لا يختلف اثنان على أن التعليم في بلدنا تتقاذفه الأهواء والأمزجة وقد مر بأحداث ومراحل جعلت السياسيين يتحكمون بمسار السياسة التعليمية من الألف إلى الياء وقد سمحت الحكومة كثيرا لهؤلاء السياسيين من المتأسلمين بأن يتحكموا بدءاً من اختيار المسؤول الأول عن التعليم وانتهاء بالمناهج وطرق التدريس··· وفي تقديري أن التعليم لدينا يمر بأزمة ضمير··· بمعنى أن كل الأطراف المسؤولة عن إصلاح التعليم ليس لديها أدنى ضمير في عملية الإصلاح والبناء، وفي تقديري أيضا بأنه لا يوجد إصلاح حقيقي سياسي كان أو اقتصادي بدون إصلاح تعليمي· وإذا كنا نقول إن تعديل الدوائر هو المدخل الرئيسي للإصلاح فإن إصلاح التعليم هو إصلاح للبلد بأكمله بقضاياه ومؤسساته· فمتى ما صلح التعليم فثقوا يا إخوة بأن كل شيء سيهون··· أعود إلى التعليم وأزمة الضمير لأقول إن الحكومة تعاني كثيرا وتتخبط طويلا وتدور في حلقة مفرغة حول نفسها ودليلي على ذلك يا سادة يا كرام ما حصل إبان أو في بداية توزير الدكتور عادل الطبطبائي فعندما تسلم الدكتور دفة الوزارة أول ما فعله وبدعم من رئيس الوزراء هو إقالة الوكيلة الفاضلة نورية الصبيح وكأن إصلاح التعليم يبدأ من إقالة الوكلاء هذا على الرغم من كل القدرات والخبرات والطاقات التي تتمتع بها السيدة الصبيح إلا أن الوزير السابق أبى إلا أن يقيل الوكيلة وبأسلوب انتقاصي وتهديدي وإرهابي دون أي اعتبار لتلك السنين التي قضتها في أروقة الوزارة بل الأدهى والأمر وبدعم من رئيس الوزراء أيضا جاء الوزير السابق بشلته الخاصة إلى الوزارة ليحتلوها وقد فعلوا - كما احتل العراق الكويت بين ليلة وضحاها - كل ذلك يا إخوة كان في وضح النهار وعلى مسمع ومرأى من وزراء الحكومة ونواب مجلس الأمة وأهل الكويت عموما دون أن يحرك أحد ساكنا··· المفارقة العجيبة أن تلك الوكيلة والتي بإقالتها سينصلح حال التعليم؟! تعود وبعد فترة ليست ببعيدة على رأس الهرم وزيرة للتربية والتعليم··· فكيف كانت بالأمس تعطل التعليم وكيف أضحت اليوم المنقذة والمصلحة للتعليم··· هذا السؤال لا يستطيع أي أحد أن يجيب عليه إلا سمو رئيس الحكومة·
مجلس الأمة الذي يشرع ويراقب هو الآخر يعاني من أزمة ضمير، فإلى حد علمي لا يوجد أي عضو أو كتلة برلمانية لديهم أي مشروع أو دراسة أو حتى رغبة لإصلاح التعليم اللهم إلا محاولات خجولة هنا وهناك من النائب الفاضل عادل الصرعاوي ومن الواضح بجلاء أن اللجنة التعليمية تغط بسبات عميق ولا توجد لديهم أي رغبة حقيقية صادقة ولا يوجد لدينا أي أمل يلوح بالأفق في مجلسنا العتيد لعلاج هذا المرض المزمن فمجلس كمجلس أمتنا يهيم غالبية أعضائه بإسقاط القروض وزيادة الرواتب ويعتبر ذلك من ضمن أولوياته وأهدافه وتعتبر تلك المشاريع مقدمة على غيرها وتأخذ صفة العاجل من الأمور ماذا يمكن أن نترجى أو نتأمل منه؟! هل من رشيد··· ألا يوجد رجل رشيد أو رجال راشدون بالحكومة والمجلس لإصلاح ما تعانيه المؤسسة التعليمية من فساد ودمار وخراب فلايزال هناك بين ظهرانينا من يريد إرجاع التعليم إلى أيام "المطاوعة" و"الكتاتيب"· ونحن في زمن الألفية الثالثة· |