قبل عامين تقريبا وفي عهد الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله تم منح الكويتيين كافة مبلغاً، قدره مائتا دينار لكل شخص بكلفة بلغت نحو 200 مليون دينار كويتي، وقد هلل البعض أنذاك لحصولهم على تلك المنحة، وقبل أيام قليلة أصدر مجلس الوزراء مرسوما بمنح كل كويتي مائتي دينار مجددا، بكلفة إجمالية تبلغ 200 مليون دينار أيضا، ومجددا هلل البعض لهذ المنحة·
ولننظر بنظرة مجردة من الجشع الاستهلاكي لهذه المنحة، ونتساءل، هل ستغير هاتان المئتان شكل حياة الفرد الكويتي أو تساهم في إنقاذه من مشاكل مالية خطيرة؟
أنا أعلم يقينا بأن الكثير من الكويتيين سيصرفون هذا المبلغ إما لشراء هاتف جديد أو دفع قسط متأخر أو زيادته على مصروفات السفر وغيرها من أنواع للصرف للظفر بقشور وإكسسوارات حياتية لا تشكل فرقا حيويا ومهما في استمرارية الحياة المعيشية، كما أعلم أيضا أن هناك فئة قليلة بل وقليلة جدا من الكويتيين هم بحاجة ماسة وملحة لهاتين المئتين لاستمرار حياتهم المعيشية كشراء قوت يومهم أو تجهيزهم للمصروفات الدراسية لأبنائهم، وهذه الفئة القليلة لا أعتقد بأنها بحاجة للمنحة فقط بقدر ما هي بحاجة إلى إهتمام من وزارة الشؤون وبيت الزكاة وجميع الجهات المعنية في مساعدة المحتاجين من أبناء هذا البلد·
ولكي لا أسهب في الحديث عن هذه المنحة والفرق الذي ستشكله على الأفراد لأن هذا الحديث قد لا يعجب الكثيرين ممن هللوا لهذه المنحة، فسأعرض مايمكن أن تقدمه الكلفة الإجمالية لهذه المنحة وهي200 مليون دينار في قطاعات مختلفة بالدولة·
200 مليون دينار للإسكان: من الممكن أن توفر وحدات سكنية لـ800 أسرة كويتية كلفة الوحدة السكنية الواحدة 250 ألف دينار كويتي، وهو ما يعني توفير مسكن لـ 1600 كويتي وكويتية على أقل تقدير وإراحتهم من الإيجارات الشهرية التي يدفعونها للشقق بمعدل250 ديناراً شهريا·
200 مليون دينار للتوظيف: ممكن أن توفر راتبا وقدره 750 ديناراً كويتياً شهريا لـ 13.333 موظف وموظفة من الكويتيين ولمدة 20 شهرا، وإذا ما أنتج هؤلاء الموظفون بتفان وإخلاص في وظائفهم فإنهم حتما سينتجون ضعف المبلغ خلال العشرين شهرا هذه·
200 مليون للصحة: من الممكن أن توفر مستشفيين عملاقين كلفة كل واحد منهما 100 مليون دينار وتخفف بالتالي الأعباء على مستشفياتنا المتهالكة وتقدم الخدمات الصحية المتميزة لأكبر قدر ممكن من أبناء الشعب·
200 مليون دينار للتعليم: من الممكن أن توفر 500.000 جهاز كمبيوتر كلفة كل جهاز 400 دينار كويتي لتوزع على كافة مدارس الكويت، وهذا ما يعني أن يكون هناك جهاز كمبيوتر لكل طالب وطالبة·
200 مليون للرياضة: تشيد أفضل مدينة رياضية بالشرق الأوسط بكافة احتياجاتها من منشآت ومرافق تسهم في ارتقاء رياضتنا المتهالكة·
200 مليون للطاقة: تمكننا من إنشاء محطة متكاملة لتقطير المياه بكلفة 100 مليون وأخرى للكهرباء بنفس الكلفة، ونرتاح من هم الإنقطاعات·
200 مليون للإعلام: تشيد لنا مدينة إعلامية متكاملة على أرقى وأحدث النظم لتعيد للكويت مجدها الإعلامي الضائع·
200 مليون للمواصلات: تشيد لنا مطارا ضخما قادرا على أن يعطي للكويت مركزا اقتصاديا وتجاريا مهما في المنطقة·
كم كنت أتمنى أن تفكر الحكومة وأن يفكر المجلس بهذا الأسلوب وهذه الرؤية، بدلا من ضياع هذه الـ 200 مليون هباء منثورا، لكن لا حيا ة لمن تنادي فالحكومة لا تملك بعد النظر، والنواب خائفون من الوقوف بوجه هذه المنحة فيخسرون مقاعدهم·
ملاحظة: لو أن المنحة السابقة والمنحة الحالية جمعتا لتصبحا400 مليون دينار فإن هذا يعني ضعف ما ذكرته بالأسطر السابقة·
a_m_khajah@hotmail.com |