كتب محرر الشؤون الدولية:
لا يذكر "أوغستو بينوشيت" إلا ويذكر معه ذلك الانقلاب العسكري الدامي الذي سحق حكومة سلفادور اليندي المنتخبة ديمقراطيا في العام 1973، وقتل الآلاف من أنصار الحكومة الديمقراطية والمعارضين للانقلاب العسكري، أي أنه لا يذكر إلا وتذكر معه مرحلة مظلمة من حياة تشيلي، سادتها الدكتاتورية طيلة 12 عاما، لم يرتفع كابوسها إلا في العام 1990 حين تنازل ببينوشيت عن رئاسة البلاد، ولكنه أبقى قبضته على الجيش، وعين نفسه سيناتوراً في مجلس الشيوخ محيطا نفسه بحصانة تحميه من مساءلة ماضيه الأسود·
احتفلت تشيلي أخيرا يوم الاثنين الماضي وابتهجت لدى سماع خبر وفاة الدكتاتور عن عمر يناهز الحادية والتسعين عاما بعد أسبوع من إصابته بأزمة قلبية، فقد ظل هذا الدكتاتور الذي طاردته تهم انتهاك حقوق الإنسان وارتكاب الجرائم وأخيرا تهريب الأموال الى خارج البلاد، بعيدا عن العدالة، رغم احتجازه في العام 1998 في لندن حين دخل أحد مستشفياتها، وطلبت إسبانيا تسليمه لمحاكمته على جرائمه·
ورغم إقامة العديد من الدعاوى ضده في تشيلي، ومع أن الأيام الأخيرة من حياته شهدت التفكير بتقديمه للمحاكمة بتهمة التهرب من الضرائب، وتهريب 27 مليون دولار الى حسابات سرية في الخارج، إلا أنه ظل محميا بحجة مراعاة وضعه الصحي، أي لدوافع إنسانية أنكرها هو على خصومه طيلة مدة حكمه، تلك التي حكمها بمقولة شهيرة له قال فيها "إن أية ورقة شجرة لن تتحرك في تشيلي الا إذا حركها هو"!
في 26 نوفمبر الماضي أدلى هذا الدكتاتور ببيان وقح أكد فيه أنه مسؤول عن كل ما حدث خلال فترة سيطرته، وبرر قيامه بانقلابه العسكري الدموي وهجومه العسكري على قصر الرئاسة الذي تحصن فيه "اليندي" المنتخب ديمقراطيا وتدميره على رأسه ورأس وزرائه، بأنه كان لمصلحة تشيلي ولكي تنعم بالديمقراطية!
رئيسة الحكومة الحالية المنتخبة "ميشيل باشيليت" وهي أحد الناجين من غرف تعذيب "بنيوشيت" أعلنت أن البلاد لن تعلن حداداً رسميا، وستقام للدكتاتور جنازة عسكرية ليست رسمية بالكامل·
ونقلت وكالات الأنباء أن السلطات التشيلية سارعت فور إعلان وفاة بينوشيت الى اعتقال زوجته وأربعة من أبنائه، بتهمة التهرب من الضرائب وتهريب الأموال الى البنوك الأجنبية بعد أن ظلت هذه الدعوى مرفوعة منذ العام 2004·