة مع قيم الواقع المعاش· إن الوقت الذي يقضيه هؤلاء الشباب في الخوض في غمار هذا العالم كفيل بغرس الكثير من تلك القيم،  وبخاصة تلك المبنية على تشجيع العنف وتمجيده، والتي تنعكس في الغالب سلبا على نفوس هؤلاء الشباب وتسهل عملية تقمص أدوارها فيما بينهم· إن  الوقت الطويل الذي يقضيه الشباب في تقمص هذه الأدوار الافتراضية كفيل بخلق حالة من التوحد الوجداني بين الواقعي والافتراضي، بحيث يختلط في ذهن الشباب العالم الواقعي بالعالم الافتراضي ويصعب عليهما الفصل بينهما وجدانيا· مما يؤدي في نهاية الأمر إلى خلق الكثير من الإشكاليات السلوكية والنفسية، خاصة إذا كان هذا الواقع الافتراضي الذي يتواصل معه الشباب واقعاً مشجعاً ومغذياً للعنف·

جامعة الامارت

�����
   

الفهد وليس شرار :
عبداللطيف الدعيج
بنات الرياض ودعاء "الحش" "1":
سليمان صالح الفهد
نظرية في الدوائر!!:
سعاد المعجل
التمثيل النسبي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
العلم والخرافة السياسية!!:
د. محمد عبدالله المطوع
خمسة وبس:
المحامي نايف بدر العتيبي
تصريح مليء "بالمغالطات":
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
لابد من العلمنة وإن طال السفر:
د. محمد حسين اليوسفي
منع الإدانة "إرهاب":
عبدالله عيسى الموسوي
"أشياء تنرفز":
على محمود خاجه
الغزو من الداخل:
د. فاطمة البريكي
شعوبية جديدة:
د. لطيفة النجار
بالضبط سيادة النائب ما مشكلتك؟؟:
د.ابتهال عبدالعزيز أحمد
التربية الأسرية والعنف:
د· منى البحر