رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 6 يونيو 2006
العدد 1731

أطفال العراق... ضحايا الديمقراطية
د· منى البحر

إذا كان أحد المقاييس المهمة لتحضر الأمم، كما يقول أحد المفكرين الغربيين، هو ذلك المعني بقياس ما تقدمه الدول من اهتمام أو برامج لرعاية الأطفال ورفاهيتهم وحفظ حقوقهم، فإن الواحد منا يستطيع القول، من دون أدنى شك، أننا لم نعد نعيش في مجتمعات متحضرة· فما نقرؤه اليوم في تقارير الأمم المتحدة ومنظماتها، وما يكتبه بعض الصحافيين الشرفاء الذين يضحون بحياتهم من أجل إيصال الحقيقة للعالم، أو من خلال مانجده على بعض المواقع الإلكترونية، عن معاناة الأطفال في كل من دارفور أو أفغانستان أو العراق أو غيرها، من الأمم المنكوبة بكذبة الديمقراطية "البوشية" أوبكذبة مكافحة الإرهاب، يعكس لنا مدى وحشية ودمامة وقساوة العالم الذي نعيش فيه· ففي تقرير اليونسيف الذي صدر في الثاني من مايو من هذه السنة إحصاءات وحقائق عن أوضاع أطفال العراق محزنة، ومقلقة في الوقت نفسه· حيث يؤكد التقرير أن واحدا من كل ثلاثة أطفال عراقيين يعاني من سوء تغذية ونقصان شديد في الوزن· وأن %25  من أطفال العراق الذين تتراوح أعمارهم بين الستة أشهر وحتى الخمس سنوات، يعانون من سوء تغذية حاد أو مزمن، هذا على الرغم من أن التقرير الصادر من شبكة المعلومات المحلية الموحدةIRIN) ) أكد من خلال نتائج استبيان قياس الأوضاع الحياتية للشعب العراقي أن نسبة الوفيات بين الأطفال العراقيين الأقل من خمس سنوات قلت بشكل كبير منذ بداية سنة 1999، إلا أن نتائج استبيان حديث، قامت به المؤسسة العراقية المركزية للإحصاء وتقنية المعلومات، بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي واليونيسف حول الموضوع، أكدت أن هذه النتائج تغيرت تماما وأصبح العراق يحتل المراتب الأولى في نسبة الوفيات من الأطفال تحت الخمس سنوات منذ بداية الغزو الأمريكي في أبريل من عام 2003·

المتحدث الرسمي لليونيسف بالأردن، ديفيد سينجه، أبلغ رويترز أن عدد الأطفال العراقيين الذين يعانون من ضعف التغذية يتضاعف· فمن 4%  في السنة الأخيرة من حكم صدام، وصل عدد هؤلاء الأطفال الى 9% في 2005، وبأنهم يتوقعون زيادة وتضاعفا في هذا العدد إذا استمرت العراق على هذه الحالة من الفوضى· من ناحية أخرى، علق ممثل اليونيسف الخاص بالعراق، روجر رايت، على هذه الأوضاع قائلا "إن مثل هذه الأوضاع قد تؤثر بشكل لا يمكن إصلاحه، ليس فقط على النمو الجسدي للطفل العراقي ولكن أيضا على نموه العقلي والمعرفي·

استبيان آخر تم الانتهاء منه مؤخرا في 2006-05-15، أفادنا بمعلومات جديدة ونتائج تؤكد أن الشعب العراقي يعاني من صعوبات تكيف شديدة منذ سقوط صدام ودخول جيوش الاحتلال· ويضيف التقرير، أن الأطفال هم الضحايا الرئيسيين لكل هذه الأوضاع، فهم الأكثر معاناة بسبب شح الغذاء والأمراض والخوف من الاعتداءات المباشرة على أجسادهم· ويصف التقرير وضع الإنسان العراقي، وبشكل خاص الأطفال، بأنه خطر ومقلق، ويضيف أن أربعة ملايين عراقي، تقريبا، أو ما يمثلون 15% من نسبة السكان، في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية وخاصة الغذاء، وأن أكثر من 11% من الشعب العراقي تأثر بشدة بسبب سنوات الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضا على بلدهم، ثم أتى الاحتلال وقضى على ما تبقى لديهم من أمل لتحسين ظروف حياتهم·

في العراق اليوم تشكل مكبات النفايات مسكنا آخر للأطفال العراقيين· ففي مدينة السليمانية في شمال العراق يذهب الأطفال كل صباح قبل المدرسة مع ذويهم الى مكبات النفايات من أجل البحث عن أي شيء قد يفيدهم مثل الأحذية القديمة أو الملابس، التي قد تقي أجسادهم النحيفة، أو التي يمكن أن ترقع ويعاد بيعها، من أجل إشباع حاجات أساسية أخرى للأسرة· وهناك من الأطفال من يعيشون مع ذويهم في مكب النفاية المركزي في العاصمة بغداد، كما يقول أحد المراسلين الذي رأى هذا الوضع اللاإنساني بأم عينه·

لا يعاني الأطفال في العراق في ظل الاحتلال من سوء التغذية والفقر فقط، بل يعانون أيضا من الحجز والحبس في أسوأ سجون العالم سمعة، سجن أبوغريب· جميع العراقيين يعرفون ويدركون أن هناك أطفالا سجناء في أبوغريب منذ بداية الاحتلال، وليس فقط في الآونة الأخيرة· فحسب ماتذكر "الصاندي هيرالد الأسكوتلندية" (أغسطس (2004 أن قوات التحالف تعتقل حوالى مائة طفل عراقي في أبوغريب، البعض منهم في سن العاشره· وكما يقول بعض الشهود، أن جميعهم تعرضوا للتعذيب والاغتصاب· أحد تقارير اليونيسف الداخلية التى لم تنشر (يونيو، 2004)، أكدت على أن هناك اعتقالات كثيرة للأطفال العراقيين من قبل قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية على حد سواء· ويذكر التقرير أن الأطفال العراقيين في النجف والبصرة يعتقلون ويرحلون إلى معتقل في ميناء أم قصر، وأن تصنيف هؤلاء الأطفال كمعتقلين مسألة خطيرة ومقلقة، لأنه يعني احتجازا غير محدد الزمن وممنوعا فيه التواصل مع الأهل·

هذا الذبح والتعذيب والحبس والاعتداء الجنسي والتجويع، الذي يمارسه الجنود الأمريكيون وتطبقه السياسة الأمريكية الخارجية على الأطفال العراقيين ليس بشيء جديد· وإذا كانت إدارة بوش اليوم تمارسه بفجاجة ووقاحة غير عادية، فإدارة كلنتون لم تكن أكثر رحمة وإنسانية على الطفل العراقي، فعندما سألت مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية في عهد كلينتون، في البرنامج الشهير "ستون دقيقة"، عن تأثير الحصار الاقتصادي الأمريكي على العراق، أجابت قائله: "سمعنا أن الحصار أودى بحياة نصف مليون طفل عراقي، وهذا يفوق عدد الأطفال الذين ماتوا في هيروشيما· وتضيف: أعتقد أن هذا خيار صعب، ولكن ما سنجنيه يستحق ذلك!!" وهذه هي السياسة الأمريكية عبر التاريخ، عدد الضحايا لايهم، المهم أن تصل الحكومة الأمريكية لأهدافها، والشيء الذي يدفع بنا للتعجب هو أن هناك من يروج لهذه السياسة وكأنها تمثل خلاص العالم من القهر والقمع والفقر، متجاهلين كمية الدم، دم الأطفال تحديدا، التي تلوث أيدي حاملي لواء هذه السياسة· فهل هذا جهل أم تواطؤ ؟

جامعة الامارات

albaharm@yahoo.com

�����
   

يصير خير!:
سليمان صالح الفهد
فرز سياسي!!:
سعاد المعجل
نمور وصقور وأسود؟!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
من أجل حفنة دنانير يبيعون الوطن!!:
محمد بو شهري
صوت المرأة.. للرجل!:
المحامي نايف بدر العتيبي
أطفال العراق... ضحايا الديمقراطية :
د· منى البحر
حملة انتخابية قوية:
د. محمد حسين اليوسفي
تعقيب على جنازة ديمقراطية :
عويشة القحطاني
محطات من الصراع:
عبدالله عيسى الموسوي
مناهج الكراهية:
د. لطيفة النجار
خطة التنمية للمرحلة الثانية :
د. محمد عبدالله المطوع
مرشح خدمات:
يوسف الكندري
حديث اللحى:
على محمود خاجه