· تحدّث الناس لفترة ليست بالقصيرة عن التغيير المرتقب والإصلاح المنشود، ثم لم يلبثوا أن صمتوا بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة؟
- صمتهم هذا أشبه بذلك الصمت الذي يعقب المفاجأة، و هذا معناه أنهم فوجئوا بالتشكيل الوزاري الجديد، ومن يرتقب شيئا ثم يحصل على شيء آخر لا يملك إلا أن يفتح ثغره متعجبا! لكن على كل شخص وقع ضحية هذه المفاجأة أن يطرح على نفسه السؤال التالي: ما هي طريقة التفكير التي ورّطتني في الوقوع في هذه المفاجأة؟ هذا سؤال جوابه بحاجة إلى ذاكرة و صدق مع النفس!
· وكيف تصف طريقة التفكير هذه التي أدّت إلى تفاجؤ البعض بالتشكيل الوزاري الجديد؟
- الأوصاف كثيرة، منها السذاجة، فطريقة التفكير هذه تربط بين تغيّر الأشخاص بعملية في غاية التعقيد كالتغيّر الاجتماعي مثلا! هناك آية قرآنية جميلة تتضمن معنى عميقا: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم"! التغيّر الحقيقي يأتي من الداخل، ليس من الأعلى!
- لكن كيف يحدث هذا التغيّر بالضبط؟ وهل هناك من أمثلة؟
- هناك عملية اتصال بين الوعي والأشياء من حولنا، والذي يربط بين الاثنين هو "المعنى" الذي نضفيه على هذه الأشياء من حولنا· يقول عالم الفيزياء الشهير Bohm:" لا يمكن حدوث تغّير اجتماعي حقيقي إلا من خلال تغيّر عميق في المعنى"! سأعطيك مثالا من واقعنا، فأنت تعلم أن ما تسمى بعملية "الصحوة الدينية" لم تكن عملية مجانية، فقد تضمّنت تضحيات كبيرة وعمل دؤوب يستحق الإعجاب وإن اختلفنا معه، ولم يكن تحالفهم مع السلطة السياسية إلا بعد أن فرضوا أنفسهم اجتماعيا! نجاحهم هذا ارتبط بقدرتهم على التأثير في وعي عامة الناس و نظرتهم إلى الأشياء من حولهم، أي أنهم استطاعوا أن يضفوا على الحياة معنى جديدا! في الماضي، لم يكن من الضروري ارتباط حياتك بالدين كي تكون شخصا سعيدا وصالحا، لكن في وقتنا الحالي، إذا خلت حياتك من مظاهر الدين فلست سوى مارق وشاذ أيضا! بل إن الأمر لم يعد مقتصرا على الأفراد فقط، فاليوم بإمكانك أن تدخل على أي موقع حكومي أو بنك وطني في الإنترنت، وسوف تجد الجميع يقدّم خدمة "مواعيد الصلاة"! لا اعتراض لدي على مواعيد الصلاة، وإنما أسوق هذه الحقيقة كمثال على التغيّر في معنى الأشياء من حولنا!
· هل تعتقد أن هناك تناسبا طرديا بين مقدار الإصلاح المنشود والمسافة التي تفصل هذا الإصلاح عن الدين؟ بمعنى آخر، هل الاصلاح المنشود اليوم يتضمّن شرط السير في الاتجاة المضاد للصحوة الإسلامية؟
- عندما يجرفك التيار وتوشك على الغرق، فمن الحماقة أن تحاول العوم عكس التيار! إذا أردت النجاة من الغرق فإن أول شيء تفكر فيه هو الوصول إلى ضفة آمنة!
- و ماذا عن الأغلبية التي مازال التيار يجرفها بعنف؟
- الأجسام الخفيفة تطفو دائما على السطح!
يتبع،،،
fahad@taleea.com |