رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 10 يناير 2007
العدد 1757

أزمة العقل العربي تتجلى في ردود الفعل لإعدام الطاغية

كتب محرر الشؤون المحلية:

إعدام الطاغية صدام أثار زوبعة شملت العراق وامتدت الى العديد من البلاد العربية وتمددت لتكتسب بعدا دوليا في العالم، خارج الدول العربية كانت الاعتراضات على التوقيت وعلى بث طريقة الإعدام ومارافقها من تصرفات فرقة الإعدام الى جانب اعتراض البعض كالاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على مبدأ تطبيق عقوبة الإعدام وهذه المواقف قابلة للنقاش والأخذ والرد·

أما في العراق وفي بعض البلاد العربية فقد تحول الاعتراض أو الامتعاض من طريقة الإعدام الى توظيفها كمبرر جديد وسلاح إضافي لتعميق الصراع الطائفي وزيادة اشتعاله وتحويل المجرم الطاغية صدام الى ضحية وأن اغتياله "هكذا·· اغتياله" ما هو إلا لدوافع انتقام "المتطرفين الشيعة" (الطبقة الشيعية الحاكمة) من الطائفة السنية ليس في العراق بل في البلاد العربية والإسلامية وصولا الى اعتبار الطاغية صدام بطلاً قوميا وإسلاميا ضحية المؤامرة الطائفية، مما استوجب إقامة مجالس العزاء وتسيير المظاهرات والمسيرات·

هذا الذي حدث في البلاد العربية من ردود الفعل تجاه حدث الإعدام أمر يدعو الى الحزن الشديد والأسف العميق ذلك لأنها تعكس أزمة العقلية العربية وترديها الى ما دون خط التخلف البائس قد نتفهم الاعتراض على التوقيت أو ما رافق عملية تنفيذ الإعدام أو حتى المحاكمة ومدى حياديتها، ولكن كيف يمكن أن نفهم محاولة استغلال الحدث لتبييض صفحة صدام وتنظيفها من كل الجرائم التي ارتكبها ضد الإنسانية ومنحه ترقية الى مرتبة البطل الشهيد إلا أنها تعكس مدى الانحطاط الذي وصل اليه الفكر العربي لدى البعض·

إذا كان هذا الموقف نتيجة جهل فهو مصيبة، والمصيبة تكون أعظم إذا كان ذلك نتيجة تجاهل وتعامي عن ما اقترفه صدام من جرائم بحق الشعب العراقي وشعوب الجوار إيران والكويت وطالت الأمة العربية وقضاياها·

35 عاما حكم فيها العراق وحوله الى جمهورية الرعب، مارس فيها أفظع وأشنع الجرائم، قتل مئات الآلاف وفجر حربا امتدت ثماني سنوات مع إيران طحنت أرواح الملايين وغزا الكويت وشرد شعبها وقتل أبناءها ودمر ثروتها·

35 عاماً حبس فيه العراق وطموح التنمية والتقدم وأعاده الى العصور الحجرية وامتد شر تعطيله التنمية الى المنطقة العربية·

ماذا عمل صدام لقضايا الأمة العربية، فقد كان حريصاً على علاقته بالأمريكان لدرجة أن المخدوعين به والمناصرين له يدعون بأنهم - الأمريكان - هم الذين أغروه أو دفعوه لغزو الكويت ومن قبلها شن الحرب على إيران ووفروا له المعلومات اللوجستية - وصوره معه رامسفيلد أصبحت معلومات عامة·

وعندما غزا الكويت كان مستعدا لمقايضة بيع النفط بأي سعر يرضي الأمريكان وحلفاءهم مقابل سكوتهم عن احتلاله للكويت، أما قضية فلسطين فكل ما عمله طيلة الـ 35 سنة من حكمه هو محاولة تمزيق الصف الوطني الفلسطيني بخلق ودعم ما كان يسمى بجبهة التحرير العربية واجتذاب محازبين له وتحويلهم الى عملاء النظام باستخدام المال·

أما الصواريخ التي أطلقها على إسرائيل إبان حرب تحرير الكويت ودفعت البعض الى رفع شعارات "يا صدام يا حبيب اضرب اضرب تل أبيب" فهي تعكس مدى سذاجة العقل العربي، فصواريخ صدام لم تستهدف تحرير فلسطين ولا تدمير إسرائيل إنما فقط لجرها لدخول الحرب وخلط الأوراق لكي تصبح حرب تحرير الكويت حرباً بين العرب وإسرائيل وحليفتها أمريكا·

في ربع القرن الماضي ساد الاعتقاد بأن العقل العربي بعد مراجعة أحداث عقود النصف الثاني من القرن العشرين قد توصل الى رفض نمط الحكم الشمولي الاستبدادي وانتشرت القناعة بأن الطريق الى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والاستقلال الوطني هو طريق الديمقراطية وإطلاق الحريات واحترام حقوق الإنسان العربي والوصول الى أنظمة سياسية تعددية يسود فيها حكم القانون وتداول السلطة، وشجب وإدانة الأنظمة العربية الاستبدادية التي حولت الدول وشعوبها الى شركة يورثها الرؤساء لأبنائهم·

فكيف يمكن بعد ذلك كله اعتبار الجلاد صدام الذي حول العراق الى ضيعة عائلية له ولإخوانه ولأبنائه من بعده بطلا وشهيداً؟ ثم كيف يسوغ أنصار صدام لأنفسهم تجاهل معاناة ضحاياه في العراق وفي الكويت وإيران؟ وكيف يسوغون لأنفسهم ارتكاب جريمة زرع العداء بين شعوب الدول الضحايا وعلى الأخص الشعب العراقي والشعوب العربية التي ينتمون إليها، ولمصلحة من هذه النوستالجيا بعد أن أعدم صدام وزال شره من على وجه الأرض، ألهذه الدرجة بلغ بؤس العقل العربي، إنه فعلا أمر محزن ذلك لأن من شروط تجاوز أزمة الواقع العربي بما فيه التخلص من سطوة الأنظمة الاستبدادية الشمولية وتسلطها مرهون بتطهير الفكر العربي من الأدران والشوائب كي تتضح الرؤية الصائبة لاستشراف معالم المستقبل·

إلا أن المؤسف أننا كلما اعتقدنا بأننا وضعنا أقدامنا على أعتاب هذه المرحلة استجدت أحداث كالموقف من الكوارث التي تسبب فيها صدام وما يحدث اليوم في العراق وفلسطين ولبنان وليبيا والسودان، يذكرنا بأن جذور الأزمة هي أزمة العقل العربي وفكر العديد من الجماعات والقوى السياسية العربية مما يمدد شهادة تأمين حياة الأنظمة التسلطية·

طباعة  

ملفات وطنية لا تزال مفتوحة وتشريعات بانتظار التغيير وفساد متربص بالإصلاح
عام جديد بأجندة قديمة.. وأمل متجدد

 
داعيا الى تعاون السلطتين والقوى السياسية
"التحالف": لنتذكر شهداءنا وضحايا الطاغية

 
محاربة العالم بسببه عبث سياسي غير مبرر
كويتياً.. صدام انتهى بسقوط نظامه

 
شكوك في إمكانية تشغيل التوربينات في مايو القادم
"الطاقة" بصدد توقيع صفقة "الضرورة" مع شركات وسيطة

 
قوى الإسلام السياسي تضخم الأمر لغاية في نفس يعقوب
طلبة الطب: يستحيل تطبيق القانون بحذافيره

 
في دفاعها عن اتهامات الطلبة للمستشار الثقافي بالانحياز لإحدى القوائم
رشا الصباح تستخدم لغة طائفية

 
ماذا وراء تكرار تأجيل إزالة مخالفات أملاك الدولة؟
 
مسؤولو الحكومة يتصرفون وكأنهم في دول تسلطية
إن كتبت الصحافة.. همهم كشف "المصدر"!!

 
أمين سر شارون في كتاب جديد:
شارون اغتال عرفات بموافقة أمريكية

 
"الكويتية" ترد على "الطليعة"
 
الجـــيران
 
فئات خاصة